حذَّر فرع الاتحاد الأميركي لموظفي الولايات، والمقاطعات، والبلديات في ولاية ميشيغان من وجود تهديدٍ باحتلال وظائف الاتحاد، ليس من المهاجرين، ولا من الروبوتات، بل من الماعز، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.
وبعد أن استأجرت جامعة ميشيغان الغربية مجموعةً مكوَّنةً من 20 عنزة لتنظيف الأرض من الأعشاب الضارة والأغصان المكسورة، قدَّم الاتحاد الأميركي لموظفي الولايات، والمقاطعات، والبلديات تظلُّماً يدَّعي فيه أنَّ العمل الذي تؤديه الماعز في قطعة أرضٍ مُشجَّرة يأخذ الوظائف من عمال الاتحاد المُسرَّحين"، وفقاً لما نشرته صحيفة ديترويت فري برس الأميركية.
إذا لم تكونوا قد انتبهتم لذلك، فاستئجار الماعز صار مألوفاً جداً في المسطحات الخضراء حالياً. فبفضل شهيتها الشرهة، يمكنها تنظيف الأراضي من الأعشاب الضارة والأغصان المكسورة في المناطق التي يجد البشر صعوبةً في الوصول إليها، فضلاً عن كونها ألطف على البيئة من المعدات الثقيلة أو المواد الكيميائية الخاصة بالمسطحات الخضراء، وتأكل الماعز أي شيءٍ حرفياً، بما في ذلك نبات اللبلاب السام، بحسب الصحيفة.
تهديد قادم
وإذا كنتم أصحاب نقابةٍ تُمثِّل العمال الذي يعملون في جزّ العشب وتنظيف الأراضي من الأغصان المكسورة لكسب قوت يومهم، يمكنكم رؤية تهديدٍ قادمٍ من مسافة قريبة، حتى لو قيل لكم إنَّ هذا التهديد ما هو إلا حيوان بقرنين و4 أرجل، ويبدو رائعاً إذا ارتدى سترة.
تقول واشنطن بوست إن تحذير الاتحاد الأميركي لموظفي الولايات، والمقاطعات، والبلديات يدفعنا إلى التفكير في أمرٍ مهم، وهو عدد الوظائف التي تواجه خطراً بالفعل من ارتفاع معدلات عمل الماعز في المسطحات الخضراء. ونورِد في ما يلي تقديراً مُبسَّطاً تقريبياً ولم يعُد مهماً كثيراً للتأثير المُحتَمَل لعمل الماعز على القوى العاملة في الولايات المتحدة، هل أنتم مستعدون؟
أول شيءٍ نحتاج إلى فعله – حسب الصحيفة – هو حساب مساحة الأرض التي يمكن لكلٍ من الإنسان والعنزة تنظيفها في فترةٍ زمنية محددة. سنفترض أنَّ الإنسان يستخدم جراراً مزوَّداً بقاطعة دورانية أحادية المحور، إذا كان عرض القطع يساوي 72 بوصة (حوالي 182 سنتيمتراً)، يمكن أن تتعامل القاطعة مع شجيراتٍ يصل قطرها إلى بوصتين (حوالي 5 سنتيمترات)، وهذا مثاليّ لنوع الأشجار المتشابكة الخشنة التي غالباً ما تُستخدم الماعز في تنظيفها.
وبفرض أن الموظف يُشغِّل الجرار بسرعة 3.5 ميل في الساعة، ووفقاً لحسابات الجزِّ في موقع Tractordata.com، وهو مستودع معلوماتٍ لجميع الحسابات الخاصة بالجرارات، يجب أن يكون هذا النظام قادراً على تنظيف حوالي 18 فداناً من الأرض في يومٍ عمل مدته 8 ساعات.
وبطبيعة الحال، هناك حرفياً المئات من العوامل الخارجية التي يمكن أن تؤثر على هذا الرقم. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك عاملٌ تابعٌ لشركة مسطحات خضراء ولا يستخدم سوى أداة تشذيبٍ يدوية، لن يتمكَّن من تنظيف المساحة المذكورة في الفقرة السابقة. وقد تتطلَّب الأراضي الخشنة أو المتنوعة أداة قطعٍ أصغر، وقد تسمح لك الأراضي الأنعم بإنجاز العمل في وقتٍ أقصر.
لكن هذا الرقم يبدو وكأنه تقديرٌ جيد متوسط لما يستطيع شخصٌ واحدٌ إنجازه بعقلانية، بالإضافة إلى أنَّه قريبٌ من التقديرات التقريبية لمعدلات تنظيف المسطحات الخضراء التي ينشرها العاملون في هذه المهنة على عدة منتديات عبر الإنترنت.
