ربما قد سمعت أن رحلات طيران في جنوب غربي أميركا قد مُنعت من التحليق بسبب موجة الحر الشديدة، التي جعلت درجات الحرارة تصل إلى 120 فهرنهايت.
درجات الحرارة الشديدة تؤثر على الطائرات بطرق مختلفة. أولاً هناك آثار أيروديناميكية. الهواء الساخن أقل كثافةً من الهواء البارد، وبذلك تنتج الأجنحة طاقة رفع أقل. ويتضاعف ذلك بسبب انخفاض إنتاج المحرك، بحسب مقال للطيار بارتيك سميث، نُشر على موقع Business Insider.
محركات الطائرات أيضاً لا تحب الهواء منخفض الكثافة، ولا تعمل جيداً في الطقس الحار. هذا ما يعني ارتفاع سرعة الإقلاع والهبوط، الذي بدوره يزيد من طول المدرج المطلوب. كما يعرقل معدلات التحليق.
تتطلب معايير الأداء قدرة الطائرة على التحليق بأمان بعد فشل المحرك، وهذا قد لا يكون ممكناً. وتكون المحركات أيضاً مُعَرَّضَة لدرجات حرارة داخلية محددة، كدرجة حرارة غازات العادم وما إلى ذلك. ولا يُسمح للمحرك بالعمل مع درجات أدنى من تلك الدرجات المُحددة. وعندما يكون الجو بالخارج حاراً جداً، يكون من السهل تجاوز هذه الحدود.
يحصل الطيارون على ورقة مطبوعة قبل كل إقلاع، مفصلٌ بها عوامل الوزن، والطقس، وطول المدرج، وهكذا دواليك. تصل هذه المعلومات عادة قبل الدفع بالطائرة عن طريق وصلة البيانات داخل قمرة القيادة. وتشمل أيضاً سرعات الإقلاع التي سنستخدمها، والتوجيه اللازم وضبط زوائد الأجنحة، وما إلى ذلك. ويتحقق الطيارون من أن كل شيء صحيح.
تعتمد الحسابات التي تنتج هذه الأرقام على الرسوم البيانية المعلنة للأداء. وفي بعض الأحيان، فوق درجات حرارة معينة لا تكون هناك بيانات متاحة. وبذلك، في هذه الحالة لا يكون الإقلاع خياراً متاحاً.
هناك درجات حرارة لا يمكن تجاوزها
بعد ذلك، لديك التأثيرات الأكثر بساطة والملموسة أكثر: كارتفاع درجة حرارة الإلكترونيات، وزيادة درجة حرارة الفرامل، ومشاكل في تبريد المقصورة، وهلم جراً. تمتلك الطائرات الكثير من الآلات الداخلية والكثير منها تُدار ساخنة كي يكون تشغيلها مُمكِنًا. ضعها في درجة حرارة من ثلاثة أرقام، وكل شيء سيبدأ في الانهيار. كما لا يمكن للطيارين تناسي التأثير على معدات الدعم الأرضية والأشخاص الذين يعملون بالخارج.
تكون الغرامات على الحمولات الزائدة أكثر شيوعاً خلال الطقس الحار، لأن الطائرة لا يمكن أن تقبل حمولة كاملة من الركاب أو البضائع. وتختلف القيود حسب درجة الحرارة وطول المدرج وعوامل أخرى. نادراً ما يحدث منع تام للرحلات من الإقلاع، ولكن في بعض الأحيان لا يكون هناك الكثير من الخيارات.
يمكن القول إن هناك قيوداً صارمة وأخرى أكثر ليونةً. القيود الأيروديناميكية أكثر ليونة. وذلك لأنه من غير الممكن أن نعرف على وجه اليقين إمكانية إقلاع الرحلة بأمان، حتى يمكنك توفيق الأرقام. على الجانب الآخر هناك درجات الحرارة القصوى المحددة بواسطة الشركة المصنعة، التي لا يمكن تجاوزها. وهي إما أن تكون عنصراً محدداً أو للطائرة بشكل عام. لا يسمح لطائرات معينة بالتحليق فوق درجة حرارة محددة- عادةً في حدود 120 درجة فهرنهايت.
هذه ليست المرة الأولى التي ألغيت فيها الرحلات الجوية بسبب درجة الحرارة، ويمكن أن نتوقع أن يحدث ذلك بمعدل أكبر، لأن تغير المناخ يسبب المزيد من الظواهر الجوية الغريبة، بما في ذلك موجات الحرارة المفرطة. سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف يؤثر هذا على شركات الطيران الخليجية على وجه الخصوص -الاتحاد للطيران والخطوط الجوية القطرية والإماراتية- التي تقع مطاراتها الرئيسية في واحدة من أشد المناطق سخونة في العالم.
لحسن الحظ بالنسبة لهم، العديد من رحلاتهم طويلة المدى تصل وتغادر في خِضمّ الليل، عندما يكون الجو أبرد نسبياً، ولكن بالتأكيد لديهم الكثير ليخسروه إذا كانت درجات حرارة الصيف، التي هي بالفعل أعلى من 100 درجة، ستبدأ في أن تكون أكثر سخونة.
جدير بالذكر أن درجات الحرارة المرتفعة في الخليج هذه الأيام تسببت في صدور تحذيرات من جانب الحكومات، كالكويت، حيث أعلنت بلدية الكويت عبر حسابها الرسمي على تويتر، الإثنين 3 يوليو/تموز، أن دفن الموتى سيكون خلال فترة المساء بعد العشاء، ولمدة 7 أشهر، بعدما كان يتم بعد صلاتي الظهر والعصر، وذلك بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.
كما أدى الطقس الحار أيضاً إلى غوص إحدى المركبات في المملكة العربية السعودية في الإسفلت الذي ذاب من شدة الحرارة.