بحثاً عن مساعدة لجدتها المريضة في غابات سيبيريا المتجمدة.. طفلة تبلغ 4 أعوام تعيدنا بالذاكرة لـ “ليلى والذئب”

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/15 الساعة 08:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/15 الساعة 08:41 بتوقيت غرينتش

رُفِعت طفلةٌ تبلغ من العمر أربعة أعوام إلى مراتب الأبطال في جمهورية توفا الروسية، بعد أن سارت أميالاً في بريّة سيبيريا المتجمدة، باحثةً عن مساعدة لجدتها المريضة، بينما تم فتح قضية جنائية ضد والدتها.

كانت سالانا سالشاك تعيش مع جدّها وجدّتها في مزرعتهما، الواقعة في عمق غابة تايغا، بالقرب من الحدود المنغولية، التي تبعد أكثر من 12 ميلاً عن أقرب قرية، وخمسة أميال عن أقرب جارٍ للمزرعة، وفقاً لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.

في الشهر الماضي استيقظت الطفلة لتجد أن جدتها البالغة من العمر 60 عاماً لا تتحرك. وبعد أن تحدَّثت مع جدها الأعمى، قرَّرت السير إلى أقرب منزل لهم طلباً للمساعدة، وفقاً للتقارير الإخبارية المحلية.

لم تأخذ الطفلة ذات الأربعة أعوام معها سوى علبة الكبريت، في حال اضطرت إلى إشعال النار، وارتحلت في ظلام الصباح الباكر، وسط درجة حرارة بلغت 34 درجة مئوية تحت الصفر.

استمرت الرحلة عدة ساعات، قطعت فيها الطفلةُ خمسةَ أميال على طول ضفة النهر وسط الكثبان الثلجية. ولحسن الحظ، لم تَعلَق الطفلة في الثلج، الذي يبلغ في كثير من الأحيان مستوى الصدر، ولم تواجه أياً من الذئاب التي كانت تهاجم ماشية جديها أحياناً.

وقال سيميون روبتسوف، رئيس مجموعة البحث والإنقاذ الإقليمية لصحيفة "كومسومولسكايا برافدا": "إنَّ توفا مليئة بالذئاب التي تأكل الماشية، والرعاة يعانون بسببها. كان يمكن للفتاة بكل سهولة أن تلقى قطيعاً من الذئاب في ذاك الظلام".

وبعد مسيرة خمسة أميال مرهقة، كادت سالانا أن تمر من أمام منزل أحد الجيران، دون أن تلحظه بسبب الشجيرات، لولا أن لمحها أحدهم. واستدعى الجيران أطباء القرية، ليطمئنوا على صحة الطفلة أولاً، قبل أن يشقوا طريقهم إلى منزل جديها. وهناك اكتشفوا أن جدتها قد ماتت إثر نوبة قلبية.

وقالت سالانا للصحيفة الروسية، إنَّها لم تكن خائفة وهي تسير في رحلتها عبر الغابة وحدها، وإنَّها "استمرت في المشي، والمشي أكثر، حتى وصلت إلى هناك". لكنها اعترفت بأنَّها شعرت بالبرد وأنَّها كانت "جائعة جداً".

ورغم أنَّ سالانا أصيبت بالزكام، إلا أنها تعافت منه بسرعة في المشفى المحلي، وتعيش الآن في مركز اجتماعي، حيث احتفلت للتو بعيد ميلادها الخامس.

وقد وصفتها وسائل الإعلام المحلية بـ"البطلة"؛ حيث كتب موقع "توفا أونلاين" عن موقف سالانا الاستثنائي: "لا يمكنك بسهولة إدهاش سكان مقاطعة تيري-خولسكي النائية بقصص استثنائية عن التايغا. ومع ذلك، فقد أدهشت الحادثة التي وقعت قبل عدة أيام الجميعَ في مركز المقاطعة، حتى القدامى منهم".

وترعى والدة سالانا وزوج أمها قطيعاً من الخيل الخاص بهما، في جزء آخر من المنطقة.

وكانت وزارة السياسة الاجتماعية قد عرضت على الطفلة بعد عودتها من الرعي، في مايو/أيار الماضي، القيام برحلة مجانية إلى مصحة مع والدتها إليونورا.

وفتحت لجنة التحقيق في توفا قضية جنائية ضد إليونورا سالشاك، والدة سالانا، الأحد 12 مارس/آذار، بتهمة تعريض قاصر إلى الخطر.

وقالت اللجنة في بيانٍ لها: "كانت (الأم) تعرف أن جدَّيَّ الطفلة يفتقران إلى القدرة على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة الطفلة".

وإذا أُدينَت الأم في القضية، فقد تواجه عقوبةً بالسجن مدةً تصل إلى سنة.

وقالت اللجنة إنَّها تحقق أيضاً في تصرفات مسؤولي السياسة الاجتماعية في الحي الذي تقطن به الطفلة.

وتعيد قصة الطفلة سالانا، ذات القبعة الحمراء إلى أذهاننا، قصة "ليلى والذئب". تلك الطفلة التي طلبت منها والدتها أن تأخذ الطعام إلى بيت جدتها، وحذرتها بألا تكلّم أحداً في طريقها، إلا أنها صادفت ذئباً، واحتال عليها بمكره وحاول إلحاق الأذى بها وبجدتها، قبل أن تستنجد بحطّاب وينجح في إنقاذهما.

الناشطة والصحفية في العاصمة الإقليمية كيزيل، سايانا مونغوش، قالت في حديثها للغارديان، إنها صُدمت عندما علمت أنَّ الجدين ليس لديهما أي هاتف أو اتصال بشبكة الإنترنت، "خصوصاً أنَّ وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، وهو من مواطني توفا، قد روَّج سابقاً لحفريات أثرية في قلعة قديمة تقع بهذه المنطقة".

وأضافت: "حتى في عهد الاتحاد السوفيتي، كان للرعاة في توفا امتيازات (مادية) واتصالات لاسلكية. لكن الآن في القرن الـ21 اضطرت طفلة تبلغ من العمر أربعة أعوام إلى الذهاب إلى جيرانها سيراً على الأقدام، فقط لأنَّه لا يوجد أي اتصال. هذا هراء، والجريمة لا تقع على والدة الفتاة، بل على السلطات".

وتشتهر توفا، وهي جمهورية ذات كثافة سكانية منخفضة ومليئة بالغابات الوعرة والجبال والسهول، بالغناء الحَلقي التقليدي، والممارسات الدينية الشامانية القديمة، التي تتعايش جنباً إلى جنب مع البوذية.

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد