يمكن أن يكون الحمل تجربة رائعة مليئة بالمشاعر الإيجابية، وذلك لأن المرأة خلاله تشهد معجزة حقيقية تحدث من خلال جسمها، فهي تستعد ببساطة لجلب حياة جديدة إلى العالم.
ومع ذلك، فإن العديد من حالات الحمل تسبب أيضاً حالة من عدم الراحة والألم وأعراضاً أخرى غير مرغوب فيها قد تحرم المرأة الحامل من القدرة على الاستمتاع بالتجربة.
ومن بين أحد تلك الأمثلة على الأعراض غير المريحة أثناء الحمل هو المعاناة من ألم الفخذ والوركين، خاصة خلال الأشهر الأخيرة قبل الولادة ووضع المولود الجديد. إذ قد يكون هذا الألم الحوضي أثناء الحمل عبارة عن حالة تُسمى "ضعف الارتفاق العاني" (SPD)، إضافة لمشاكل مثل ضعف وتيبس العضلات والأربطة وغيرها، وهو الأمر الذي يسبب تيبساً في مفاصل الحوض أو حركات غير متساوية عند الحركة.
في هذا التقرير نستعرض أسباب ألم الفخذين والوركين أثناء الحمل، وطرق التخفيف من المشكلة، ومتى يمكن للأعراض أن تشير لمشكلة صحية تتطلب العناية الخاصة؛ منعاً لحدوث مضاعفات للأم أو الجنين.
أسباب وأعراض ألم الفخذ للحامل
قد ينجم ألم الفخذ المرتبط بالحمل عن حالة تسمى خلل الارتفاق العاني (SPD) كما أسلفنا، والتي تتسبب في تصلب مفاصل الحوض. تحدث هذه الحالة عندما تبدأ الأربطة التي تربط عظام الحوض الرئيسيتين معاً في الارتخاء، مما يسمح للعظام بالاهتزاز والتأرجح أثناء المشي.
عندما لا تترابط هاتان العظمتان معاً بشكل صحيح، يمكن أن تصطدما ببعضهما بعضاً؛ مما يسبب ألماً شديداً، وهي حالة شائعة نسبياً، إذ تؤثر على ما يقرب من 31% من النساء الحوامل حول العالم.
وحول أسباب تلك المشكلة، فإن المرأة خلال الحمل أكثر عرضة لأن تصبح الأربطة في جسدها أكثر ارتخاءً بسبب إفراز هرمون يسمى ريلاكسين في الجسم. إذ يلعب هذا الهرمون دوراً أساسياً في إرخاء الرحم لكي يكون هناك متسع كافٍ بداخله لنمو الطفل.
صحيح أنها مادة كيميائية مهمة تمنع الولادة المبكرة، لكن لسوء الحظ، يمكن أن يؤدي الإفراط في الاسترخاء إلى إرخاء الأنسجة الرخوة الأخرى بجانب الرحم. ونتيجة لذلك، يمكن أن تبدأ الأربطة حول منطقة الحوض في الارتخاء، مما يؤدي إلى ألم في الفخذ والأربية.
هذه المشكلة يمكن أن تصبح شديدة؛ لدرجة الشعور بالانزعاج والألم أثناء المشي ومواجهة صعوبة في الوقوف، علاوة على الشعور بألم في منطقة العانة ينتقل إلى الأجزاء الأمامية والخلفية من الساقين.
خطوات عملية لإدارة ألم الفخذ المرتبط بالحمل
فيما يلي بعض الأشياء التي يمكن القيام بها للتحكم في الأعراض إذا كنتِ تشعرين بألم في الفخذ والوركين أثناء الحمل، وفقاً لموقع (Alliance) الأمريكي للعلاج الطبيعي والمعلومات الصحية:
- الحصول على قسط كبير من الراحة: تُعد الراحة ضرورية للتعافي من أي مرض أو إصابة. إذا استمرت الأعراض في التفاقم، فهذا يعني على الأرجح أنكِ تمارسين الكثير من النشاط.
لذلك من الضروري التمهل وتجنب رفع الكثير من الأوزان والتأكد من الحصول على قسط وافر من النوم المتصل والعميق. إذ عادة ما تكون العضلات المترهلة أكثر عرضة للإجهاد، ما قد يسبب مزيداً من الإصابات.
- ارتداء حزام دعم الحوض: يمكن لأحزمة دعم الحوض أن تثبت عظام الحوض في مكانها؛ لمنعها من التذبذب أو الاحتكاك ببعضها بعضاً. لذا يمكن أن يكون لبسها وسيلة فعالة لتقليل أعراض ألم الفخذ للحامل.
- تأدية تمارين إمالة الحوض وتمارين كيجل: يمكن أن يساعد هذان التمرينان في تقوية عضلات الحوض، مما يتيح لها تثبيت العظام معاً بشكل أفضل. قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تصبح نتائج هذه التمارين ملحوظة، لكنها يمكن أن تكون فعالة مع الممارسة وهي تسهل عملية الولادة الطبيعية والتعافي منها.
- استشارة أخصائي العلاج الطبيعي المتخصص: سيقوم أخصائي العلاج الطبيعي بتقييم شدة الأعراض وتحديد ما إذا كان الـ(SPD) هو في الواقع سبب ألم الفخذ الذي تعانين منه أم لا.
بعد ذلك، سيقوم بتحديد دورة علاج مخصصة لمساعدتك في إدارة الأعراض الخاصة بك. قد تتضمن خطة العلاج هذه التمارين السالف ذكرها وتمارين أخرى لتقوية الحوض بشكل أكبر.
نصائح عامة لتجنب آلام الفخذين والحوض والظهر
كذلك قد تكون المرأة أكثر عرضة للإصابة بآلام الحوض (PGP) إذا كانت تعاني من آلام أسفل الظهر أو إصابة في الحوض قبل الحمل، لأن هذا قد يؤدي إلى تغيرات في طول العضلات أو تصلب المفاصل.
لذا قد تجد العديد من النساء أن التغييرات والاعتبارات البسيطة يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض المشكلة. ومن بين تلك النصائح بحسب مؤسسة الصحة الوطنية في بريطانيا (NHS):
- الجلوس على كرسي ثابت بمنشفة ملفوفة أو وسادة لدعم أسفل الظهر.
- عدم عقد الساقين عند الجلوس لتسهيل جريان الدورة الدموية.
- الجلوس بشكل قائم ومستقيم دون ثني الظهر أو الانحناء.
- وضع وسادة بين الركبتين والكاحلين عند الاستلقاء في الليل.
- الاستدارة للنوم على الجانب قبل النهوض من السرير مع الحفاظ على الساقين متلاصقتين؛ كي لا يتم تحميل كامل وزن الجسم على أسفل الظهر.
- تجنب رفع الأوزان الثقيلة.
- تجنب حركات الالتواء والانحناء القاسية.
- صعود الدرج خطوة واحدة في كل مرة.
- المشي ببطء وتجنب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة.
- ارتداء أحذية داعمة مريحة بنعل جيد.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.