من مكان تقيّد فيه الحريات إلى فضاء يطلق فيه العنان للإبداع السينمائي، تجربة فريدة من نوعها عاشها نزلاء السجن المدني لمحافظة المهدية شرق تونس، حيث تحوّل الفضاء السجني إلى ورشة لصناعة السينما على مدار السنة كان فيها السجناء أبطالاً لأفلام ينتجونها بأنفسهم.
سعي عن نظرات أخرى – تأمُّل صُوَرِ السجنعرض و نقاش – # أفلام تجريبية من انتاج المساجينUne première séance de travail …
Posted by LES YEUX DE L'OUIE Tunisie on Saturday, April 2, 2016
وحول تفاصيل هذه التجربة يقول محمد الدخلاوي، أحد المساهمين في هذه الورشة السينمائية داخل سجن المهدية لـ"عربي بوست"، إن "المشروع انطلق منذ شهر مارس 2015 بمشاركة جمعية "عيون السمع" وهي جمعية فرنسية متخصصة في المجال السينمائي ولها تجارب في إنتاج أفلام داخل السجون الفرنسية وأرادت أن تنقل التجربة لتونس وقد وقع الاختيار على السجن المدني بمحافظة المهدية نظراً لطبيعة محكوميات السجناء داخله، حيث إن أغلبهم صدرت في حقه أحكام طويلة بالسجن".
اختبارات التجارب لاختيار السجناء
التجربة انطلقت بإجراء كاستينغ لاختيار السجناء حيث ترشح نحو 50 سجيناً ووقع الاختيار على 12 فقط فيمن تتوفر فيهم الشروط والمؤهلات المناسبة لخوض تجربة الإنتاج السينمائي.
ويشدد الدخلاوي في هذا الصدد على أن مقاييس الاختيار لم تتعلق بتاتاً بمستوى تعليمي أو انضباط داخل السجن بل فيمن وجدت لديه رغبة في ممارسة هذا النشاط الثقافي وقدرة على التعبير والإبداع.
هروب من جدران الزنزانة
تفاعل السجناء مع ورشة الإنتاج السينمائي بحسب الدخلاوي فمنهم من اعتبر هذا النشاط بمثابة متنفس لهم عبر قضاء أكثر وقت خارج الزنازين، ومع مرور الوقت كبرت فيهم الرغبة في التعلم وتحوّل حب الاطِّلاع إلى شغف بالعمل السينمائي لا سيما وأن ورشة الإنتاج السينمائي تنشط يومي الخميس والجمعة بشكل أسبوعي دون انقطاع.
إنتاج فيلمين قصيرين
"حكايات من الحيط" و"اضطراب" هي ثمرة ورشة الإنتاج السينمائي داخل سجن صنعت بأنامل السجناء تحت إشراف الأساتذة وترصد هذه الأعمال التجريبية انفعالات وأحاسيس هؤلاء الشباب داخل السجن وكيف يرون مستقبلهم وأحلامهم.
"حكايات من الحيط" … هي حكايات اخترقت صمت الجدران ولونت عتمة السجن بألوان اختار السجناء إظهارها للعالم…هي أذان ترى وع…
Posted by Direction Générale des Prisons et de la Rééducation on Wednesday, November 25, 2015
الدخلاوي أشار في ختام حديثه، أن السجناء يعملون حالياً على إنتاج فيلم ثالث سيرى النور يوم 27 أبريل/ نيسان الجاري وسيتم عرضه بإحدى قاعات السينما في تونس حتى يطلع عليه الجمهور.
وأضاف أن "سلوك هؤلاء تغير مقارنة بأول يوم وطأت أقدامهم الورشة أصبحوا أكثر تفاؤلاً وأقل عنفاً في سلوكهم، كما طغى الإحساس الفني على إحساس السجين".
يذكر أن الورشة السينمائية داخل السجن المدني بالمهدية شارك فيها ثلاثة مؤطرين تونسيين لهم تجربة في المجال السينمائي، وهم كمال رقية مخرج سينمائي يعيش في فرنسا وخير الدين بن حليمة ومحدثنا محمد الدخلاوي.