يدور في أذهاننا جميعاً عديد من التساؤلات: متى ستعود الحياة لطبيعتها؟ هل سأجد عملاً بعد انتهاء الحجر؟ هل سأنجو وعائلتي من هذه الأزمة؟ تساؤلات الكبار تجيب عنها حقيقة، مفادها أن لا خيار الآن سوى العيش مع عدم اليقين وكثير من الصبر. لكن تساؤلات الأطفال في أزمة الكورونا أكثر تعقيداً وهم يتوقعون من الكبار إجابات واضحة وحاسمة.
وبما أن كل مستويات التوتر والقلق مرتفعة حالياً، مهما كان موقعك في التسلسل الهرمي المنزلي، فلا بد أنك تشعر ببعض الخوف مما يحدث.
وبينما نراقب من كثب، أرقام الإصابات والوفيات والمتعافين، يظهر بصمتٍ مرض آخر يتعاظم بشكل متوازٍ، اضطراب القلق، بحسب ما ذكرته مؤسسة Anxiety Canada للصحة النفسية.
ولكن ماذا نقول لأطفالنا إن كنا نحن أنفسنا لا نعرف؟
قبل تعداد الأسئلة التي تشغل بال الأطفال الصغار في أزمة الكورونا، لا بد من الإشارة إلى أهمية الصدق في الإجابة دون تحميل عواطفهم المتأزمة فوق طاقتها.
تساؤلات الأطفال في أزمة الكورونا
سؤال: متى سينتهي كل هذا؟
الإجابة المقترحة من أخصائية علم النفس السريري ومدربة الأبوة والأمومة، ريبيكا شراغ، لموقع Psychology Today: "لا أعرف عزيزي. لا أحد يفعل. هذا الوضع جديد للغاية. ولكن في هذه اللحظة بالذات، هناك كثير من الأطباء والممرضات والعلماء يعملون للتأكد من أن الجميع آمن قبل أن يعودوا إلى المدرسة والعمل وحفلات أعياد الميلاد والمطاعم في أقرب وقت ممكن".
سؤال: هل سنصاب بفيروس الكورونا؟
الإجابة المقترحة: نبذل قصارى جهدنا للتأكد من عدم إصابتنا بالفيروس. نغسل أيدينا كثيراً ولا نغادر المنزل إلا للضرورة. عندما نحتاج إلى الخروج، نرتدي أقنعة ونبتعد عن الآخرين. كل هذه الأشياء تحافظ على سلامتنا، وكذلك كثير من الأشخاص الآخرين. إذا أُصبنا بالفيروس، فقد لا نشعر بأي اختلاف عن البرد أو الإنفلونزا. إذا كنا بحاجة إلى المساعدة، فهناك أطباء وممرضات يعرفون كيفية الاعتناء بنا.
سؤال: لماذا علينا ارتداء الأقنعة؟
الإجابة المقترحة: يذكّرنا ارتداء الأقنعة بعدم لمس وجوهنا، في حالة وجود جراثيم على أيدينا. عندما نكون بالمنزل، تكون أيدينا نظيفة في الغالب، لأننا نغسلها كثيراً، لذلك لا بأس لو لمسنا وجوهنا. عندما نكون خارج المنزل قد توجد جراثيم على أيدينا، والأقنعة تمنع الفيروس من الدخول في أنوفنا أو أفواهنا إذا كان شعرنا بحكة مُلحّة.
سؤال: أمي، هل أنت خائفة؟
الإجابة المقترحة: نعم، أشعر أحياناً بالخوف قليلاً. لا بأس في أن تشعر بالخوف؛ هذا جديد لنا جميعاً، والأشياء الجديدة يمكن أن تكون مخيفة. ولكن بعد ذلك أفكر في مدى أماننا ودفئنا هنا بهذا المنزل، وكمّ الحب بيننا. وكذلك أفكر في عدد الأشخاص بالعالم الذين يساعدون الآخرين، حتى عندما تحدث أشياء سيئة، عندها أشعر بتحسُّن.
سؤال: لماذا صحتِ في وجهي من قبل؟
الإجابة المقترحة: لقد شعرت بالإحباط حقًا، لأنك سكبت الماء (على سبيل المثال)، على الرغم من أنني عرفت أنه كان حادثاً. لم أقصد الصراخ، لكنه خرج من فمي قبل أن أوقفه. أنا آسفة. لديّ بعض المشاعر الكبيرة بسبب تغيُّر الظروف التي نمر بها، وأحياناً ينعكس عليك هذا دون قصد مني.
سؤال: هل هذا هو السبب في أنكِ وأبي تصرخان على بعضكما؟
الإجابة المقترحة: نعم، لدى الجميع في عائلتنا مشاعر كثيرة مختلطة، وعلينا أن نبقى معاً في مساحة صغيرة جداً. لذلك هناك كثير من المشاعر في هذه المساحة الصغيرة، وفي كثير من الأحيان لا تهبط المشاعر بالمكان الذي من المفترض أن تصل إليه. كان الشجار بيني وبين والدك بهذا الحجم (باعِدي بين أصبع المؤشر والإبهام نحو 3 سم)، لكن الحب الموجود في عائلتنا هو بهذا الحجم (افتحي ذراعيك قدر ما تستطيعين!).
سؤال: لماذا الجراثيم سيئة للغاية؟
الإجابة المقترحة: تحب الجراثيم أن تسرق من الجسم حتى تكرر نفسها وتعمل نسخاً كثيرة. في بعض الأحيان، تسرق أشياء منا لجسم يمكن أن تؤذيه، ولهذا السبب نمرض.
سؤال: أنا لست مريضاً، لماذا لا أستطيع أن أزور أصدقائي أو أستقبلهم؟
الإجابة المقترحة: لأننا نحبهم ولا نريد أن نعرّضهم أو أنفسنا للخطر، يجب أن نلتزم بتعاليم الأطباء ونبقى في المنزل مؤقتاً، ولكن يمكننا التحدث إليهم عبر الفيديو أو قد نمرُّ من أمام منزلهم ونلوح بأيدينا.
والأهم من هذا كله لو سألك طفلك عن شيء ما، لا تعرف إجابته، فقلها صراحة، الصدق في هذه المواقف أفضل من الوعود الخالية.
ختاماً يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن القلق يتجسد في تغيُّر السلوك. يختلف الأمر بين طفل وآخر وفقاً لعوامل السن ومستوى القلق وحتى الطباع الشخصية.
من بعض التغييرات السلوكية الشائعة على سبيل المثال: التعلق الزائد بالوالدين أو تكرار نوبات البكاء أو فرط النشاط أو الأحلام السيئة.
وقد يتصرف الأطفال أحياناً كأنهم "أصغر" في السن عندما يكونون مضطربين، وقد يعاودون التبول اللاإرادي.
لجوء الأطفال إلى والديهم من أجل الشعور بالأمان أمر ضروري، بل هي مناسبة لإشعارهم بأن الأمور طبيعية وبأن الأب والأم حاضران دائماً للطمأنة.
ولهذا السبب بالتحديد، لا بد من مراعاة الرعاية الذاتية كأب أو أم؛ أنت بحاجة إلى الطاقة والصبر، لمساعدة طفلك على إدارة عواطفه وسلوكياته.