تُعَدُّ المهارات الحركية جزءًا أساسيًا من تطور نمو الطفل، وتشمل مجموعة واسعة من الأنشطة التي تتطلب التنسيق بين الدماغ والعضلات، مثل الزحف، والمشي، والإمساك بالأشياء، والتوازن.
إلا أن بعض الأطفال قد يواجهون تأخرًا ملحوظًا في اكتساب هذه المهارات، مما قد يكون مؤشرًا على مشاكل صحية أو أمراض خفية.
على سبيل المثال، يمكن أن يكون التأخر الحركي مؤشرًا على اضطرابات النمو العصبي مثل التوحد، أو مشاكل في الجهاز العضلي الهيكلي، أو حتى مشكلات غذائية تؤثر على نمو الطفل وتطوره.
لذلك هناك مجموعة من العلامات والأعراض التي تكشف ما إذا كان الطفل يعاني فعلاً من تأخر المهارات الحركية، أم لا.
إضافة إلى أهمية الكشف المبكر، الذي يساعد على التدخل العلاجي السريع، حيث يمكن أن يساعد في تحسين الحالة وتجنب تفاقم المشكلة مع مرور الوقت.
لذلك من خلال فهم أسباب وعلامات تأخر المهارات الحركية، يمكن للآباء والأطباء المختصين اتخاذ الخطوات اللازمة لتقديم الدعم المناسب للأطفال، مما يساعدهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة في النمو والتطور بشكل طبيعي.
ما هو تأخر المهارات الحركية عند الأطفال؟
تأخر المهارات الحركية يُقصد به التأخير في الوصول إلى مراحل اللغة أو التفكير أو المهارات الاجتماعية أو الحركية، وهو الشيء الذي يرتبط كذلك بتأخر النمو عند الأطفال.
هناك عدة أسباب تؤدي إلى هذه الحالة، من بينها الوراثة، أو مضاعفات الحمل، أو الولادة المبكرة، لذلك السبب لا يكون معروفًا دائمًا.
عادة لا تكون التأخيرات البسيطة والمؤقتة سببًا للقلق، ولكن التأخير المستمر أو التأخير المتعدد في الوصول إلى مجموعة من المهارات يمكن أن يكون علامة على احتمال وجود مشاكل يجب إيجاد حل لها.
الفرق بين تأخر المهارات الحركية الدقيقة والإجمالية
تشمل المهارات الحركية الدقيقة الحركات الصغيرة مثل الإمساك بلعبة أو استخدام قلم التلوين، فيما تتطلب المهارات الحركية الإجمالية حركات أكبر، مثل القفز أو صعود السلالم أو رمي الكرة.
إذ يتقدم الأطفال في النمو بمعدلات مختلفة، ولكن يمكن لمعظم الأطفال رفع رؤوسهم بعمر 3 أشهر، والجلوس مع القليل من الدعم والمساعدة بعمر 6 أشهر، والمشي قبل عيد ميلادهم الثاني بوقت طويل.
وبحلول سن الخامسة، يستطيع معظم الأطفال الوقوف على قدم واحدة لمدة 10 ثوانٍ أو أكثر ويمكنهم استخدام الشوكة والملعقة.
لذلك قد يعني ظهور بعض العلامات التالية أن طفلك يعاني من تأخر في تطوير بعض الوظائف الحركية الدقيقة أو الإجمالية وهي:
- الجذعَ والأطراف المرنةَ أو الفضفاضةَ
- تصلب الذراعين والساقين
- حركة محدودة في الذراعين والساقين
- عدم القدرة على الجلوس دون دعم عند عمر 9 أشهر
- هيمنة ردود الفعل اللاإرادية على الحركات الإرادية
- عدم القدرة على تحمل الوزن على الساقين والوقوف عند عمر سنةٍ تقريبًا
أعراض عامة لتأخر المهارات الحركية عند الأطفال
تأخر النطق وتعلم اللغة
وفقًا للمعهد الأمريكي الوطني للصمم واضطرابات التواصل الأخرى، فإن الوقت الأكثر نشاطًا لتعلم الكلام واللغة هو السنوات الثلاث الأولى من الحياة، حيث يتطور الدماغ وينضج.
تبدأ عملية تعلم اللغة عندما يعبر الرضيع عن الجوع من خلال البكاء، وبحلول عمر 6 أشهر، يستطيع معظم الأطفال التعرف على أصوات اللغة الأساسية.
في عمر 12 إلى 15 شهرًا، يجب أن يكون الأطفال قادرين على قول كلمتين أو ثلاث كلمات بسيطة، حتى لو لم تكن واضحة.
إذ يستطيع معظم الأطفال الصغار نطق عدة كلمات عندما يبلغون من العمر 18 شهرًا، وبعمر الثالثة، يستطيع معظمهم التحدث بجمل مختصرة.
