يُعتبر عقاب الأطفال بعد قيامهم بفعل خاطئ من بين أسهل الطرق التي يلجأ لها الأهل من أجل التأديب، إلا أن الطرق المستعملة لا تكون دائمًا مُناسبة، خصوصًا إذا كانت بالضرب أو الحبس في الغرفة، أو أي شكل من أشكال التعنيف المختلفة.
إلا أن هذه الطريقة غالبًا ما تزيد من عصيان الطفل، أو يكون لها بعض الصدمات النفسية، فتصبح عملية التربية صعبة فيما بعد.
كما أنه لا أحد من الوالدين يريد أن يجد نفسه في مثل هذا الموقف أمام أطفاله، خصوصًا عند التفكير في أن هذه الطريقة لن تساعد أبدًا.
ولحسن الحظ، هناك طرق أخرى أكثر فعالية وأحدها هو الانضباط الإيجابي، وهذا ما تشير إليه أستاذة العمل الاجتماعي للطفل والأسرة بجامعة أكسفورد الأمريكية لوسي كلوفر، حسب ما نشرته تقرير صادر عن "unicef"، الذي يتحدث عن طريقة العقاب المناسبة للأطفال بعيدًا عن العنف.
الانضباط الإيجابي.. كيف ذلك؟
إن السبب وراء تعنيف الأطفال عند محاولة عقابهم يكون بالدرجة الأولى هو فقدان الأعصاب، والتوتر الشديد من تصرفاتهم، التي لا تكون في الأساس مقصودة.
والدليل على ذلك هو الصراخ والضرب الذي يحدث بشكل فجائي، لكن عند عدم التحكم فيه، فإنه في النهاية لا يوصل لأي نتيجة، كما أنه يضر أكثر مما ينفع على المدى الطويل.
الصراخ والضرب المتكرر يمكن أن يؤثر سلبًا على حياة الطفل بأكملها، ويمكن أن يؤدي "الضغط السام" المستمر الذي يخلقه إلى مجموعة من النتائج السلبية مثل زيادة فرص قلة التركيز في الدراسة، والاكتئاب، وتعاطي المخدرات، والانتحار، وأمراض القلب.
تقول كلوفر: "عندما نعلم أن شيئًا ما لا يعمل، فهذا سبب وجيه جدًا للبحث عن نهج مختلف، من أجل الوصول إلى النتيجة المطلوبة."
لذلك بدلاً من العقاب بالتعنيف والضرب أو الصراخ، يركز نهج الانضباط الإيجابي على تطوير علاقة صحية مع طفلك وتحديد التوقعات حول السلوك، ما يجب معرفته هو الطريقة المناسبة لذلك، من أجل إيجاد طريقة عقاب صحيحة.
طرق التعامل مع الطفل.. امتدح الإيجابيات
كآباء، غالبًا ما نركز على سلوك أطفالنا السيئ ونتحدث عنه بشكل كبير، لدرجة أن التركيز يصبح عليه أكثر من أي شيء آخر، لذلك يصبح هذا السلوك السيئ عبارة عن وسيلة من الطفل من أجل جذب الانتباه، بدلًا من القيام بشيء آخر أفضل.
لذلك يجب معرفة أن الأطفال يزدهرون بالثناء، ويجعلهم يشعرون بالحب وأنهم محط اهتمام، ولهم قيمة كبيرة بين عائلتهم.
لذلك يجب الحرص على المدح في الإيجابيات، كلما قاموا بشيء جيد، حتى وإن كان بسيطًا، ولا يعتبر مهمًا لدرجة كبيرة، مثل الرسم، أو اللعب دون شغب.
وضع توقعات واضحة
إن إخبار طفلك بما تريد أن يفعله بالضبط هو أكثر فعالية بكثير من إخباره بما لا يجب عليه فعله، أي عندما تطلب منه ألا يحدث فوضى، أو أن يكون لطيفًا في التعامل، فهو لا يفهم بالضرورة ما المطلوب منه القيام به.
لذلك يجب أن يتم إعطاء الطفل التعليمات بشكل واضح، مثلًا، بدل أن تطلب منه التوقف عن رمي الألعاب على الأرض، يمكن طلب ترك الألعاب في مكانها واستعمال فقط عدد محدود منها، وهكذا سيكون قادرًا على تنفيذ الطلب، دون الحاجة إلى الصراخ أو الغضب.
لكن من المهم وضع توقعات واقعية، وهي التي يستطيع الطفل فهمها، وتطبيقها، ولا تكون أكبر من مستوى فهمه، ودرجة استيعابه.
صرف الانتباه عن الأخطاء بشكل لطيف
عندما يواجه الطفل صعوبة في القيام بشيء ما، فإن تشتيت انتباهه بنشاط أكثر إيجابية يمكن أن يكون استراتيجية مفيدة له من أجل عدم التركيز على الخطأ مرة أخرى.
إذ إنه عندما يتم صرف انتباههم نحو شيء آخر، عن طريق تغيير الموضوع، أو تقديم لعبة، أو قيادتهم إلى غرفة أخرى، أو الذهاب في نزهة، يمكنك تحويل طاقتهم بنجاح نحو سلوك إيجابي مختلف عن السابق.
إذ إن الإلهاء يتعلق أيضًا باكتشاف الأمور التي كانت يمكن أن تكون خاطئة عندما تكون على وشك أن تسوء، واتخاذ الإجراءات اللازمة، وهي من بين طرق عقاب الأطفال.
ما هي طرق عقاب الأطفال غير العنيفة؟
جزء من تعليم الطفل، وتلقينه بشكل صحيح، هو إعلامه أنه إذا قام بشيء ما غير جيد، فقد يحدث شيء ما نتيجة لذلك على شكل عقاب.
لذلك يجب تلقين هذا المفهوم للطفل منذ الصغر، من خلال عملية بسيطة تشجع على السلوك الأفضل مع تعلم المسؤولية.
إذ يمكن اعتماد مجموعة من الطرق التي تدخل في خانة العقاب، إلا أنها لا تضر بصحته النفسية، أو الجسدية، وتجعله سريع التعلم، وقادرًا على فهم الخطأ من الصواب.
من بين هذه الطرق، نجد كل من:
- منحه وقتًا لفهم الخطأ وإعادة تصحيحه بالشكل المطلوب
- سحب بعض الامتيازات منه، مثلًا تقليل ساعات اللعب، أو منعه من تناول بعض الأشياء
- تحمل مسؤولية الخطأ وفهم أنه شيء غير جيد