يعد تلوين الرسوم والنقوش على الأطباق النحاسية من أروع الفنون الشرقية إبداعاً، وتستوحى رسومها غالباً من الحضارة الفرعونية والتراث الإسلامي، وتحديدا في مصر، حيث ما زالت هذه المهنة تتحدى تطورات الزمن والآلات والماكينات الدقيقة، لكن للعمل اليدوي رونق مميز يدرك سياح مصر جيداً قيمته الأصلية.
"هافنغتون بوست عربي" جالت في شوارع وكالة "أود باشا" التاريخية في القاهرة، والتي يبلغ عمرها 337 عاما. ورغم حالة الإهمال التي تعانيها، إلا أنها ما زالت تقدم فناً نادراً يقبل عليه السياح في مصر تقديرا للجهد والإبداع الذي تخطه أنامل الرسامين.
وفي أحد محلات الوكالة يجلس طارق اللول خلف مكتب بني اللون، مستندا بذراعيه عليه مزهوا بنفسه، يمسك في يمينه فرشاة للتلوين، ويحمل برفق على راحة يده اليسرى طبقا من النحاس كتب عليه: "قل أعوذ برب الفلق".
يقول طارق: "الإقبال الأكبر عادة على الشغل الفرعوني عشان الأجانب، لكن الشغل الإسلامي في مواسم بتحكمه زي موسم رمضان أو الحج أو إجازة الصيف عندما يكثر القادمون من دول الخليج".
ورث طارق اللول تلك المهنة عن أبيه وقضى فيها 35 عاماً من عمره متمسكا بها، فهو يرى أنها مهنة ممتعة لمن يتقنها، كما أنها غير مكلفة لمن يملك موهبة الرسم والتلوين، إذ كل ما يتطلبه الأمر كرسياً صغيراً ومكتباً وفراشي تلوين بأحجام مختلفة، والحبر _من نوع روبيدو_ وأطباق النحاس وطبعا مكاناً صغيراً في الأرض الشاسعة.
سلع سياحية
يمضى "اللول" يومه منكباً على أطباقه النحاسية، يلون الرسومات بمنتهى الدقة والعشق، متمنياً عودة الأجانب إلى مصر "عشان أي حاجة بتحصل في البلد بتأثر فينا، شغلنا كله مرتبط بالسياحة".
فالصنعة، كما يراها، لم تعد كسابق عهدها وتمر حالياً بأزمة حقيقية، موضحا "الصنايعي بقى عملة نادرة في سوق النحاس، كل واحد بعد ثورة يناير راح يدور على شغلانة تانية عشان السياح قلوا في البلد".
وبينما تخلي بعض دول العالم رعاياها من مصر خوفا على حياتهم بعد حادث سقوط الطائرة الروسية في شرم الشيخ، ينكب طارق على الرسومات على أمل أن يتحقق حلمه بتأسيس رابطة تلم كل حرف النحاس والارابيسك والصدف "تجيب لنا حقنا وتحمينا، والسياحة تشتغل وما توقفش تاني".