“معركة القمر” بدأت ببيع حقيبة آرمسترونغ.. فهل تملك البشرية حقّ الإتجار بالفضاء؟

في الذكرى الـ 48 لصعود رائد الفضاء الأميركي نيل آرمسترونغ إلى القمر، بيعت حقيبة مليئة بالصخور القمرية تعود إلى رحلة الفضاء "أبولو 11" في مزاد سوثبي مقابل 1,8 مليون دولار. ويُعتَبَر تاريخ الحقيبة مثيراً للاهتمام؛ فقد باعتها الحكومة الأميركية عن طريق الخطأ في العام 2015، ثم حاربت المشتري، وهي المحامية نانسي لي كارلسون لاستعادتها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/21 الساعة 10:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/21 الساعة 10:12 بتوقيت غرينتش

في الذكرى الـ 48 لصعود رائد الفضاء الأميركي نيل آرمسترونغ إلى القمر، بيعت حقيبة مليئة بالصخور القمرية تعود إلى رحلة الفضاء "أبولو 11" في مزاد سوثبي مقابل 1,8 مليون دولار.

ويُعتَبَر تاريخ الحقيبة مثيراً للاهتمام؛ فقد باعتها الحكومة الأميركية عن طريق الخطأ في العام 2015، ثم حاربت المشتري، وهي المحامية نانسي لي كارلسون لاستعادتها.

وبحسب تقرير نشرته وكالة Bloomberg الأميركية فقدت الأجهزة الفيدرالية هذه الحقيبة في العام 2016، بتنازلها عنها لنانسي التي باعتها الخميس 20 يوليو/تموز 2017 لقاء 1,8 مليون دولار.

الجدال القانوني في هذه القضية يتعلَّق بالتصرف في عنصر ثقافي هام تعتقد وكالة "ناسا" أنه لا ينبغي أن يتملَّكه أفراد. وكرد فعلٍ على المزاد، حثت منظمة "من أجل البشرية جمعاء" غير الربحية، الأمم المتحدة على حماية مواقع الهبوط الستة لرحلات "أبولو 11" ومقتنيات الرحلة مثل الحقيبة.

نيل آرمسترونغ


وقالت المحامية الأميركية ميشيل هانلون التي تقود هذا الجهد إن "ما يتعين علينا فعله هو إنشاء جهة دولية لحماية الفضاء".

وبقدر أهمية تأمين هذه الحقيبة التي تعد من رموز الغزوة الأولى للقمر، تعد هذه المعركة القانونية بمثابة مثال صغير على الاستغلال المُحتَمَل للقمر في المستقبل.

وبما أن المزيد من الدول والشركات تخطط لإرسال بعثات إلى القمر، فإن مبعث القلق الحقيقي لن يكون من الشخصيات التي ترتاد الفضاء ولكن من التأثيرات الناجمة عن العديد من عمليات الهبوط على سطح القمر أو عمليات التعدين الضخمة.

وبحسب وكالة Bloomberg الأميركية، فإن الأساس القانوني الأساسي للنشاط الفضائي هو معاهدة الفضاء الخارجي التي وقعت في العام 1967، والتي يديرها مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي في فيينا.


وتحافظ بنود الاتفاق على الفضاء خالياً من جميع مطالبات الملكية أو السيادة الوطنية – بالإضافة إلى الأسلحة النووية -، كما تحصر استخدام القمر والهيئات القضائية الأخرى في الأغراض السلمية (وقعت الولايات المتحدة عليها).

وفي العام 1979، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القمر التي تنص على أن الموارد الطبيعية للقمر "تراث مشترك للإنسانية"، وأنه ينبغي على هيئة دولية جديدة أن تحكم استخدام تلك الموارد "لأن هذا الاستغلال على وشك أن يصبح مجدياً" (الولايات المتحدة ومعظم البلدان التي لديها برامج فضاء لم توقع على تلك الاتفاقية).

وقد أصدرت بعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة ولوكسمبورغ، قوانين للاعتراف بالملكية القانونية للموارد التي تجمعها الشركات الخاصة في الفضاء. وقالت هانلون إنه بينما قد يختلف علماء القانون حول ما إذا كانت هذه القوانين تتعارض مع بنود معاهدة الفضاء الخارجي ضد الاستيلاء الوطني، فإن النقطة واضحةٌ: الكثير من الدول ورجال الأعمال لديهم خطط ضخمة للفضاء، مع كون القمر مجرد واحد من العديد من الآفاق التجارية والعلمية.

وعلى بعد ما يقرب من 239 ألف ميل، يعد القمر هدفاً كبيراً، لكنه قريب نسبياً، فهو غني بالهيليوم وغيره من الموارد. وتخطِّط 5 دول على الأقل لاستكشافه ببعثاتٍ بشرية، وتتطلَّع الصين إلى تقييم إمكانات استخراج الهليوم – 3، وهو نظير غير إشعاعي للوقود النووي نادر على الأرض لكنه وفير في القشرة القمرية.

وقالت هانلون لوكالة Bloomberg الأميركية، "سيكون من الرائع إجراء هذه المناقشات، لكن في الوقت الحالي، لا يوجد أي شيء".

