تُعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية من الأسباب الرئيسية لمضاعفات الحمل الخطيرة خلال أشهر الحمل الأخيرة أو حتى لأشهر بعد الولادة.
في هذا التقرير نستعرض اعتلال عضلة القلب المرتبط بالحمل، وكيف من الممكن لهذه الشهور الحساسة أن تسبب تبعات صحية خطيرة على قلب الأم وقد تؤثر على سلامة حملها وجنينها.
اعتلال عضلة القلب المرتبط بالحمل
اعتلال عضلة القلب المرتبط بالحمل والولادة هو ضعف في عضلة القلب يبدأ غالباً بشكل مفاجئ في وقت ما خلال الأشهر الأخيرة من الحمل، أو أحياناً خلال حوالي 5 أشهر بعد الولادة، دون أي سبب آخر معروف.
ويُعد النوع الأكثر شيوعاً من هذا الاضطراب الصحي الخطير هو اعتلال عضلة القلب الذي يحدث بعد الولادة مباشرة. وهي حالة نادرة يمكن أن تحمل أعراضاً خفيفة أو شديدة مهددة للحياة.
يمكن قياس أحد مؤشرات خطورة الحالة بشيء يسمى "الكسر القذفي"، وهي النسبة المئوية للدم الذي يضخه القلب مع كل نبضة. ومع ذلك، يمكن التعافي تماماً من اعتلال عضلة القلب في الفترة المحيطة بالولادة.
أحياناً قد تتعافى المريضات جزئياً من اعتلال عضلة ووظائف القلب خلال فترة ستة أشهر أو أكثر. أما في حالات أخرى، فقد يعود القلب إلى قوته الكاملة في أقل من أسبوعين.
ومن بين جميع أنواع اعتلال عضلة القلب، فإن اعتلال عضلة القلب المرتبط بالحمل والولادة له معدل شفاء مرتفع نسبياً مقارنة بالأسباب الأخرى.
التغييرات التي تطرأ على القلب والأوعية الدموية أثناء الحمل
يتعرض جسم المرأة للعديد من التغييرات أثناء الحمل والولادة. وتضع هذه التغييرات ضغطاً إضافياً على الجسم وتجبر القلب على العمل بجدية وجهد أكبر.
صحيح أن تلك التغييرات طبيعية أثناء الحمل، فهي تساعد الجنين الذي ينمو على تلقي ما يكفي من الأوكسجين والمواد المغذية، لكنها تلعب دوراً كبيراً في معدلات الإصابة باعتلال عضلة القلب. وهي تشمل التالي:
- زيادة حجم الدم في الجسم: تزداد نسبة الدم في جسم المرأة الحامل خلال الأسابيع القليلة الأولى من الحمل، ويستمر في الزيادة تدريجياً حتى الولادة وتصل الزيادة الإجمالية بنحو 40% إلى 45% في حجم الدم أثناء الحمل.
- زيادة في معدل ضربات القلب: من الطبيعي أن يرتفع معدل ضربات قلب المرأة الحامل بمقدار 10 إلى 20 نبضة في الدقيقة. وهو يرتفع تدريجياً خلال فترة الحمل ويكون في أعلى معدلاته في الثلث الأخير من الحمل.
- زيادة في النتاج القلبي: النتاج القلبي هو كمية الدم التي يضخها القلب كل دقيقة. بحلول الأسبوع 28 إلى 34 أسبوعاً من الحمل، قد يزيد النتاج القلبي بنسبة 30% إلى 50%. هذا يحدث بسبب ارتفاع نسبة الدم بالجسم وسرعة ضربات القلب. علاوة على ذلك، إذا كانت المرأة حاملاً بتوأم، فقد يزيد النتاج القلبي لديها بنسبة تصل إلى 60%.
وبشكل عام، قد تتسبب هذه التغييرات في معاناة المرأة الحامل مما يلي:
- التعب الشديد.
- دوار أو دوخة مزمنة.
- ضيق التنفس وصعوبة التنفس العميق.
- الخفقان (الإحساس بنبضات سريعة للقلب).
هذه الأعراض تُعد جزءاً طبيعياً من الحمل. ولكن الجزء المقلق هنا هو أنها قد تتداخل أيضاً مع بعض أعراض أمراض القلب وتجعل من الصعب التشخيص بالحالة مبكراً.
لذلك، قد تعاني المرأة الحامل من علامات تحذيرية مبكرة ضمن أعراض أمراض القلب، ولكن قد تعتقد أنها ليست بالأمر المهم بسبب أعراض الحمل الشائعة.
لهذا السبب يمكن أن تكون أمراض القلب أثناء الحمل خطيرة ومهددة لحياة الأم أو الجنين في مرحلة معينة، إذ قد يكون من الصعب معرفة ما إذا كانت الأعراض طبيعية أو مدعاة للقلق إلا بعد تطور الحالة.
تشخيص اعتلال عضلة القلب المرتبط بالحمل والولادة
في الحالات الخفيفة من اعتلال عضلة القلب في فترة الحمل والولادة، يمكن أن تكون الأعراض النمطية مثل تورم القدمين والساقين وبعض ضيق التنفس مشابهة لأعراض الثلث الثالث من الحمل الطبيعي، لذلك قد لا يتم تشخيص هذه الأعراض. كما من الممكن للمريضة بعد ذلك أن تتعافى دون الحصول على العناية الطبية.
في المقابل، يمكن أن يكشف اعتلال عضلة القلب الحاد عن نفسه إذا أصيبت المريضة بضيق شديد في التنفس وتورم في القدمين بعد الولادة.
ويحدث هذا عندما لا يضخ القلب الدم جيداً، لذا يمكن أن يتراكم السائل في الجسم، وبشكل ملحوظ في الرئتين والقدمين. يمكن لمخطط صدى القلب الكشف عن اعتلال عضلة القلب من خلال إظهار الأداء المتناقص للقلب في تلك الحالة.
علاج اعتلال عضلة القلب أثناء الحمل وبعد الولادة
الهدف من علاج اعتلال عضلة القلب في الفترة المحيطة بالولادة هو منع تراكم السوائل الزائدة في الرئتين ومساعدة القلب على التعافي بشكل كامل قدر الإمكان. وهناك عدة أنواع من الأدوية التي يمكن أن يصفها الطبيب لعلاج الأعراض، وتشمل هذه الأدوية:
- مثبطات ACE (الإنزيم المحول للأنجيوتنسين) التي تساعد القلب على استعادة القوة التي يجب أن يعمل بها بكفاءة أكبر.
- حاصرات بيتا – تجعل القلب ينبض بشكل أبطأ لكي يملك فرصة أكبر للتعافي.
- مدرات البول التي تساعد في تقليل احتباس السوائل.
لكن بالنسبة للنساء المرضعات، هناك أدوية في كل من الفئات المذكورة أعلاه الأكثر أماناً للرضاعة الطبيعية، والفعالة بنفس القدر في العلاج.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.