من أصعب الأشياء التي يواجهها الوالدان مشاهدة الطفل يعاني بسبب التحديات العقلية، كأن لا يستطيع إكمال المهام البسيطة، أو القيام بالأدوار المطلوبة منه في الحياة. لكن متابعة الأهل واحتضان الطفل في هذه المرحلة الهامة من الحياة هي أولى الخطوات نحو مساعدته ليصبح إنساناً مستقلاً.
نتعرف في هذا التقرير على العوامل الشائعة التي تؤدي إلى التأخر العقلي لدى الأطفال وكيفية التعامل معها.
ما هو التأخر العقلي؟
التأخر العقلي هو إعاقة ذهنية تظهر عند الأطفال الذين يمتلكون ذكاء أقل من المتوسط، وتكون قدراتهم المعرفية ومهاراتهم الاجتماعية متواضعة بعض الشيء.
قد يُعاني الأطفال المتأخرون عقلياً ضعف التحكم في النبض وقد يتفاعلون مع مواقف بسيطة بقوة.
وبسبب مستويات الذكاء الضعيفة، فإن هؤلاء الأطفال يشعرون سريعاً بالإحباط بسبب صعوبة الحياة.
أنواع التأخر العقلي لدى الأطفال
هناك 4 فئات واسعة من التأخر العقلي تبعاً لشدة الاضطراب، وهي:
1– التأخر العقلي الخفيف:
تتراوح درجة ذكاء الأطفال المُندرجين تحت هذه الفئة بين 50 و 75، ويمكنهم متابعة مهاراتهم الأكاديمية خلال المرحلة الابتدائية.
يمكن لهؤلاء الأطفال أن يستغرقوا وقتاً أطول لتعلم مهارات التواصل مع الآخرين، ولكن بمجرد التدريب بشكل صحيح يتواصلون بشكل جيد.
بعض المشكلات الشائعة لدى هؤلاء الأطفال تتمثل في عدم القدرة على اتخاذ القرارات، وعدم النضج الاجتماعي، ولكن يمكن لهؤلاء الأطفال أن يعيشوا نمط حياة مستقلاً ومكتفياً ذاتياً مع دعم اجتماعي ووالدي.
2– التأخر العقلي المتوسط:
درجة ذكاء هؤلاء الأطفال قد تقع بين 35-55، ويمكن للأطفال تحت هذه الفئة أداء مهام الرعاية الذاتية مثل الاستحمام والأكل والخروج تحت إشراف الوالدين وتوجيهاتهم.
يتعلم الطفل مهارات الكتابة والقراءة والعد الأساسية، وإن ببطء، إلا أنه يمكنه المشاركة في مهام يومية بسيطة.
عندما يكتسبون مهارات الاتصال، يمكنهم العيش حياة وظيفية جيدة، ولكن في بيئة خاضعة للإشراف قدر المُستطاع.
3– التأخر العقلي الحاد:
درجة معدل ذكاء هؤلاء الأطفال المتأخرين عقلياً بشدة تقع بين 20-40 درجة؛ يمكنهم إتقان بعض أنشطة الرعاية الذاتية الأساسية ومهارات الاتصال، وفي هذه الحالة يجب أن يعيشوا في منزل جماعي مختص برعايتهم.
4– التأخر العقلي العميق:
هؤلاء الأطفال يكون لديهم درجة ذكاء أقل من 20-25، يمكنهم تعلم مهارات الاتصال والعناية الشخصية الأساسية في ظل الدعم والتدريب المناسبين.
أسباب التأخر العقلي لدى الأطفال
يحدث التأخر العقلي لدى الأطفال الذين لديهم أدمغة لا تعمل بالمستوى الطبيعي، ومن الأسباب الأساسية للتأخر العقلي لدى الأطفال:
1- العوامل الوراثية:
يُعاني حوالي 3 من أصل 10 من الأطفال المتأخرين عقلياً من مشاكل وراثية، وتتمثل هذه المشكلات في وراثة جينات غير طبيعية من أي من الوالدين.
يحدث لهؤلاء الأطفال خلل في الكروموسومات، وبسبب الطفرات غير المرغوب فيها أثناء انتقال الجينات الوراثي، يصبح الطفل متأخراً عقلياً.
2- تناول الكحوليات أو السجائر أثناء فترة الحمل:
تُعدّ متلازمة الكحول الجنينية (FAS) واحدة من العوامل المثيرة للقلق، والتي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض القدرة الفكرية للطفل.
فخلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، يسبب تناول العقاقير أو الكحول إلى الإصابة بهذه المتلازمة، بل إن الكحول وإن بشكل معتدل أثناء الحمل يمكن أن يؤدي إلى صعوبات التعلم عند الأطفال.
الأمر نفسه ينطبق على تدخين السجائر.
3- إصابة الأمهات ببعض الأمراض أثناء الحمل:
عندما تعاني الأمهات من بعض الأمراض مثل الحصبة الألمانية أو داء المقوسات أو الاضطرابات الغدية، يمكن أن يصاب الطفل الذي لم يولد بعد بالتأخر العقلي.
ففي حال الإصابة بارتفاع ضغط الدم، فإن تدفق الدم إلى الجنين الذي لم يولد بعد يؤدي إلى نمو غير لائق للدماغ.
