تحتفل ويكيبيديا -أكبر موسوعة حرة في العالم- في يوم 15 من شهر يناير/كانون الثاني الجاري بالذكرى 16 لانطلاقها، الموسوعة التي استطاعت تقديم بديل مجاني لمصادر المعرفة التقليدية، يستطيع أي شخص قراءتها بحرية ونسخها، وإعادة نشرها واستخدامها دون أي قيود.
إنجازات تغطي الكوكب
قَدّمت ويكيبيديا، منذ نشأتها في عام 2001 خدمة عظيمة للبشرية، من خلال فهرسة الإنجازات الإنسانية، وتقديم المساعدة لكثير من الطلاب، الذين يجدون صعوبة مع المهمات المدرسية ذات المواعيد النهائية.
ولا تزال ويكيبيديا تناضل لتحقيق ذلك دون أي إعلانات تجارية، متفقة بذلك تماماً مع الهدف الذي حدده مؤسّسوها، جيمي ويلز ولاري سانجر، ويلز الذي يريد أن يمتلك كل شخص على هذا الكوكب حرية الوصول إلى المعرفة.
وتعتبر واحدة من أنجح المشروعات في عصر الإنترنت، إذ صُمّمت للسماح لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت بإضافة المعلومات وطرحها عن أي شخص، أو مكان أو شيء، أو فكرة في موسوعة هائلة على الإنترنت، بهدف تكوين تراكم كبير لهذه البيانات، أكثر من أي شيء جُمِع في أي وقت مضى من قِبل شخص واحد، أو فريق من الباحثين.
أُضِيفَت على ويكيبيديا -حتى كتابة هذا التقرير- ما يزيد على 41 مليون مقال، في قرابة الـ 300 لغة، منها ما يزيد على 5 آلاف و328 مليون مقال باللغة الإنكليزية، من خلال ما يَقرب من 100 ألف من المتطوعين شهرياً، يساهمون بنشاط في بناء محتوى ويكيبيديا من مختلف أنحاء العالم.
وتمتلك مؤسسة ويكيميديا، وهي مؤسسة خيرية غير ربحية بسان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأميركية، موسوعة ويكيبيديا، وتكرس جهودها في تشجيع التطور والتنمية، والتوزيع الحر متعدد اللغات للمحتوى التعليمي المجاني.
أهمية طبية
تعد ويكيبيديا من أكثر المواقع استخداماً في الحصول على المعلومات الصحية على مستوى العالم، إن لم تكن الأكثر على الصعيد العالمي؛ إذ أعلن الدكتور جيمس هايلمن، في مجلة البحوث الطبية على الإنترنت، وصول المحتوى الطبي عبر ويكيبيديا، نهاية 2013، إلى 155 ألف مقال مزود بـ 950 ألف مرجع طبي، ووصلت الزيارات للمحتوى الطبي لـ 4.88 مليارات زيارة في عام 2013.
ويتجاوز عدد زيارات موقع ويكيبيديا زيارات المتصفحين لموقع منظمة الصحة العالمية، والمعاهد الوطنية الصحية، والموقع الطبي الشهير WebMD، واكتشف جيمس في دراسته أن ويكيبيديا كانت المصدر الأول للمعلومات الطبية على شبكة الإنترنت، خلال ذروة تفشي مرض الإيبولا مؤخراً في غرب أفريقيا.
الأطباء أيضاً يستخدمونه
ما يثير القلق حقاً أن الطواقم الطبية تتردد على موقع ويكيبيديا من آن لآخر، فقد أظهرت الدراسات، وفق صحيفة الديلي ميل البريطانية، أن 70٪ من الأطباء وطلاب الطب يعترفون باستخدام ويكيبيديا مرجعاً، وشدد الباحثون على ضرورة منع الأطباء وطلاب الطب الذين يستخدمون ويكيبيديا مرجعاً طبياً، من القيام بذلك؛ لاحتمال وجود أخطاء.
أول ما يلجأ إليه المرضى
عندما تواجه مشكلة طبية لا تعرف تفسيرها، فقد تفضل البحث عبر الإنترنت، وعلى موقع ويكيبيديا الذي يبدو أسهل وأسرع، للحصول على إجابة بدلاً من الانتظار للحصول على موعد مع الطبيب، وهذا ما وجده الباحثون؛ فواحدة من كل أربع نساء بريطانيات تشخص خطأً نفسها عبر شبكة الإنترنت، ثم تشتري المنتج الخطأ في محاولة لعلاج مرضها.
ويقول الخبراء إن البحث عبر الإنترنت وويكيبيديا أول ما تتوجه له النساء بأسئلتها الصحية، لكنه نادراً ما يوفر تشخيصاً دقيقاً.
يحذر الدكتور روبرت هاستي، من جامعة كامبل في الولايات المتحدة، من الاعتماد على ويكيبيديا في التشخيص الطبي، وأضاف أن أفضل طريقة لتشخيص حالتك الصحية هي التحدث مع طبيبك، الذي يأخذ في الاعتبار تاريخك الطبي، وعوامل أخرى لتحديد أفضل مسار للعلاج.
ما يعيب ويكيبيديا
قد تلائمك ويكيبيديا إذا كنت تبحث عن بعض المعلومات السريعة ذات مخاطر منخفضة، والتي لا يترتب عليها تأثيرات سلبية، لكن حينما يرتبط الأمر بالبحث العلمي والأمور الطبية، فالوضع مختلف.
تحذر جامعة هارفارد من الاعتماد على ويكيبيديا في البحوث الأكاديمية؛ إذ يساهم في كتابة المعلومات في ويكيبيديا وتغييرها أي شخص يرغب في ذلك، مع عدم أخذ الخبرة في المجال عين الاعتبار.
ويمكن للمستخدمين قراءة المعلومات التي ينشرها شخص ليس خبيراً في هذا المجال، أو من قبل شخص يرغب في تقديم معلومات خاطئة.
فمع أن ويكيبيديا ليست مصدراً موثوقاً للبحوث الأكاديمية، لكن لا يعني هذا عدم استخدام المراجع الأساسية في مقالات ويكيبيديا؛ إذ تشتمل في كثير من الأحيان على مراجع قوية وثرية، تستطيع من خلالها معرفة المعلومات الأساسية، للتعرف على السياق العام للموضوع الذي تبحث عنه.
تظل أعظم وأخطر موسوعة عالمية
في الواقع، ربما يوجّه بعض المعلمين أو المدربين طلابهم إلى قراءة مقالات في ويكيبيديا عن بعض المفاهيم العلمية، باعتبارها وسيلة في بداية التعلم لاستيعاب هذه المفاهيم؛ لذا تحث كاثرين ستون، المحاضرة بلانكستر في إنكلترا، الطلاب على تطوير قدراتهم في تحليل طبيعة المواد في ويكيبيديا، لتحقيق الاستفادة الصحيحة من هذه الموسوعة الهائلة.
لا تزال ويكيبيديا تتربع على عرش الموسوعات الحرة، التي تقدم المعرفة بشكل مجاني لمن يبحث عنها، من خلال أكبر قاعدة بيانات تشاركية مفتوحة المصدر حول العالم، فمع أي سلبيات أو تحديات يعرضها الأكاديميون وتوضحها الأبحاث، مكّنت الموسوعة العالمية من إتاحة المجال أمام الباحثين عن المعرفة حول العالم وبشكل مجاني.