الفاتورة البيئية لروتين الجمال اليومي ارتفعت كثيراً عما كانت في الماضي؛ نتيجة طريقة تعبئة المنتجات والمواد المستخدمة والتي أدت إلى تلوث المحيطات والقضاء على مساحات شاسعة من الغابات.
فقبل 50 عاماً، أو ربما منذ وقت قريب قبل 10 أو حتى 5 أعوام، كان من الممكن أن يدوم منتج واحد للعناية بالبشرة بضعة أسابيع وأحياناً شهوراً.
أما الآن، تغذي شركات التجميل سلوكنا القائم على الاستخدام مرة واحدة -وهي تلك الطريقة المريحة للغاية المنطوية على استخدام شيء ما مرة واحدة قبل التخلص منه- مع فيض من المنتجات التي تُستعمل مرة واحدة وغير القابلة لإعادة التدوير أو التحلل.
وليست ثمة وفرة من الأقنعة الورقية فقط، بل هناك أيضاً مشتقات تباع لاستهداف مناطق محددة في البشرة: مثل خطوط الضحك، أو المؤخرة أو المناطق السفلية منها.
وتصنع كل علامة تجارية تقريباً في السوق مناديل مطهرة خاصة بها، وتوجد لاصقات للحبوب تأتي مغلفة في طبقات متعددة من البلاستيك.
وقالت فريا ويليامز، الرئيسة التنفيذية لشركة Futerra في أمريكا الشمالية، وهي وكالة تساعد الشركات التي تبذل جهوداً من أجل الاستدامة البيئية: "لم يتلقَّ الناس توعية بشأن الآثار الناجمة عن الجمال. لقد تعلمنا في المدرسة إعادة التدوير، لكنهم ركزوا عليها داخل المطبخ أكثر من الحمام، لذلك لا تبدو مهمة".
وأضافت فريا لصحيفة The New York Times، أن ظاهرة الاستخدام مرة واحدة تطوُّر حديث إلى حد ما. وقالت: "يحدث هذا دون أن يدرك أي شخص الكمَّ الذي تستولي عليه هذه العناصر".
الاستهلاك المفرط للجمال
من الصعب مقاومة استحداث المنتجات المبتكرة، والاتجاهات الموسمية، والوعود ببشرة أنقى وأنعم ومشدودة أكثر.
وفي ذروة اتجاه مستحضرات الكيه بيوتي (الجمال الكوري)، لم يكن روتين التجميل المكون من 10 خطوات، الحل لبشرة خالية من العيوب وحسب؛ بل جاء أيضاً ليمثل شكلاً من أشكال الاهتمام بالذات.
قالت لاريسا جينسن، الرئيسة التنفيذية ومحللة صناعة مستحضرات التجميل في NPD Group، وهي شركة استشارات أبحاث السوق: "شهدنا زيادة في عدد مستهلكي منتجات العناية بالبشرة التي استُخدمت في أوج اتجاه العناية بالبشرة على الطريقة الكورية، وكثيرون كانوا يضيفون منتجاً أو قناعاً إضافياً".
يولّد كل مَصلٍ وقناع إضافي آثاراً جانبية بالطبع. ويتسبب البشر في زيادة التأثير البيئي دون إدراك مع استهلاك كل منتج.
تعتقد إليزابيث مولانز، طبيبة أمراض جلدية في هيوستن، أن نظام مكافحة الشيخوخة المبكرة يمكن اختزاله في ثلاثة منتجات أساسية: واقي الشمس ذو عامل حماية من الشمس يساوي 30 أو أعلى، ورتينول متاح دون وصفة الطبيب أو ريتينويد بوصف من الطبيب، وسيروم فيتامين سي.
وقالت إليزابيث: "لا أعتقد أنه يمكنك استخدام كثير من المنتجات، لأن البشرة ستمتصها جميعاً، لكن تلك المنتجات الثلاثة ستحقق أكثر فائدة". يمكن إضافة منتجات أخرى لاستهداف مشكلة معينة، مثل بيروكسيد البنزويل، أو حمض الساليسيليك للحبوب، أو حمض الهيالورونيك للالتهاب أو الجفاف.
وأضافت إليزابيث: "ابتعِدوا عن أي منتج يحتوي على الكولاجين، لأن الجزيئات تكون أكبر من أن تتمكن البشرة من امتصاصها. فهو في الأساس مرطب محسن".
