أرملة جزائرية تحدّت الإرهاب فأصبحت أول صيادة رسمية في البلاد

بعدما قتل الإرهاب زوجها الصياد، لم تجد أرملة جزائرية سبيلاً لتربية أيتامها إلا من خلال خوض غمار الصيد البحري، لتصبح أول صيادة جزائرية تتحدى البحر وتنتصر عليه وعلى شبح الجوع والتشرد.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/14 الساعة 02:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/14 الساعة 02:52 بتوقيت غرينتش

بعدما قتل الإرهاب زوجها الصياد، لم تجد أرملة جزائرية سبيلاً لتربية أيتامها إلا من خلال خوض غمار الصيد البحري، لتصبح أول صيادة جزائرية تتحدى البحر وتنتصر عليه وعلى شبح الجوع والتشرد.

فعلى بعد 20 متراً فقط عن زرقة البحر، تستقر السيدة كريمة دايخي بالحي الجديد ببوهارون غرب العاصمة الجزائر. ورغم أعوام عمرها الـ 59، فإن كريمة استطاعت أن تنتصر على كل العوائق وتتسلح بعزيمتها ومساعدة أولادها فتؤمن ليوم آخر وجبات طعامهم ومصاريفهم، بما تيسر لها.


الإرهاب قتل زوجها.. لا عزيمتها


تعود دايخي سنوات إلى الوراء، وتحديداً إلى العام 1994، عندما اغتال مسلحون زوجها أمام ناظريها فحولت المشهد إلى دافعها للحياة من جديد.

ومنذ ذلك الحين تكفلت الأرملة بتربية أولادها الأربعة، إضافة إلى تبني 3 أيتام. وبعدما استفاقت من صدمتها، قررت اقتحام "عالم البحار" في نقلة نوعية من الخياطة وصناعة الحلويات التي كانت تمتهنمها في السابق.

وبحكم أن الزوج ترك زورق صيد كان مورد رزقه، فكان هذا الزورق سبيلها إلى تلبية طلبات عائلتها المتنامية والوصول بهم إلى بر الأمان.

أول جزائرية تحصل على سجل بحري


بداية المغامرة البحرية للسيدة دايخي، طبقاً لما ذكرته لـ "عربي بوست"، لم تكن اعتباطية، بل دُراست بدقة عالية، فالتحقت سنة 2007 بالمعهد المتخصص في التكوين للصيد البحري.

وأوضحت، "تقدمت بطلب استخراج سجل بحري يمكنني من استغلال السفينة وامتهان الصيد، وبالفعل قُبل الطلب وكنت أول امرأة جزائرية تحصل على هذه الرخصة" وذلك في العام 2010.

امرأة بين 1200 رجلاً


وقالت دايخي إنها درست في المعهد المتخصص للصيد البحري، وسط 1200 رجلاً، وكانت المرأة الوحيدة، ورغم ذلك "كنت من الأوائل، وقدمت مجهوداً دراسياً جيداً يشهد له الطاقم الإداري والتعليمي"، على حد قولها.

وأوضحت، "في البداية، استقبل الجميع خبر انضمامي إلى دفعة الصيد البحري بغرابة شديدة، خاصة الأساتذة، لكن سرعان ما زالت هذه الغرابة مع مر الأيام".

وأضافت "أما بالنسبة للعائلة والأولاد، لم يتقبل الجميع فكرة دخولي عالم الصيد البحري، لكن سرعان ما استقرت الفكرة وتحول المعارضون إلى داعمون".

تخصصها أبو سيف والجمبري



كأقرانها من الصيادين، تبدأ مغامرة كريمة نحو أعالي الجبال، تحت دجى الليل، غير آبهة بما يظنه الآخرون.

وبمساعدة ولديها، تعود عند الفجر إلى اليابسة، ومعها صيد في الغالب يكون وفيراً، تبيع نصفه للعامة بعد الفرز، والبقية للمطاعم الفخمة التي تتعامل معها.

تصطاد دايخي أنواعاً مختلفة من الأسماك، لكنها تركز في الغالب على السلمون أبو سيف، وكذا الجمبري.

ومن المغامرات الخطيرة التي اختبرت قوتها، تقلب الجو ذات ليلة شتوية، حيث بات ارتفاع الأمواج يعلو السفينة بأكثر من 5 أمتار، فظنت أنها ستموت بلا محالة. ومنذ تلك اللحظة، "أصبحت أهاب البحر، فأخرج للصيد تارة في الليل وتارة في النهار".

طباخة ماهرة


وإضافة إلى كونها صيادة من الدرجة الأولى، تشتغل دايخي نهاراً كرئيسة مطبخ معروف بميناء بوهارون، حيث تشرف على تحضير وصفات السمك.

وتؤكد بأن زوار المطعم يقصدونه من ولايات بعيدة عن تيبازة، طالبين أطباقها.

لكن حلم كريمة الحقيقي هو امتهان نسيج شباك الصيد، المهنة التي ما زالت حكرا على الرجال حتى الآن.


في انتظار سفينة الرئيس


وتعلق السيدة الجزائرية آمالاً كبيرة على مشروع الإنعاش الاقتصادي، الذي أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في العام 2003، بحيث يتم توزيع سفن صيد على الصيادين.

وتقول، "طلبت سفينة بطول 18 متراً. رفضت وزارة الصيد البحري حينها بحجة انعدام سجل بحري، لكن وبعد إتمام الملف بهذه الوثيقة لا يزال الحلم حبيس أدراج الوزارة".

وعلى أمل توزيع إعانة الرئيس قريباً، تستمر كريمة في الخروج ليلاً للصيد والعمل نهاراً في المطعم، فتخط دون أن تعرف قصة كفاح غير عادي لامرأة استثنائية.

علامات:
تحميل المزيد