يتعلق بعض الأطفال بأهاليهم بشدة، يتشبث بوالدته طوال الوقت ويتحرك معها في جميع أنحاء المنزل، ويصرخ عندما تختفي عن الأنظار، ويشعر بالقلق من الانفصال عنها، وقد يرفض اللعب حتى مع أطفال آخرين.
قد تكون محفزات هذا التعلق هي مروره بمرحلة جديدة في حياته كدخول الروضة والاختلاط بأقرانه، أو أن تصبح الأم حاملاً بمولود آخر، أو الانتقال إلى منزل جديد، أو حدوث صدمة في حياة الطفل.
هذه التغيرات تُشعر الطفل شديد التعلق بأهله بالوحدة وعدم الأمان؛ فيتشبث بوالدته طلباً للطمأنينة.
يمكن أن يؤثر انعدام ثقة الطفل بالكبار في زيادة ارتباطه بوالدته، خاصة عندما يتعين عليها تركه أول مرة في رعاية شخص آخر.
متى تصبح شدة التعلق خطيرة؟
يؤكد الخبراء أن تعلُّق الطفل بأُمه حتى عمر عامين أمر طبيعي للغاية، بعد هذه المرحلة من المفترض أن يبدأ في إظهار بعض الاستقلال عن أمه، ومحاولة استكشاف العالم مِن حوله.
لذلك إذا استمرت شدة التعلق بأمه لدرجة أنه أصبح يعيقها عن القيام بمهامها مع رفضه الاختلاط بمن حوله، هنا يجب على الأم اتباع النصائح التالية:
تجنُّب القسوة مع طفل شديد التعلق بأهله
من الطبيعي أن تشعري بالانزعاج ونفاد الصبر بسبب سلوكه، ولكن إدارة رد فعلك والتحكم فيه أمر غاية في الأهمية.
لا تواجهي طريقته بالعصبية والصراخ والتجاهل، حتى لا يشعر صغيرك بأنك لم تعودي مهتمة به أو تحبينه كالسابق، وعندما يشعر بأنك لا تكترثين به سيزداد تعلقه بك أكثر؛ خوفاً من فقدانك.
عند قيامك بعمل ما، احرصي على عناقه وطمأنته بأنك ستعودين إليه فور انتهاء مهامك، وأنكما ستقضيان بعض الوقت معاً عند انتهائك من هذه المهام.
شارِكيه تفاصيل حياتك اليومية
حاوِلي أن تخبريه بما ستفعلين قبل القيام به، حتى يكون مطمئناً إلى وجودك.
كأن تقولي له إنك ستذهبين إلى المرحاض وستعودين خلال 5 دقائق.
لا تختفي فجأة، لأن ذلك قد يتسبب في شعوره بعدم الثقة والقلق.
عندما تعودين إلى الغرفة، أعلني أنك قد عُدت، وابتسمي حتى يعلم طفلك أنك إذا غادرت فستعودين تماماً كما وعدتِ.
زيدي جرعة الثقة
حاوِلي أن تسندي بعض المهام إليه، فكلما كان طفلك يستطيع فعل أشياء مختلفة بنفسه ازدادت ثقته بنفسه.
اطلبي منه مساعدتك في التنظيف وترتيب الألعاب، وغيرها من المهام اليومية البسيطة التي تجعله يشعر بأنه يسهم بدور في الأسرة، وأنه ليس بحاجة للاعتماد عليك طوال الوقت.
اجعليه جزءاً من المجتمع
إن تجمعات الأهل والأصدقاء والخروج إلى أماكن عامة مع أشخاص مختلفين يسهّل على الطفلك شعوره بالراحة والتكيف مع الآخرين، ويكسر حاجز الخوف من الاختلاط لديه.
يمكن أيضاً أن تلحقيه بأحد الأنشطة الرياضية الجماعية المناسبة لعمره.
تجاهُله لن يجعله مستقلاً
تدعم دراسة قامت بها الباحثة الآن ستروف في جامعة مينيسوتا، فكرة عدم تجاهل الأطفال الصغار المتشبثين، لأن ذلك قد يكون له تأثير عكسي تماماً.
احرصي على طمأنته وإعطائه شعوراً بالأمان عندما يحتاج ذلك، مع تشجيعه على الاستكشاف واللعب من دونك، وامدحي شجاعته وقوته، وقدمي له الدعم.
شجِّعيه أيضاً على تجربة كل ما هو جديد طالما كان آمناً بالنسبة له، ولا تبالغي في ردّ فعلك إذا انجرح طفلك جرحاً بسيطاً.
دعيه يدرك أنك تعلمين مخاوفه جيداً
اقتربي من طفلك وحاوِلي تجهيزه نفسياً للتعامل مع المواقف الصعبة بعبارات بسيطة داعمة له.
على سبيل المثال، قبل الذهاب إلى الطبيب أخبريه بأنكما ستذهبان إلى الطبيب، وأنه سيعاملك بلطف ويعطيك حقنة ستؤلمك قليلاً، ليذهب بعدها الألم بسرعة، وأنك ستحضرين له بعد ذلك الحلوى التي يحبها.
إذا أردتِ أن تتركيه في رعاية شخص آخر، فاشرحي له أنك تفهمين جيداً ما يشعر به، لكنه سيقضي وقتاً ممتعاً للغاية، وأنك ستأخذينه في الوقت الذي اتفقتما عليه.
لا تتسللي متخفية وتتركيه فجأة، لأن ذلك سيجعل طفلك غير واثق بك على الإطلاق.
متى نستشير الطبيب؟
من الممكن أن يكون وراء هذا التشبث اضطراب بحاجة للعلاج كاضطراب التكيف، الذي ينتج عن حدث صعب مر به الطفل كطلاق والديه أو تغيير منزله.
يمكن أيضاً أن يكون الطفل مصاباً باضطراب الارتباط، الذي يكون سببه إيذاء أو إهمال الطفل في سنواته الثلاث الأولى؛ وهو ما يسبب لديه نفوراً من التعامل مع الآخرين مع إظهار غضبه بشكل عدواني.
وهناك أيضاً قلق الانفصال (الفراق)، وفيه يبدي الطفل خوفاً زائداً من افتراقه عمن يرتبط بهم، كأن يجد صعوبة في النوم من دون وجود شخص معين بالقرب منه، وقد يُظهر سلوكاً عنيفاً تجاه من يضطره إلى الفراق.