مشكلة الإسراف التي تسببها الرفاهية
يعتقد كثيرون أن المذنب الأكبر، والعقبة الأكثر تحدياً في الصناعة، تتمثل في التعبئة والتغليف، مع كون العلامات التجارية الفاخرة المعتدي الأكبر.
وقالت فريا: "تخلق العلامات التجارية (الرفاهية) عن طريق طبقات من التغليف الثقيل، غالباً تكون غير قابلة لإعادة التدوير ويجري التخلص منها".
لقد بلغنا بالفعل مرحلة لم تعد فيها التعبئة والتغليف الزائد دليلاً على الرفاهية. وطالما تسبب مراقب الصناعة Estee Laundry، وهو حساب على إنستغرام يكشف عن التنمر والمقلدين والمظالم الاجتماعية، في وضع علامات تجارية في موقف محرج بسبب الفساد. تمثل هدفٌ حديثٌ للحساب في مختبرات Pat McGrath والكمية المفرطة من البلاستيك التي تتولد من منتج تجميل واحد.
قالت فريا: "إن جعل الاستدامة مرادفة للرفاهية يمثل فرصة، وهذا شيء بدأنا نشهده في عالم الأزياء. استثمري في شيء يستحق وقتك وأموالك".
ويأتي الاستثمار في منتجات التجميل اللامائية من الأمثلة التي تُضرب على ذلك. تعمل المنتجات اللامائية على التخلص من المياه بوصفها عنصراً أساسياً لتحقيق ثلاثة أشياء: قوة أعلى (وفي المقابل ستحقق فاعلية أكبر)، مدة صلاحية أطول (لأن خطر نمو البكتيريا يقل في ظل عدم وجود مياه)، وسموم أقل (لأنه لم تعد هناك حاجة للبارابين أو المواد الحافظة)، إضافة إلى الحفاظ على المياه.
الفاتورة البيئية لروتين الجمال اليومي
يمكن أن تسهم المنتجات التي تستخدم البلاستيك -مثل الجليتر أو الميكروبيدات- في زيادة نفايات المحيط. ويمكن أن تضر بعض المواد الكيميائية الموجودة في واقيات الشمس الحياة البحرية.
وإذا جرى الحصول على منتج ما بشكل غير مسؤول، فيمكن أن يتسبب في تدمير البيئة، مثل إزالة الغابات.
تبذل بعض الشركات جهداً لإحداث تغيير، مثل شركة Unilever التي تعهدت مؤخراً بأن جميع زجاجات Dove ستُصنع من البلاستيك المعاد تدويره، وبأن صابونة Dove Beauty Bar ستكون خالية من البلاستيك في وقت لاحق من عام 2020، وبأن مزيل العرق المصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ قيد التصنيع، وذلك كله في محاولة للحد من استخدام البلاستيك الأوّلي في منتجاتها بأكثر من 20.500 طن سنوياً.
بالنسبة لكثير من الشركات الجيدة الناشئة على شبكات الإنترنت، تمثل الاستدامة جزءاً لا يتجزأ من تكوينها، مثل By Humankind، وهي علامة تجارية للعناية الشخصية مخصصة لتقليل استخدام البلاستيك الذي يستعمل مرة واحدة، عن طريق إنتاج شامبو ومنعّم شعر وحاويات مزيل عرق قابلة لإعادة التعبئة وخالية من البلاستيك.
برغم أن 75% من المستهلكين يعتقدون أن الاستدامة مهمة للغاية، فإنها تمثل معيار الشراء الرئيسي لـ7% فقط، وفقاً لدراسة أجرتها شركة Boston Consulting Group الاستشارية.
قالت فريا: "يعتقد المستهلكون أن الشركات غير راغبة في التغيير، وتظن الشركات أن المستهلكين غير راغبين في التغيير، لذا فهو طريق مسدود. بمجرد عدم إجبار المستهلكين على الاختيار بين الاستدامة والفاعلية، حينئذ تشهد انطلاق الحلول".
ومع ذلك، ثمة إجراءات صغيرة يمكنك اتخاذها الآن: ابحثي عن المنتجات غير المغلفة (لطالما دافعت عنها شركة Lush)، وتجنبي المنتجات التي تُستخدم مرة واحدة، واستبدلي المناديل المبللة التي تُستعمل مرة واحدة والضمادات القطنية بأخرى قابلة لإعادة الاستخدام وإعادة التدوير كلما تريدين.