كثرة الأنشطة للأطفال غير صحية، هذا ما أكدته دراسات عنونت سعي الأهل لتعليم أطفالهم شتى أنواع المهارات بـ "الإفراط في التحفيز". ولكن لماذا؟
نعم، يتعلم الأطفال وينمون عندما تكون لديهم بيئة مُحفزة، ولكن مثل أي شيء، إذا زاد عن حدّه المُناسب فإنه يتحول إلى أمر سلبي له آثار ونتائج سلبية.
حينئذ، تتحول جميع الأنشطة والأصوات الرائعة التي يحبها طفلكِ أو طفلتكِ فجأة أكثر من اللازم إلى إفراط في التحفيز، تجعل الطفل غاضباً بإستمرار ومغموراً بالعواطف والضغوطات.
ما هو الإفراط في التحفيز؟
يحدث الإفراط في التحفيز عندما تغمر الطفل بخبرات ونشاطات أكثر مما يستطيع التعامل معه.
على سبيل المثال، قد يُصاب الطفل المولود حديثاً بالضيق بعد حفلة قام خلالها الكثير من الكبار بإحتضانه، وقد يتحول طفلكِ إلى طفل غريب الأطوار، إذا كان مطلوباً منه خلال يومه الذهاب إلى المدرسة، ثم درس السباحة بعد المدرسة ثم درس الموسيقى ثم عاد للمنزل لأداء واجباته المدرسية.
يتعب الطفل الذين يتعرض للإفراط في التحفيز ويمكن أن يشعر بالإرهاق، وعندما يحدث هذا، فإنه يحتاج إلى وقت هادئ وبيئة مألوفة وهادئة.
تؤدي المبالغة في تحفيز الأطفال إلى نوبات غضب، والتي تكون بمثابة تعبير عن الاحتياج لبعض فترات التوقف وليست عملاً يقصد به طفلكِ تحديك أو العناد.
لذا، يحتاج الآباء إلى إدراك أن أفضل شيء لطفلهم هو قضاء وقت هادئ قليلاً، وليس قمع نوبات الغضب تلك.
لهذا السبب، لا بد من التعرف على علامات الإفراط في التحفيز.
علامات الإفراط في التحفيز
بينما يمكن أن تختلف أعراض التحفيز المُفرط من طفل لآخر، إلا أن هناك بعض الإرشادات العامة بما في ذلك البكاء، الغرابة، نوبات الغضب، وحتى الانهيارات الفائقة.
قد يصبح الأطفال أكثر عصبية أو عدوانية أو متحمسين أكثر مما ينبغي، أو يمكنهم القيام بالعكس تماماً فيُفضلون الخروج من المكان أو الانسحاب من بين الناس أو إظهار سيطرة النعاس عليهم.
لكن ضع في اعتبارك أن الأطفال الذين يتم المبالغة في تحفيزهم لا يعرفون كيفية التعامل مع ما يشعرون به، كما أنهم لا يملكون مهارات الاتصال للتحدث عن أزمتهم،فتبدو عليهم العصبية والغضب والإنفعال الزائد.
العلامات التي تدل على الإفراط في التحفيز، والتي تختلف وفقاً للفئة العمرية للطفل، ومنها:
1- إذا تم المبالغة في تقدير المولود الجديد، قد يبكي الطفل أكثر من المُعدل المُعتاد، فيبدو مُنزعجاً أو يُحول رأسه بعيداً عنك، ربما يتحرك بعصبية وبطريقة مُتشنجة، ملوحاً بذراعه أو يحاول ركل أي شئ أمامه.
2- في مرحلة ما قبل المدرسة، يبدو الطفل متعباً ومُضطرباً، وكثير البكاء لعدم قدرته على استخدام الكلمات لوصف مشاعره. يرمي نفسه على الأرض في نوبة بكاء أو غضب حاد، ويرفض بإصرار القيام بأشياء بسيطة مثل وضع حزام الأمان.