الأمر قد يتسبب ببعض العيوب الخلقية أو التشوهات الجسدية في المخ والرأس والجهاز العصبي المركزي لحديثي الولادة.
4- إصابات أو أمراض الطفولة:
بعض أمراض الطفولة الحرجة مثل جدري الماء والحصبة والسعال الديكي وفرط نشاط الغدة الدرقية يمكن أن تؤدي إلى تأخر عقلي إذا تُركت دون علاج لفترة زمنية طويلة.
ويمكن أن تسبب بعض أمراض الدماغ مثل التهاب السحايا أو التهاب الدماغ تورماً غير مرغوب في المخ، مما قد يؤدي إلى تلف في الدماغ والتأخر العقلي.
كذلك يمكن أن تسبب إصابات الدماغ المؤلمة أثناء حوادث الصدم المفاجئة أو السقوط من ارتفاعات تأخراً عقلياً عند الأطفال.
5- العوامل البيئية:
عندما يتم إهمال عملية التنشئة للطفل النامي، لن يكتسب التحفيز الذهني والبدني المطلوب.
في مثل هذا السيناريو أو الظروف، قد يُعاني الطفل ضعف التعلم، مما قد يؤدي إلى حدوث التأخر العقلي.
يمكن كذلك أن يصبح الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أو الذين يتعرضون لإساءة معاملة أو الذين يعيشون في ظروف معيشية غير صحية أو لا يحصلون على رعاية طبية كافية متأخرين عقلياً في سن الرشد.
قد يؤدي أيضاً التعرض العالي للمواد الكيميائية السامة مثل الرصاص أو الزئبق إلى حدوث التأخر العقلي لدى الأطفال.
أعراض التأخر العقلي عند الأطفال
تتضمن بعض الأعراض الشائعة للتأخر العقلي لدى الأطفال ما يلي:
1- عدم القدرة على تلبية المعايير الفكرية العادية.
2- الجلوس أو المشي أو الزحف في سن متأخرة.
3- مشاكل واضحة في التحدث.
4- عدم حفظ الأشياء.
5- عدم القدرة على فهم الأشياء البسيطة.
6- عدم القدرة على التفكير المنطقي.
7- صعوبات في التعلم.
8- تصرفات طفولية تبدو أصغر سناً مما عليه سنهم في الواقع.
9- عدم القدرة على اتخاذ القرارات بمفرده.
10- البطء في إتقان الأنشطة اليومية مثل إرتداء الملابس، أو التدريب على استخدام مقعد الحمام، أو تناول الطعام بمفرده.
الأطفال المتأخرون عقلياً يمكن أن يُظهروا في بعض الأحيان بعض الأعراض السلوكية التالية:
الاعتماد على الآخرين، العدوان، العناد، الميل نحو إصابة النفس بأذى، الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية، عدم السيطرة على النفس، صعوبات في الانتباه، انخفاض مستوى التسامح.
صفات الأطفال المتأخرين عقلياً
هناك بعض الصفات التي يشترك فيها الأطفال المتأخرين عقلياً، ومنها:
1- ضعف الذاكرة:
غالباً ما يكون لديهم ذاكرة قصيرة الأجل، ولا يمكنهم تذكر الحدث البسيط الذي حدث قبل بضع ثوانٍ أو دقائق.
2- معدل التعلم البطيء:
المعدل الذي يتعلم به الطفل المتأخر عقلياً مهارات ومعرفة جديدة، يقل كثيراً عن الطفل الطبيعي السليم، قد يحتاج مثل هذا الطفل إلى مساعدة الوالدين المنتظمة لأداء الأنشطة اليومية.
3- ضعف الانتباه وعدم الاهتمام:
لدى الطفل المتأخر عقلياً قوة تركيز ضعيفة، ولا يمكنه التركيز على الأنشطة بأقصى قدر من الاهتمام، بسبب ضعف الانتباه، كما يعاني بعض الأطفال المتأخرين عقلياً من نقص واضح في الاهتمام بمهام حل المشكلات.
كيف يساعد الآباء؟
فيما يلي بعض النصائح المفيدة التي قد تُعينك على مساعدة طفل متأخر عقلياً:
1- تعلم كل شيء عن التأخر العقلي من خلال مصادر مختلفة لرعاية الطفل بطريقة علمية جيدة.
2- تشجيع الطفل على تجربة أشياء جديدة في حياته، مع عدم تأنيبه أو الانتقاص من قدره ومنحه الوقت الكافي لإتقانها.
3- حثه على المشاركة في أنشطة جماعية مختلفة مثل الغناء أو الرقص أو الرسم.
4- متابعة معدل تقدمه في المدرسة.
5- الانضمام إلى مجتمع أو مجموعة تتكون من أولياء أمور الأطفال المتأخرين ذهنياً، للحصول على أفضل نصيحة ودعم عاطفي.
6- التعرف على الاستراتيجيات المختلفة لإدارة سلوك الطفل، منها: الدردشة، أو تقديم المكافآت، أو تجاهل بعض السلوكيات.
7- الانتباه جيداً لسلوكيات الطفل العدوانية، وإذا لزم الأمر، اللجوء إلى مستشارين يمكنهم مساعدته على التغلب على الغضب والإحباط.