ويجب الإشارة إلى أن تأخير الكلام واللغة ليسا متماثلين، إذ يتطلب التحدث التنسيق العضلي بين الجهاز الصوتي واللسان والشفتين والفك لإصدار الأصوات.
ويحدث تأخر الكلام عندما لا يقول الأطفال عددًا كبيرًا من الكلمات كما هو متوقع لعمرهم.
فيما يحدث تأخر اللغة عندما يواجه الأطفال صعوبة في فهم ما يقوله الآخرون أو لا يستطيعون التعبير عن أفكارهم.
وقد يكون من الصعب التمييز بين تأخر الكلام واللغة عند الأطفال الصغار، إذ إن الطفل الذي يفهم الأشياء ويستطيع التعبير عن احتياجاته ربما عن طريق الإشارة ولكنه لا يتحدث عددًا كبيرًا من الكلمات كما ينبغي قد يعاني من تأخر الكلام المنعزل.
يمكن أن يسبب ضعف السمع تأخرًا في الكلام واللغة، لذلك عادةً ما يقوم طبيبك بإجراء اختبار السمع أثناء التشخيص، وغالبًا ما تتم إحالة الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق واللغة إلى أخصائي أمراض النطق واللغة.
اضطراب طيف التوحد
اضطراب طيف التوحد (ASD) هو مصطلح يستخدم لوصف العديد من حالات النمو العصبي، إذ قد يفكر الأشخاص المصابون بالتوحد ويتحركون ويتواصلون ويتعاملون مع الحواس بشكل مختلف عن الأشخاص الطبيعيين.
عادة ما يتم تشخيص مرض التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة ويتضمن تأخرًا ملحوظًا في اللغة والنمو الاجتماعي.
وعند التشخيص، سيسأل الطبيب المختص عن تطور الطفل في كل زيارة من زياراته الصحية.
تكون الأعراض واضحة في بعض الأحيان في وقت مبكر، ولكن قد لا تتم ملاحظتها حتى يبلغ الطفل سن 2 أو 3 سنوات.
إذ تختلف علامات وأعراض اضطراب طيف التوحد، ولكنها تتضمن عادةً تأخر مهارات الكلام واللغة وتحديات التواصل والتفاعل مع الآخرين.
وكل شخص مصاب بالتوحد فريد من نوعه، لذلك تختلف الأعراض والطريقة التي يختبر بها الأشخاص بشكل كبير، وبعض الأعراض التي تميزهم تشمل:
- عدم الاستجابة لأسمائهم
- كراهية احتضان الآخرين أو اللعب معهم
- نقص تعبيرات الوجه
- عدم القدرة على الكلام أو صعوبة في التحدث، أو الاستمرار في المحادثة، أو تذكر الكلمات والجمل
- الحركات المتكررة
- مشاكل التنسيق الحركي
لا يوجد علاج لاضطراب طيف التوحد، لكن العلاجات والأساليب الأخرى يمكن أن تساعد في منح الطفل أدوات إضافية للتواصل، وتخفيف التوتر، وفي بعض الحالات تساعد في تحسين المهارات الحركية والتفاعلية.
أسباب تأخر النمو
وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن حوالي 17 بالمائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و17 سنة يعانون من واحد أو أكثر من إعاقات النمو.
تحدث معظم إعاقات النمو قبل ولادة الطفل، ولكن يمكن أن يحدث بعضها بعد الولادة بسبب العدوى أو الإصابة أو عوامل أخرى.
قد يكون من الصعب تحديد أسباب تأخر النمو، ويمكن أن تساهم مجموعة متنوعة من الأشياء في ذلك، وفي بعض الحالات تكون وراثية في الأصل، مثل متلازمة داون.
العدوى أو غيرها من المضاعفات أثناء الحمل والولادة، وكذلك الولادة المبكرة، يمكن أن تسبب أيضًا تأخرًا في النمو.
يمكن أن يكون تأخر النمو أيضًا أحد أعراض الحالات الطبية الأساسية الأخرى، بما في ذلك:
- الشلل الدماغي
- اضطرابات طيف الكحول الجنيني
- متلازمة لانداو كليفنر
- اعتلال عضلي، بما في ذلك ضمور العضلات
- الاضطرابات الوراثية، مثل متلازمة داون ومتلازمة تيرنر
تذكر أن الأطفال يتطورون بمعدلات مختلفة، لذلك من الممكن أن يكون ما تعتقد أنه تأخير أمرًا طبيعيًا بالنسبة لطفلك. ومع ذلك، إذا كنت قلقًا، فمن المهم أن يتم تقييم طفلك من قبل متخصصين.