بعد عقود من تضرر طبقة الأوزون نتيجة الثورات الصناعية التي شهدتها البشرية، بدأت الطبقة تتعافى تدريجياً ولكن بشكل أبطأ مما كان يتوقعه العلماء.
ويرجع الخبراء السبب لمادة تسمى "ثنائي كلورو الميثان"، وهو مركب كيميائي يستخدم بشكل متزايد مع الكلور. وأفاد باحثون بريطانيون أن نسبة تركيز هذه المادة في الغلاف الجوي ترتفع بسرعة منذ سنوات، ما يؤخر عملية تعافي طبقة الأوزون لعقود قادمة.
بدايةً، ما هي طبقة الأوزون؟
هي جزء من الغلاف الجوي لكوكب الأرض والذي يحتوي بشكل مكثف على غاز الأوزون، وهي متمركزة بشكل كبير في الجزء السفلي من طبقة الستراتوسفير من الغلاف الجوي للأرض ولونها أزرق.
يتحول فيها جزء من غاز الأوكسجين إلى غاز الأوزون بفعل الأشعة فوق البنفسجية القوية التي تصدرها الشمس.
ولهذه الطبقة أهمية حيوية بالنسبة لنا، فهي تحول دون وصول الموجات فوق البنفسجية القصيرة بتركيز كبير إلى سطح الأرض.
تعافٍ متباطئ
وفي هذا السياق ذاته، نشرت صحيفة welt الألمانية تقريراً عن فريق من الباحثين لدى جامعة لانكستر تحت إشراف الباحث ريان الحسيني، كشف أن "تأثير كلوريد الميثيلين على طبقة الأوزون ارتفع خلال السنوات الأخيرة، ما يؤخر عودتها إلى الحالة التي كانت عليها قبل سنة 1980".
وكان علماء بريطانيون أعلنوا في سنة 1985 تحديداً وجود الثقب في الطبقة خلال فصل الربيع فوق القطب الجنوبي نتيجة تفاعل الأوزون مع مادّتيْ البروم والكلور. كما تقلصت الطبقة الواقية من أشعة الشمس فوق أوروبا الوسطى بنسبة تقارب 10%.
اتفاق مونتريال لحماية الأوزون
وفي سنة 1987، أمضت 200 دولة على اتفاقية مونتريال المتعلقة بحماية طبقة الأوزون. وبمقتضى هذه الاتفاقية، تم التّقليص من استخدام انبعاثات مركبات الكلوروفلوروكربون سنة 1989 لتُمنع كلياً سنة 1996.
ومنذ ذلك الوقت، تعافت طبقة الأوزون بصفة تدريجية، علماً أن التقديرات السابقة أكدت أنها ستعود إلى الحالة التي كانت عليها قبل سنة 1980 في منتصف القرن الحالي.
ولم تشر الاتفاقية وقتها إلى مادة "ثنائي كلورو الميثان"، باعتبارها غير ضارة لعدم تحللها بسرعة. وعلى الرغم من ذلك، تدخل هذه المادة إلى الغلاف الجوي الطبقي أو "الستراتوسفير"، الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 15 كيلومتراً من سطح البحر.
ووفقاً للخبراء، تضاعف تركيز مادة ثنائي كلورو الميثان في الغلاف الجوي خلال الفترة الممتدة بين 2004 و2014، ما أدى إلى زيادة الانبعاثات الصناعية خاصة في آسيا، وبالتحديد في الهند بما يقارب الأطنان في السنة.
32 عاماً على الأقل للتعافي
وأورد الباحثون أن "ارتفاع نسبة ثنائي كلورو الميثان في الغلاف الجوي قد يؤدي إلى نسف مكتسبات اتفاقية مونتريال، وبالتالي تأخير تعافي طبقة الأوزون فوق القطب الجنوبي لقرون قادمة"، بحسب صحيفة welt الألمانية.
فيما وضعوا 3 سيناريوهات محتملة للمستقبل:
التئام طبقة الأوزون في أفق سنة 2049، إذا انخفضت نسبة هذه المادة الكميائية.
التئام طبقة الأوزون سيتأجل إلى حدود سنة 2065، أي بعد 48 عاماً، وذلك إذا استمر انتشار المادة بنفس وتيرة الفترة الممتدة بين 2004 و2014.
وأما إذا ما تواصل ارتفاع نسبة هذه المادة الكيميائية بنفس وتيرة الفترة الممتدة بين 2012 و2014، فإن تعافي طبقة الأوزون قد يتأخر إلى حدود سنة 2080، أي سيستغرق الأمر 63 عاماً.