دائماً ما تسعى النساء لتجديد نفسيتهن بخطوات صغيرة، قد تبدأ أحياناً باختيار لون جديد للشعر، على أمل أن يُشعرها بالتحرر والتجدد، لكن هذه الرغبة في التغيير في بعض الأحيان قد تتم على حساب الصحة، لما قد يسببه سوء الاختيار وعدم حرفية العمل من الحساسية والاضطرابات؛ لتنتهي الرغبة بمصائب جمة، وهنا ندرك أن تغيير لون الشعر قد تليه خطوات فارقة تأخذنا إلى منحى آخر في حال عدم الدقة والحذر أثناء العمل.
ففي باطن هذا التغيير مصيبة لا تعلمين بها، وقد تطلبينها بنفسك بإلحاح ورغبة شديدة، مغيّبة كلام الأخصائيين وراء صورة مشرقة رسمتها الإعلانات والمسلسلات والأفلام لتلك المرأة التي تغيّر لون شعرها مراراً وتكراراً دون أن يفقد لمعانه وبريقه، واللون الموحد من جذور الشعر حتى أطرافه القوية المستعصية على التقصف والتساقط، ولعل سبب هذا المصاب الأكبر ترويج خبير اللون الذي يتباهى على منصات التواصل الاجتماعي بقدرته على تطبيق الألوان بسهولة ويسر أمام الكاميرات.
وكثيراً ما نسمع بعض السيدات يتحدثن عن تحسُّس فروة الرأس، وانتفاخ الوجه، أو تساقط الشعر.. متسائلات عن السبب في ذلك، رغم أنهن في بعض الأحيان قمن بتغيير لون شعرهن سابقاً، أو قمن بصبغه من دون أن تحدث أي ردة فعل سابقة.
الجواب الذي يأتيها هنا، هو أنه يتم استخدام الصبغات وبعض المواد من النوع الرديء، وأحياناً يقال إن خبير اللون لا يمتلك خبرة كافية، وغيرها من الانتقادات التي تسيء لصالون التجميل، وتبتعد كل البعد عن أي تفكير آخر يوقع الخطأ على صاحب الخطأ الأكبر، متناسين النصائح التي ذكرت من الابتعاد عن جذور الشعر، وما قد يسببه ذلك من أذى وضرر، والاستخفاف أحياناً بهذه النصائح، ووصف الخبراء بقلة المعرفة والتشدد فيما يمكن التساهل فيه، أو قلة علمهم وحيلتهم لتنفيذ هذه المهمة السهلة اليسيرة، التي قد يتساهل البعض لدرجة أن يقوموا بها منزلياً بدون أدنى خبرة أو معرفة سابقة، كل هذا يؤدي إلى الكوارث التي نحذر منها.
سحب اللون من الجذور
يعد سحب اللون من الجذور من الأخطاء المُهلِكة التي يُستهان بها غالباً، رغم أن كثيراً من خبراء اللون يتحدثون عن طريقة تلوين وتفتيح الشعر من الجذر، بل يدرّسون ويعلمون ويشرحون ذلك بشكل مفصل، ضاربين بعرض الحائط تحذيرات المصنعين لهذه المواد وآثارها الجانبية والخطرة؛ فالمفارقة هنا أن المصنّع لهذه المواد يحذّر من ملامستها للجلد، وضرورة استخدام القفازات أثناء العمل بها، فما بالك بضررها وأثرها على فروة الرأس مباشرة، تلك المنطقة الحساسة الغضة؟
وهنا أيضاً يلعب الزبون دوراً سلبياً حين يرفض ويستنكر تلوين الشعر بعيداً سنتيمتراً عن الفروة أو الجذر، فتحتجين بأن اللون بلاتيني والجذر غامق، وبأن الخبير الفلاني يسحب من الجذر ولا يحدث شيء!
موضع الخطورة
تكمن خطورة السحب أو مادة التفتيح على فروة الرأس في أنها تدمر جذر الشعر والجلد، والأخطر أن يكون عند الزبون حساسية عالية، فيتعرض في بعض الحالات الشديدة للاختناق أو في حالات نادرة الموت لا قدر الله.
ومن هذه المخاطر -بعيداً عن الحساسية- التي تصيب الشعر، ضمور خلايا الشعر، حيث يساهم سحب اللون في إضعاف الشعر وتساقطه بشدة، كما يزيد من بصيلات الشعر البيضاء التي تؤدي إلى الشيب وانتشاره بشكل أكبر، وتقصيف أطراف الشعر، وتعب الشعر بشكل عام.
بالنسبة لي أرفض أن أقوم بعملية سحب اللون من الجذر، غير آبهة بمردودها المادي، مقابل أن أعرّض زبائني للخطر، وكثيراً ما أخسر عدداً من الزبائن لهذا السبب.
وهنا يردِني كثيراً هذا السؤال: مروة أنا أسحب اللون من الجذر منذ سنوات ولم أتضرر هل من الممكن أن أتضرر فيما بعد؟ الجواب: طبعاً من الممكن لا قدر الله.
لأنه مع الوقت تضعف المناعة والمقاومة، وإن لم تتعرضي لصدمة تحسسية الآن أو في وقت لاحق، فإن جذر الشعر سيتلف مع الوقت بسبب تأثير هذه المواد.
لا أعلم حقيقة لِم المخاطرة؟ فالشعر بطبيعته سيزيد طوله بعد أول دورة شهرية بمقدار 1 سنتيمتر، وسيظهر مباشرة اللون الأصلي للشعر الغامق عند الجذور، وهذا الأمر الذي تهربتِ منه في البداية سيغدو حالة ستجبرين على تحملها، شئت أم أبيتِ.
الفرق بين الصبغة وسحب اللون
ولا بد من التنويه هنا بأن الصبغات ليس لها خطورة تأثير مواد سحب اللون، فالصبغة لا تسبب حساسية عموماً، ولكن من باب السلامة ولتجنب الحساسية يتم تجريبها أولاً على معصم اليد أو خلف الأذن لمن لديهم حساسية عالية.
وهذه الحساسية تكون للألوان الداكنة، بسبب مادة (ppd)، وهي مادة كيميائية، توجد في العديد من صبغات الشعر، وتكون ردة الفعل بأحد الأشكال التالية: حساسية على شكل حكة تصيب فروة الرأس، وأحياناً قد تنتشر في الجسم كله، كما أنه قد تكون في بعض الأوقات على شكل طفح جلدي، وفي حالات نادرة ومميتة قد تؤدي إلى الدخول في غيبوبة؛ لذا من المهم جداً إجراء اختبار الحساسية قبل البدء بصبغ الشعر.
إذن، لتجنب المخاطرة بسحب اللون على الزبون قبل الخبير أن يتجنب فروة الرأس والجذور قدر المستطاع، هل ثمة نصائح أخرى لكل من الزبون والخبير قبل وأثناء سحب اللون؟ بالطبع نعم، وسنتحدث عنها في التقرير القادم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.