إلى جانب صحة الأم الجسدية والتغذية الصحية، فإن الصحة النفسية تلعب دوراً لا يقل أهمية من أجل حمل سليم وولادة جنين صحي. إذ استنتج باحثون من المعهد الوطني للصحة في ولاية ماريلاند الأمريكية أن مشاعر التوتر أو الاكتئاب أثناء الحمل مرتبطة بالتغيرات في المشيمة حيث ينمو الطفل.
وتُظهر النتائج، التي نُشرت في Epigenomics في سبتمبر/أيلول 2021، أن هذه التغييرات يمكن أن تغير نشاط الجينات.
إلا أن الإجهاد والاكتئاب ليسا غير شائعين بين النساء الحوامل، حيث يؤثر الاكتئاب على 1 من كل 10 حالات حمل، وفقاً للكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد.
وتشير الأدلة الحالية بالفعل إلى أن الاكتئاب أثناء الحمل يمكن أن يؤثر سلباً على الطفل في وقت لاحق من الحياة، حسب ما نشره موقع Webmed الطبي.
على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن الاكتئاب أثناء الحمل مرتبط بالاضطرابات السلوكية والعاطفية في أثناء الطفولة، بينما وجدت دراسة أخرى أنه يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب في سن 18.
للتحقق من آثار التوتر والاكتئاب في أثناء الحمل، قام باحثو المعهد الوطني الأمريكي للصحة NIH بتقييم 301 امرأة حامل من 12 عيادة بالولايات المتحدة ممن شاركن في دراسة سريرية سابقة.
كانت المجموعة متنوعة عرقياً، حيث تم تحديد 34% على أنهن من أصل إسباني، و26% على أنهن بيض غير إسبان، و24% على أنهن من أصول إفريقية، و17% من آسيا أو جزر المحيط الهادئ.
في بداية الدراسة، طُلب من النساء إكمال الاستبيانات المستخدمة بشكل روتيني لفحص التوتر والاكتئاب.
أكملوا الاستبيان 5 مرات أخرى خلال فترة الحمل، وبعد ولادة كل امرأة بفترة وجيزة، أخذ الباحثون عينات من أنسجة المشيمة وحللوا الجينات.
وكان الغرض من دراسة المشيمة، وفقاً للباحث الرئيسي ماركوس تسفاي، هو مراقبة التغييرات الكيميائية وانتظامها ما إذا تم تنشيط جينات معينة.
وبالفعل، تبيَّن وجود أدلة على أن التعديلات الكيميائية في المشيمة يمكن أن تؤدي إلى تغيرات في أنسجة الجنين، مثل الدماغ.
ووجد الفريق 16 منطقة، حيث ارتبطت التغييرات في الجزء الخارجي من الحمض النووي المشيمي بالاكتئاب في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل.
ووجدوا أيضاً منطقتين ارتبطت فيهما هذه التغييرات بالإجهاد في الثلث الثالث من الحمل.
والمشيمة معروفة بصنع النواقل العصبية اللازمة لنمو دماغ الجنين، وهو ما يؤكد أن الجنين حساس لحالة الأم في أثناء الحمل وضمن ذلك حالتها المزاجية وتوترها الملحوظ.
ما هي علامات الاكتئاب أثناء الحمل؟
يمكن أن يحدث الاكتئاب ببطء، وتختلف الأعراض من شخص لآخر. قد تكون خفيفة أو معتدلة أو شديدة.
بعض العلامات الأكثر شيوعاً، حسب موقع Caring for Kids، هي:
تغيرات في الشهية، مثل الإفراط في تناول الطعام أو قلة الاهتمام بالطعام
- تغييرات في النوم، مثل صعوبة النوم أو النوم فترات طويلة
- نقص الطاقة
- الشعور بالحزن أو اليأس أو انعدام القيمة
- البكاء بلا سبب
- فقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأنشطة التي تستمتع بها عادةً
ولا تنحصر خطورة الاكتئاب بالتأثير على صحة الجنين، بل لفتت دراسات سابقة إلى إمكانية حصول إجهاض او ولادة مبكرة أو ولادة طفل بوزن أقل من الوزن الطبيعي.
كيفية التعامل مع الاكتئاب؟
مع العلاج، يتعافى معظم الناس من الاكتئاب. يمكن أن يشمل العلاج واحداً أو أكثر مما يلي، حسب ما عددها موقع Kids Health:
الدعم الاجتماعي: خدمات المجتمع أو التربية الوالدية.
العلاج الأسري: مع الشريك و/ أو الأطفال. يمكن أن يساعد هذا عندما يكون الأطفال أكبر سناً.
العلاج الفردي: التحدث وجهاً لوجه مع طبيب الأسرة أو طبيب نفسي أو أخصائي اجتماعي أو متخصص آخر.
الأدوية: الأدوية المستخدمة في أغلب الأحيان لعلاج الاكتئاب هي SSRIs (مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية).
مقاربات أخرى: تجد العديد من النساء الراحة في أنشطة مثل اليوغا والتمارين الرياضية والتأمل.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.