يضيق صدر العديد من الأمهات حين ينزوي أطفالهن ويلهون بمفردهم، في الوقت الذي يلعب فيه بقية الأطفال بشكل جماعي في الحديقة. وعندما تسأله، "لماذا لا تلعب مع بقية الأطفال؟"، يكون رده الحزين: "لا أحد يريد اللعب معي".
ينتظر الطفل الاهتمام من كل الدوائر المحيطة به، وعندما يكتشف تجاهل أحد أعضاء هذه الدوائر له، تبدأ مشكلة من نوع خاص.
تجاهُل الآخرين ذو وقع أليم على البالغين والأطفال على حد سواء، وخاصة الأطفال الذين لم يتجاوزوا الخامسة أو السادسة من عمرهم. وفي هذا الصدد، تطرَّقت الطبيبة النفسية للأطفال، إيرينا بيتروفا، في تقرير على صحيفة Shag kzdarovoy الروسية، إلى سبل التصرف حيال هذه المسألة.
1. هدايا لزملاء الفصل: النتيجة ليست مضمونة
يحاول العديد من الآباء والأمهات، الذين يرفضون الوقوف مكتوفي الأيدي، إيجاد وسيلة بسيطة لمساعدتهم على الخروج من هذه المحنة. ففي بعض الحالات، يُقدم الأهل على شراء بعض الألعاب والحلويات وتقديمها للطفل حتى يتقاسمها مع أصدقائه في الروضة. في المقابل، لا يعني قبول الأطفال لهذه الهدايا أن معاملتهم الجيدة ستدوم طويلاً.
فضلاً عن ذلك، لا يمثل شراء ملابس باهظة وأجهزة تكنولوجية متطورة الحل الأنسب لمعضلة طفلك، حيث سيتمكن من جذب اهتمام الأطفال الآخرين، لكن ذلك لن يساعده على كسب ودّهم. كما تمنع القوانين في معظم رياض الأطفال إحضار أية ألعاب من المنزل. وبالتالي، سيكون من الأفضل إيجاد سبل أخرى أكثر فاعلية لحل هذه المسألة.
2. مفاوضات مع عصابة الفصل: قواعد لعبة الأذى
في حال كان طفلك منبوذاً من قبل أقرانه، ولا يمتلك أصدقاء في رياض الأطفال، فلن يكون قرار نقله إلى مكان آخر الحل الأنسب. في المقابل، قد تتجاوز المسألة عدم رغبة الآخرين في مصادقة طفلك لتصل إلى حد الإساءة إليه أو ضربه، مما يستوجب قراراً مختلفاً من قبل الوالدين.
ومن هذا المنطلق، يجب الاهتمام بهذه الخلافات، ومحاولة التواصل مع الأطفال الذين يقومون بمضايقة طفلك، على أن يقع إشراك المربين والمدير أيضاً في خضم النقاش، بغية إيجاد حل مناسب لهذه المشكلة.
وفي حال أصرَّ بقية الأطفال على تجاهل طفلك، من الضروري التواصل مع المربي بشأن هذه المسألة، حتى وإن لم يتعرض طفلك للأذية من قبل الآخرين. وفي حين أن العاملين في رياض الأطفال يتفاعلون بشكل يومي مع مختلف الأطفال، سيتمكنون حتماً من رصد طبيعة العلاقات التي تجمعهم ببعضهم البعض، واكتشاف الأسباب الكامنة وراء نبذهم لطفلك.
نتيجة لذلك، قد تكتشف أن صفات طفلك السلبية على غرار تصرفاته العنيفة تمثل أهم أسباب انعزاله. وفي هذه الحالة، يتعين على الآباء اللجوء إلى تدابير تنطوي على أسلوب تعليمي وشرح قواعد السلوك للطفل.
3. الدعم وليس الشفقة: أنا لما كنت في سنك
على الرغم من أن تصرفات طفلك المثالية قد تكون سبباً في اعتقادك بأنه شخص اجتماعي ومُحاط بالأصدقاء، إلا أن ذلك قد يكون مخالفاً للواقع. بهدف تجاوز هذه الأزمة، حاول التخلي عن الشعور بالشفقة تجاه طفلك وقدم له الدعم الكافي، حيث لن تتسبب مشاعر الشفقة سوى في إثارة القلق داخله، فضلاً عن تقويض ثقته بنفسه. خلافاً لذلك، أكد لطفلك أنه رائع وعبّر له عن مدى حبك له. فضلاً عن ذلك، حاول أن تتحدث معه عن فوائد تكوين صداقات مع أقرانه في رياض الأطفال.
كما يستطيع الآباء الاستشهاد ببعض المواقف التي عاشوها في طفولتهم لإقناع الطفل بضرورة الاندماج في المجتمع. عموماً، يُفضّل عدم توبيخ الطفل لأنه خجول أو إلقاء اللوم عليه، لما لذلك من تأثير سلبي على نفسيته، في حين لا بد أن تثبت لطفلك أنك تشاركه مخاوفه.
4. حفل على شرف الأصدقاء: كعكة وكرتون
في بعض الأحيان، من الصعب أن يضمن الوالدان معاملة طفلهما بشكل جيد، وألا يكون مصدر خوف وتهديد بالنسبة لأقرانه. لذلك، لا يجب إلقاء اللوم على أقرانه في حال أبَوا اللعب معه. في المقابل، يجب أن يحرص الأهل على معالجة هذه المسألة بطريقة بنّاءة. فعلى سبيل المثال، ولتعزيز الروابط الاجتماعية بين طفلك وبقية أقرانه، بإمكانك إعداد الكعك في البيت على شكل شخصيات كرتونية أو شخصيات مضحكة، وحث الطفل على أخذها معه، لما لذلك من تأثير على نفسية الأطفال.
علاوة على ذلك، يمكنك تنظيم حفل داخل المنزل والسماح لابنك أو ابنتك بدعوة بعض الأصدقاء. ففي الغالب، يؤدي القيام ببعض الأنشطة المشتركة إلى نتائج إيجابية في حياة طفلك الاجتماعية. كما يمكنك دعوة الأطفال وذويهم خلال عطلة نهاية الأسبوع لممارسة المشي أو الذهاب إلى المسرح، أو شرب فنجان قهوة أو زيارة حديقة الحيوانات. بالتوازي مع ذلك، تستطيع تعليم طفلك بعض الألعاب المثيرة للاهتمام، التي من المؤكد أنها ستجذب انتباه الأطفال الآخرين، مما يساعد على تعزيز معنويات الطفل. وشجع طفلك على المشاركة في الأنشطة الرياضية والعروض المسرحية التي عادة ما تنظمها رياض الأطفال.
على العموم، في حال باءت كل هذه المحاولات بالفشل، تستطيع آنذاك اتخاذ قرار يقضي بنقل طفلك إلى فصل آخر، مع الحرص على أن يمارس هواياته المفضلة، نظراً لأن ذلك سيزيد من فرص تواصله مع أطفال آخرين ذوي اهتمامات متشابهة.
جدير بالذكر أن المبالغة في كثرة الاهتمام أو قلة الاهتمام بالطفل تؤدي لمشكلات نفسية، ففرط الاهتمام يؤدي لتربية أطفال سلبيين يلاقون صعوبة في التواصل، بينما تؤدي قلة الاهتمام إلى تربية أطفال كثيري الخجل وقليلي الثقة بالنفس، لذا وجب التوازن.