أعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية تعيينها إماماً جديداً لمسجد قصر هونكار التابع لمتحف أيا صوفيا في مدينة إسطنبول، ورفع الأذان في مآذنه الأربع، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة شهد المعلم السياحي الهام خلالها العديد من التغييرات.
وفتحت تركيا مسجد قصر هونكار الذي شيّده السلطان العثماني محمود الأول، أمام المصلين عام 1991. ولم يُرفع الأذان في المسجد منذ إعادة فتحه أمام المصلين، حيث اعتمدت السلطات التركية منذ ذلك الوقت على مؤذن جامع السلطان أحمد في المنطقة ذاتها لرفع الأذان المشترك بين المسجدين.
وحُولت كاتدرائية أيا صوفيا التي تعتبرها منظمة اليونسكو واحدة من الآثار التاريخية المنتمية إلى الثروة الثقافية العالمية، إلى مسجد عقب فتح السلطان محمد الفاتح القسطنطينية (إسطنبول) عام 1453، وظلت كذلك حتى عام 1935، حين تمَّ تحويلها متحفاً إلى يومنا هذا.
ورفع الأذان في متحف أيا صوفيا للمرة الأولى بعد 85 عاماً من الانقطاع، خلال برنامج استثنائي نظمته رئاسة الشؤون الدينية التركية في وقت سابق من هذا العام، في خطوة أثارت جدلاً دولياً واسعاً تعرضت خلالها السلطات التركية لانتقادات كبيرة.
وأكد عرفان استونداغ، مفتي بلدية الفاتح في إسطنبول، أن أبواب "قصر هونكار" كانت مفتوحة أمام المصلين خلال الصلوات الخمس، وأن تعيين الإمام جاء لتسهيل إقامة الصلاة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن أعداد المصلين تصل في الأيام العادية إلى 100 مصلٍّ وإلى 300 في يوم الجمعة.
وقال استونداغ إن المسجد شهد خلال عيد الأضحى الماضي إقامة صلاة العيد فيه لأول مرة خلال الأعوام الماضية، مضيفاً أن المسجد لا يزال يستقبل العديد من السياح إما للصلاة أو حتى لاكتشافه.
وبدوره ذكر الإمام أوندر سوي بعد تعيينه إماماً للمسجد، أن رفع الأذان من خلال مآذنه يحمل دلالات معنوية كبيرة، مؤكداً في الوقت ذاته المكانة التاريخية التي يحظى بها المكان للعديد من الطوائف في العالم.
وأقامت رئاسة الشؤون الدينية التركية، في أبريل/نيسان 2015، معرضاً كبيراً في متحف آيا صوفيا، تحت عنوان "النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في ذكرى مولده الـ1444″، ضمن فعاليات أسبوع المولد النبوي الشريف، افتُتِح بتلاوة آيات من القرآن الكريم داخل الجزء الداخلي للمتحف، للمرة الأولى منذ إغلاقه بصفة مسجد.
ومن المتوقع أن يثير هذا الخبر غضب الغرب، خاصة السلطات اليونانية، التي طالما انتقدت خلال الأشهر الأخيرة العديد من الفعاليات التي أقامتها رئاسة الشؤون الدينية التركية والتي كان أبرزها جلسة لتلاوة القرآن داخل متحف أيا صوفيا، بالإضافة لفعالية السحور الرمضاني التي نُظمت في باحات المتحف في رمضان الماضي. ووصفت السلطات اليونانية الفعاليات التي أقامتها السلطات التركية في المكان بفعاليات مشجعة على التعصب، على حد تعبيرها.
بُنيت كاتدرائية أيا صوفيا عام 537 م كأهم معلم سيادي للإمبراطورية البيزنطية، وبقيت عنواناً لقوة الدولة الرومانية الشرقية، إلى أن فتح السلطان العثماني محمد الفاتح القسطنطينية عام 1453، حيث حولها إلى مسجدٍ يرمز أيضاً إلى قوة الدولة العثمانية وسطوتها. وفي عام 1934 حوّل مصطفى كمال أتاتورك الرئيس الأول للجمهورية التركية أيا صوفية لمتحف فني استقبل ملايين السياح منذ ذلك الحين قبل أن يفتتح في الجزء الخلفي من المتحف مسجد تقام فيه الصلاة ويرفع فيه الأذان في عهد حزب العدالة والتنمية.
الجدير بالذكر أن جمعية تسمى "شباب الأناضول" نظمت في 31 مايو/أيار 2014 فعالية لصلاة الفجر في ساحة المسجد تحت شعار "أحضر سجادتك وتعال"، وذلك في إطار حملة داعية إلى إعادة متحف أيا صوفيا إلى مسجد.
وكانت الجمعية قد ذكرت أنها قامت بجمع 15 مليون توقيع للمطالبة بإعادة المتحف إلى مسجد. إلا أن مستشار رئيس الوزراء وقتها قد صرح بأنه لا نية لتغيير الوضع الحالي لأيا صوفيا، حتى رفع فيه أذان الفجر فجر أمس في حدث يعتبر تاريخياً.