بعد 3 أيام من انطلاق مسابقات الألعاب الأولمبية، جذبت الصحافة قصة مختلفة عن المعتاد، إنها قصة رامي أنيس – البالغ من العمر 25 سنة – السباح ضمن فريق اللاجئين في أولمبياد ريو 2016.
فقد سجل أنيس رقماً قياسياً شخصياً جديداً في سباقات 100 متر حر، حيث أنهى السباق في 54.25 ثانية.
وأشار تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية إلى أنه عقب هذه النتيجة لم يصدر أحد من مركز الألعاب الرياضية المائية صيحات استهجان واعتراض، وأصبح لديهم ما يشغل بالهم غير ما أصابه السباحون الروس وما أخطأوا به، والطريقة التي تدار بها اللعبة.
وحسب التقرير فإنه في ليلة الثلاثاء 9 أغسطس/آب 2016، قالت يوليا إيفموفا صاحبة المركز الثاني في سباق 100 متر: "في الأولمبياد، تتوقف جميع الحروب والصراعات"، وبعدها شبهت ما تختبره في هذه الأثناء بأنه "حرب باردة جديدة". ربما عليها أن تحاول الوصول لأنيس وتسأله عما يرى حيال هذا الأمر.
أحد أفضل السباحين السوريين
ترعرع أنيس في مدينة حلب، وعُرف بكونه سباحاً مجتهداً. تعلّم أساسيات السباحة على يد عمه ماجد الذي شارك في سباقات عدة حاملًا اسم بلاده سوريا. ثم تعلم المزيد والمزيد من المشاهدة الدقيقة لفيديوهات مايكل فيليبس على يوتيوب.
مثل عمه ماجد أنيس كان رامي أنيس أحد أفضل السباحين في سوريا، وتم اختياره للمنافسة في أولمبياد 2012.
ولكن بعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، قررت أسرته الرحيل، ليلحقوا بأخيهم الكبير إلى إسطنبول. لم يكن يعلم حينها أنه لن يعود أبدًا، ولهذا لم يأخذ معه سوى حقيبة صغيرة تحوي ما يكفيه من الملابس لمده شهر، لم يظن أبدًا أن المدة ستزيد على هذا. وانتهى الأمر بأنه خارج البلاد منذ حوالي 4 سنين.
تدرب أنيس في أحد أندية إسطنبول، خلال فترة إقامته هناك. ولكن لكونه لا يحمل الجنسية التركية لم يتمكن أنيس من المشاركة في مسابقات السباحة الكبرى.
ونقل تقرير الغارديان عن أنيس قوله: "كان الأمر مثل أن تدرس وتدرس وتدرس، ثم لا تستطيع الدخول للامتحان"، هكذا شبه أنيس فترة تدريبه في إسطنبول.
وعندما رحل مدرب أنيس رأى هو الآخر أن عليه الرحيل، اتجه هو وأخوه الصغير نحو بلجيكا حيث يعيش أبوه في أحد معسكرات اللاجئين هناك. ولكن هذا الأمر يعني أنه سيترك أمه وأخاه الكبير في إسطنبول!
مشوار الهجرة
بدأ مشوار الهجرة برحلة ليلية في أحد القوارب المتجهة إلى جزيرة ساموس اليونانية من الشواطئ التركية. كان أنيس مرتديًا ملابس السباحة الخاصة به تحسبًا لأي شيء.
وفي عرض البحر، توقف محرك القارب الذي يحمل 40 شخصًا، حاول أنيس أن يحثهم على الغناء سويًا لكي يقللوا من توترهم. وبعد عناء نجح القارب أخيرًا في الوصول. توقفوا لمدة ساعة ثم بدأت الرحلة الطويلة عبر القارة الأوروبية.
وبعد 10 أيام من السفر بالحافلات والقطارات، وصلوا إلى مدينة جنت، حيث التقى أنيس مدربته الجديدة كارين فيربافين، في نادي جنت الملكي، التي شاركت في الألعاب الأولمبية مرتين عامي 1976 و1980.
منتخب اللاجئين
عندما قرر أنيس أن يجهز للالتحاق بمنتخب اللاجئين بذلت كارين معه مجهودًا مذهلًا حتى يتمكن من العودة لمستواه الذي انحدر بسبب قلة التمرينات. كانا يعملان لمدة 17 ساعة أسبوعيًا. كان أمرًا استحق العناء.
عندما تم اختياره من قبل لجنة الألعاب الأولمبية، قالت كارين: "لو لم يغادر سوريا، ولم تقم أية حروب هناك، لتم اختياره ضمن الفريق السوري، أظن أنه من العدل التحاقه بالفريق ومشاركته في الألعاب".
وأضافت: "ليس من المتوقع له أن يصل لنصف النهائيات، ولهذا عليه التركيز على تحقيق رقم قياسي شخصي جديد". و بعد مرور 8 أسابيع كان هذا ما تم بالضبط.
بعد انتهاء السباق ارتسمت على شفتيه ابتسامة واسعة وكان سعيدًا حقًا بما حققه. وبدأ بالتفكير في الألعاب الأولمبية القادمة وصرح "في 2020 أتمنى أن أنافس حاملًا علم بلادي".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.