وبدأت هذه المناقشات على الرغم من الإشارة إلى بقايا الاستكشافات السابقة. فقبل 6 سنوات، بالتزامن مع الذكرى السنوية لرحلة "أبولو 11″، نشرت وكالة "ناسا" وثيقةً شاملةً بعنوان "كيفية حماية والحفاظ على القيمة التاريخية والعلمية للآثار القمرية المملوكة لحكومة الولايات المتحدة" لتقدم ضمانات لمشاريع القمر في المستقبل.

وقالت الوكالة إنها "تعترف بالقدرات التقنية المتزايدة باطراد للكيانات التجارية والدول التي ترتاد الفضاء في جميع أنحاء العالم، وتقر كذلك بأن الكثيرين على وشك إنزال مركباتٍ فضائية على سطح القمر".

واقترحت "ناسا"، على سبيل المثال، إنشاء سياج حدودي صناعي بمساحة 75 متراً حول بقعة إنزال "أبولو 11". وهذه التوصيات، بالطبع، ليست ملزمة قانوناً.

وفي العام 2013، أصبحت الصين الدولة الثالثة التي تحقِّق هبوطاً سلساً على سطح القمر. ثم قام برنامج الفضاء الوطني الصيني باستكشاف القمر من خلال عربة فضائية على مدار أكثر من عامين.

وتُخطِّط الصين أيضاً لإطلاق مسبار "تشانغ 5″، في وقتٍ لاحق من هذا العام أو في العام المقبل 2018، ثم إعادة العينات إلى الأرض. وتعتزم الصين إجراء عملية هبوط لإنسانٍ على سطح القمر بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الجاري.

الجدير بالذكر أن الهند صمَّمَت بعثة "تشاندرايان – 2" لإنجاز الهبوط السلس على سطح القمر في العام 2018، في حين يقول إيلون ماسك المدير التنفيذي لشركة "إسبيس إكس" أن لدى الشركة عقد اثنين من السائحين إلى القمر في العام 2018.

أيضاً في العام المقبل، ستقدم مسابقة جائزة "غوغل إكس" القمرية 30 مليون دولار للفرق التي يمكن أن تطلق مركبةً فضائية وتهبط وتتجوَّل بنجاحٍ على سطح القمر. وقال مسؤولو الجائزة أنه من المُرجَّح أن يحصل أحد المنافسين على الأقل على هذه الجائزة.

أما اليابان وروسيا، فهما يفكران ملياً في إرسال بعثات بشرية إلى القمر، وحتى أميركا تقول إنها قد تخطِّط للعودة إلى القمر، إذ أنه من غير المُرجَّح أن تدعم ميزانيةُ "ناسا" الاستكشافَ البشري للمريخ في أي وقت قريب.

وبالعودة إلى العام 1969، قام طاقم "أبولو 11" بزرع علم أميركي ولوحة على سطح القمر يقول نصها: "جئنا من أجل السلام للبشرية جمعاء". لكن ليست اللوحات هي فقط ما تركته وكالة "ناسا"، فهناك الكثير من المعدات وغيرها من النفايات على القمر، بما في ذلك علب الطعام والبطانيات والكاميرات. (وهناك أيضاً عددٌ قليلٌ من كرات الغولف ألقاها قائد أبولو 14، آلان شيبارد، على سطح القمر في عام 1971).

وتركت بعثة "أبولو 15" نصباً تذكارياً صغيراً من الألومنيوم لتكريم رواد الفضاء الأميركيين ورواد الفضاء السوفييت الذين لقوا حتفهم في سعيهم لاستكشاف الفضاء.

ويرغب منظمو فعالية منظمة "من أجل البشرية جمعاء" في منع تسويق التراث الثقافي للفضاء الخارجي، بالقدر الذي تمنع فيه القوانين الداخلية الإتجار في الآثار الهامة.

وقالت هانون، التي تنهي دراسةً قانونيةً مُتقدِّمةً في معهد قانون الجو والفضاء التابع لجامعة ماكغيل لتتحول إلى ممارسة قانون الفضاء "تخيَّل ما ستفعله حقيبة نيل آرمسترونغ، هذه هي أنواع الأسئلة التي لا يفكر فيها أحد. نحن لا نريد أن تعود الروبوتات بالقطع الأثرية لبيعها".

وبطبيعة الحال، إذا كان بعض مستكشفي القمر المستقبليين أو الشركات الضخمة تود إفساد "قاعدة الهدوء" على سطح القمر أو الأعلام التي زرعها رواد الفضاء في رحلة أبولو، والتي صارت بيضاء الآن، فلن يكون المنع سهلاً شأنه في ذلك شأن الهبوط الآمن على سطح القمر.

قد تكون محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة مكاناً لحل النزاعات، لكن من غير الواضح أين يمكن التقاضي في الواقع بشأن الممتلكات الثقافية أو التجارية على سطح القمر. تقول ميشيل: "ليس هناك شك في أن القانون الدولي يشهّر ويحذّر من هذه المسألة".

هذا الموضوع مترجم عن وكالة Bloomberg الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد