تبحث عن فرحتها التي تأجلت نحو عامين ونصف العام، في زيارتها للسجون الإسرائيلية تارة، وفي الاعتصامات التضامنية مع الأسرى تارة أخرى، إنها الفلسطينية "سيما متولي" التي باتت "عروساً مع وقف التنفيذ"، بسبب اعتقال خطيبها "فادي حمد".
فادي الذي يعد من أبرز نشطاء الكتلة الإسلامية (الذراع الطلابية لحركة حماس)، في الجامعات الفلسطينية بالضفة الغربية، ورئيس مجلس طلبة جامعة "بيرزيت" (قرب رام الله)، بدأ مسيرته مع الاعتقالات منذ عام 2004، حيث احتجز سبع مرات لدى الاحتلال الإسرائيلي، ومرات أُخر لدى الأمن الفلسطيني.
تقول سيما (27 عاماً) من رام الله: "تمت خطبتنا بداية فبراير/شباط 2013، وكنا قد اتفقنا أن نتزوج بعد 7 أشهر، لكن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل فادي بعد ثلاثة أشهر من خطبتنا، وأمضى 26 شهراً في الاعتقال الإداري، خاض خلالها إضراب الأسرى الإداريين عن الطعام".
فرحة ما تمت
وما أن أفرجت السلطات الإسرائيلية عن فادي حتى تم تحديد تاريخ 30 أغسطس/آب الماضي موعداً للزفاف، إلا أن جهاز المخابرات العامة الفلسطيني قام باعتقاله لمدة 38 يوماً، وفق خطيبته.
وعقب الإفراج عنه من قبل الجانب الفلسطيني، تم تحديد يوم الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2015 (الذي صادف أمس الجمعة) موعداً للزفاف، لكن الفرحة لم تتم، بعد أن أقدمت قوة إسرائيلية على اعتقال فادي قبل هذا الموعد بيومين. تتنهد العروس وتقول: "يريدون كسر فرحتنا، لكن لن يكون لهم ذلك".
وبينما كانت تتفقد ما أعددته عائلة خطيبها من حلويات للزفاف، مضت سيما في حديثها قائلة: "رغم الألم إلا أنني لم أضعف، ولن أندم يوماً على قبول الزواج بفادي، وأشكر الله على ذلك".
وتستطرد: "فادي يستمد قوته منا، من صبرنا، وتحملنا للمصاعب".
حلم الهدوء والسكن مع الزوج
سيما التي تقول إنها كانت تحلم ببيت هادئ مع زوجها، يسكنه الفرح والهدوء، وإنجاب الأطفال، لفتت إلى أن حلم فادي كان فرحته بزفافه، والحصول على عيش كريم، ووظيفة بعد أن أنهى دراسة البكالوريوس في إدارة أعمال من جامعة بيرزيت، التي استغرقت 8 سنوات بدلاً من 4، بسبب الاعتقالات، قبل أن يبدأ مؤخراً دراسة الماجستير، بالجامعة نفسها.
عُرس رمزي
وفي إصرار منها على نزع السعادة أقامت عائلة فادي، نهاية أغسطس/آب الماضي (التاريخ الذي كان محدداً للزفاف)، في بلدة بيرزيت، عرساً رمزياً، بينما كان هو معتقلاً في سجون الأمن الفلسطيني، طالبت خلاله بالإفراج عن نجلها.
ومنذ أسبوع ووطفة حمد، والدة العريس المعتقل – كما تفضل تسميته – تغني وترقص مع جاراتها، فرحاً بعرس فادي، الابن الثاني للعائلة، وله خمس أخوات، واثنان من الإخوة.
الأم تستعد وتنتظر
تقول الأم: "أعددت الحناء، والحلويات، وحجزنا كل شيء، رقصت وغنيت في البيت، فرحاً بقدوم حفل زفاف فادي، لكن قدّر الله وما شاء فعل".
وتمضي متنهدة: "يريدون كسر عزيمتنا، لكننا نصبر ونحتسب، فعزاؤنا أنه ظُلم من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية، واليوم هو أسير في السجون الإسرائيلية. هذا فخر لنا".
وبحسب والدته التي "تعوّدت على ذلك، صابرة محتسبة"، فإن هذا الاعتقال الأخير هو السابع لفادي لدى الإسرائيليين.
حناء العرس
تمسك والدة العريس بحناء حفل زفاف نجلها، وتكمل حديثها: "سيخرج يوماً ويتزوج، هذه حياتنا ستمضي، وسنجد فسحة من الفرح والأمل".
ورغم ما أصابها، تبدو العائلة بمعنويات مرتفعة، إلا أن الوالد لم يقدر على حبس دموعه، فيبكي وترتجف يداه وهو يتحدث مع الأناضول: "فادي كان محبوباً عند الجميع، ولدي برفع الرأس". ويردف قائلاً: "الحمد لله، سيأتي يوم يخرج فيه فادي ويتزوج".
الخوف من الاعتقال الإداري
وتخشى عائلة حمد من تحويل نجلها للاعتقال الإداري من جديد. وهو الاعتقال الذي يتم بقرار توقيف من دون محاكمة، لمدة تتراوح بين شهر و6 أشهر، ويجدد بشكل متواصل لبعض الأسرى، وتتذرع إسرائيل بوجود ملفات "أمنية سرية" بحق المعتقل الذي تعاقبه بالسجن الإداري.
وتتهم حركة حماس الأمن الفلسطيني بالضفة الغربية باعتقال ناشطيها ومؤيدها في الضفة الغربية، إلا أن الأخيرة تؤكد على لسان الناطق باسمها عدنان الضميري، أنها لم تعتقل أي مواطن على خلفية سياسية، مشيرة إلى أنها تعتقل كل من يخالف القانون، ووفق القانون.