أما بالنسبة للماعز، فوفقاً لكتيب "Using Goats for Brush Control as a Business Strategy – استخدام الماعز للسيطرة على الأغصان المكسورة كاستراتيجية عمل"، الذي نشرته الجمعية التعاونية في جامعة أركنساس، فإن "هناك قاعدةً عامة تقول إنَّ كل 10 عنزاتٍ قادرة على تنظيف فدان واحدٍ في نحو شهر". وفي بعض الأحيان قد يتطلَّب الأمر عدداً أكبر أو أقل من الماعز، لكن يبدو أنَّ هذا هو المتوسط.
نحتاج الآن – وفق واشنطن بوست – إلى توحيد الفترة الزمنية للمقارنة بين أرقام البشر والماعز. فإذا كان شخصٌ واحدٌ قادراً على تنظيف 18 فداناً في اليوم، كم عدد الفدادين التي يمكنه تنظيفها في الشهر؟
سنفترض أنَّه عاملٌ عادي يأخذ عطلات نهاية الأسبوع، وبالتالي سيصبح عدد أيام العمل الفعلي 20 يوماً (أو 4 أسابيع من 5 أيام عمل)، وهذا يجعل إجمالي الفدادين التي يمكن لشخصٍ واحدٍ تنظيفها في شهر 360 فداناً، مقارنةً بفدانٍ واحدٍ يمكن لعشر عنزاتٍ تنظيفه في المدة نفسها. وبضرب 360 في 10 للحصول على عدد الماعز المكافئ لشخصٍ واحد للقيام بالعمل نفسه، سيصل الناتج إلى 3600 عنزة.
في شهرٍ واحد، يمكن لنفس العامل تأدية عملٍ مكافئ لـ3600 عنزة. أرأيتم أيتها الماعز! الإنسان يسيطر! لكن مهلاً، كم عدد الماعز العامل بالضبط في الولايات المتحدة؟
الإجابة المؤسفة عن هذا السؤال هي أننا "لا نعرف". تُصدِر وزارة الزراعة الأميركية إحصاءاتٍ سنوية لأعداد الماعز في البلاد. لكنها لا ترصد سوى الفئات الفرعية، مثل اللحوم، ومنتجات الألبان، والمنتجات التي يُحصَل عليها من الماعز عادةً، ولا تضم الابتكارات الجديدة، مثل الماعز المستخدمة في إزالة الأعشاب الضارة، أو ماعز اليوغا، أو الماعز المستخدمة في العلاج، أو تلك المستخدمة في حمل الحقائب.
ومع ذلك، يشير تقرير وزارة الزراعة الأميركية الصادر في سبتمبر/أيلول من عام 2005، إلى أنَّ الماعز يمكن استخدامها في عدة أغراض. وأضاف التقرير أنَّه "نظراً إلى أن المنتجين يمكن أن يتقاضوا أجراً مقابل رعي الماعز في المناطق المضطربة، يبدو أنَّ هناك تضافراً لإجراء هذا النوع من العمليات مع إنتاج منتجات الألبان أو اللحوم (أو ما يُطلق عليه طفل السوق). ويمكن للمنتجين الحصول على مستحقاتٍ مقابل رعي الماعز ثم بيع صغارها، أو منتجات الألبان، وبذلك، يستفيدون مرتين من قطيع الماعز الذي يرعونه".
لذلك، دعونا نفترض السيناريو الأسوأ، كم عدد الوظائف التي ستواجه خطراً إذا عَمِلت كل عنزةٍ من الماعز المستخدمة في إنتاج اللحوم والألبان في تنظيف المسطحات الخضراء كوظيفة إضافية؟ وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية، كان هناك حوالي 2.5 مليون عنزةٍ لإنتاج اللحوم والألبان في بداية عام 2017، وإذا قُسِّمَ هذا الرقم على 3600، يمكن تحديد عدد وظائف تنظيف المسطحات الخضراء من الأغصان المكسورة التي قد يفقدها البشر لصالح الماعز.
ثم اقسم هذا العدد مرةً أخرى على اثنين، لأننا نفترض أن تنظيف المسطحات الخضراء من الأغصان المكسورة يحدث في موسم النمو فقط (من مايو/أيار حتى أكتوبر/تشرين الأول، أو نصف العام)، وستحصل على تقدير عدد وظائف الدوام الكامل المكافئة التي يشغلها بشرٌ والمُهدَّدة من الماعز في عامٍ نموذجي، ستجد الناتج حوالي 347 وظيفة.