تحدث ظاهرة "الخسوف القمري" عندما يتطابق مدار القمر والأرض؛ فتحجب الأرض ضوء الشمس عن القمر. يحدث هذا عندما تصطف الأرض والشمس والقمر في خط مستقيم، تكون فيه الأرض أوسطهم والقمر مكتملاً.
نتناول في السطور التالية بعض الحقائق العلمية عن هذه الظاهرة المثيرة:
أنواعه وتواتره
يوجد نوعان من الخسوف القمري: كلي وجزئي. خلال الخسوف الكلي، لا يصل ضوء الشمس كلياً إلى القمر؛ أما خلال الخسوف الجزئي فتحجبه الأرض جزئياً، وتتمكن بعض الأشعة من الوصول إلى القمر.
يحدث الخسوف القمري في الغالب مرتين كل عام، ولا يتجاوز الثلاث مرات في السنة، ويُمكن مشاهدته من أية منطقة جغرافية على الجانب المظلم من الأرض، أي ليلاً.
أطول خسوف الكلي
قد يستغرق أطول خسوف كلي 106 دقائق، وذلك عندما يمر القمر في منتصف ظل الأرض الساقط عليه، ويصبح في أبعد نقطة من مداره حول الأرض أو قريباً جداً منها؛ لأنه عندما يكون قريباً من هذه النقطة تتباطأ حركته، ويلزمه وقت أطول لعبور ظل الأرض.
وكان خسوف القمر الكلي الذي شوهد في شرق آسيا وأستراليا، في السادس عشر من يوليو/تموز عام 2000، واحداً من أطول الخسوفات القمرية التي سُجلت على الإطلاق؛ مُسجلاً فترة زمنية قدرها 106 دقائق و25 ثانية. علماً أن الخسوف الكلي الذي حدث في الثالث عشر من أغسطس/آب عام 1859، كان أطول بـ3 ثوانٍ فقط.
التنبؤ بحدوث الزلازل
عقب وقوع زلزال "سان فرناندو"، والمعروف أيضاً باسم زلزال "سيلمار"، الذي سجل 6.7 درجة على مقياس ريختر، يوم التاسع من فبراير/شباط عام 1971، بجنوب ولاية كاليفورنيا الأميركية- حدث خسوف كلي للقمر بعدها بـ15 ساعة، فاعتقد البعض حينها أن الكسوف كان السبب.
فسر "ويليام كوفمان"، مدير مرصد "غريفيث بارك" في ذلك الوقت، أن وقوع الأرض في المنتصف بين الشمس والقمر خلال الخسوف القمري؛ جعلها تتعرض لقوة سحب في اتجاهين معاكسين تماماً، أدى ذلك في نظره إلى وقوع ضغط على الأرض، ورجح أن تكون قوة الجاذبية والمد والجزر الناجمة عن اصطفاف الأجسام الثلاثة هي السبب في حدوث الزلزال.
مع هذا، حدثت العديد من ظواهر الخسوف القمري الكلي في التاريخ الحديث، ولم يصحب سوى عدد قليل منها فقط نشاط زلزالي ملحوظ، وهي علاقة لم يحسمها العلم بعد.
القمر الدموي
تحدث ظاهر "القمر الدموي" عندما يقع القمر في ظل الأرض، ويعكس ضوء غروب وشروق الشمس اللذين يحدثان في نصفي الكرة الأرضية، يكون القمر دوماً في طور البدر، ويبدو أحمر أو نحاسي اللون وهو يمر بخسوف كلي.
يسقط الضوء المتناثر من غروب وشروق الشمس، على وجه القمر في منتصف الخسوف؛ ومن ثم يمكن إطلاق مصطلح "القمر الدموي" على أي خسوف كلي للقمر، فضلاً عن هذا يملك كل اكتمال قمر اسماً خاصاً به في الفلكلور الشعبي لبعض الثقافات، وترتبط هذه الأسماء عادةً بأشهُر أو فصول معينة من السنة.
يُمثل "قمر الحصاد" أحد أشهر هذه الأسماء، ويُطلق على اكتمال القمر الذي يحدث مع فصل الاعتدال الخريفي، أما "قمر هانتر" فيُطلق على اكتمال القمر الذي يلي قمر الحصاد مباشرةً.
كيف أنقذ الخسوف "كولومبس"؟
خلال رحلته الثالثة والأخيرة التي انطلق بها في مايو/أيار عام 1502 لاكتشاف العالم الجديد، تحطمت سفينة المستكشف "كريستوفر كولومبوس" على شاطئ جزيرة "جامايكا" في يونيو/حزيران عام 1503، وبعد نزوله في الجزيرة لم يوفَّق "كولومبوس" في التواصل مع سكانها المحليين، الذين رفضوا توفير الغذاء والمياه لطاقمه.
اصطحب "كولومبوس" معه قبل إبحاره تقويماً فلكياً، مُدرجاً به تواريخ ومدة استمرار ظواهر الخسوف القمري المتوقع حدوثها خلال الفترة بين عامي 1475 و1506، كتبه عالم الفلك الألماني الكبير "يوهان مولر".
عرف "كولومبوس" من التقويم أنه من المتوقع حدوث خسوف كلي للقمر بعد فترة وجيزة من ظهوره في مساء يوم 29 فبراير/شباط عام 1504، فهدّد سكان الجزيرة البدائيين بحرمانهم من ضوء القمر إذا استمروا في امتناعهم عن مساعدته. ومع قدوم الخسوف الكلي واختفاء القمر تدريجياً، انتاب هؤلاء السكان الذعر وصدقوا أن "كولومبوس" حجب ضوء القمر بالفعل.
تراجع سكان الجزيرة عن موقفهم على الفور، ووافقوا على مساعدته شريطة أن يُعيد إليهم القمر، فأخبرهم "كولومبوس" بموعد إعادة ظهوره، ولم تواجهه أية مشكلات معهم بعد ذلك!