3- في سن المدرسة: يسهل الحديث عن الأمر، إلا أنه لا يزال من المفيد معرفة علامات الإفراط في التحفيز لهذا الطفل، ومنها: فعل أشياء خارج طابع شخصيتهم، يُصبح عدوانياً بشكل مُبالغ فيه، وقد يظهر نوبات غضب حادة، أو يحاول الهرب من الناس وعدم التصرف أو أخذ رد فعل أمامهم، كما يُظهر النعاس أو الإرهاق بشكل مُبالغ فيه.
كي يُمكنكِ مُساعدة الطفل؟
مفتاح مُساعدة طفلكِ على التغلب على التحفيز المُفرط هو تعلم كيفية استجابته للأنواع المُختلفة من المُحفزات الحسية.
1- موازنة وقت النشاط ووقت الهدوء:
في السنوات الخمس الأولى من العمر، يتطور عقل الطفل أكثر وأسرع من أي وقت في حياته، إن التجارب المُبكرة لطفلكِ، والأشياء التي يراها ويسمعها و يلامسها ورائحة الأشياء وتذوقها تُحفز عقله وتخلق ملايين الروابط.
هذا يعني أن طفلكِ يحتاج إلى بيئة مُحفزة بها الكثير من الأنشطة المُختلفة التي توفر له الكثير من الطرق للعب والتعلم، والعديد من الفرص لممارسة ما يتعلمه، ولكن هذا لا يعني أنك تحتاج إلى قضاء طوال اليوم وكل يوم في استعراض الألعاب.
يحتاج الأطفال أيضاً إلى وقت هادئ في أماكن معروفة ومألوفة جيداً بالنسبة لهم.
2- حاولي تهدئة طفلكِ:
عندما تجدين أن طفلكِ غارق في الضغوط، خذيه إلى مكان هادئ، على سبيل المثال سريره.
إذا كنتِ في الخارج مع طفلكِ، يمكنكِ وضعه في عربة الأطفال وتغطيته بغطاء خفيف أو بطانية
يساعد لف المواليد الجدد والرضع على تهدئتهم، وقد يجد طفلكِ أيضاً أنه من المريح أن يُحمل بجوار جسدكِ في حبال أو شيء مشابه، أثناء ممارسة أنشطتك اليومية.
3- تهدئة الأجواء حوله:
قللي من الضوضاء والنشاط حول طفلكِ، على سبيل المثال، أوقفي التلفزيون أو الراديو وخذي طفلكِ إلى غرفة نومه، أو اسمحي له، كما سبق الذكر، بقضاء بعض الوقت بالقرب منكِ.
ساعدي طفلكِ على اختيار الكلمات التي تعبر عن مشاعره، على سبيل المثال: "أستطيع أن أرى أنك مستاء"، "أستطيع أن أرى أنك تشعر بالارتباك".
اجلسي بهدوء مع طفلكِ واختاري نشاطاً هادئاً لتقوما به، يُمكنكِ قراءة قصة له أو الاستلقاء وأخذه في حضنكِ أو غناء بعض الأغاني الهادئة أو التربيت على ظهره، وبعدما يُصبح هادئاً، امنحيه بعض الوقت للعب بنفسه.
إذا قال طفلكِ أنه لا يريد القيام بنشاط معين، فحاولي معرفة ما لا يعجبه في هذا النشاط تحديداً، لكن من الأفضل التحدث إليه لاحقاُ، بعدما يُصبح هادئاً.
4- الحدّ من التكنولوجيا:
الجاني الآخر في الإفراط في التحفيز هو التكنولوجيا، والمُتمثلة في التلفزيون والكمبيوتر اللوحي والهاتف الخليوي، فيجب التأكد من اتباع إرشادات أكاديميات طب الأطفال بخصوص استهلاك الوسائط.
وبشكل عام، توصي هذه الأكاديميات ألا يستخدم الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين أي وسائط، وإذا فعلوا ذلك، فيجب أن يكون محدوداً للغاية، ولا يجوز أن يستخدموها بمفردهم.
بالنسبة للأطفال من عمر سنتين إلى خمس سنوات، يجب ألا تزيد مدة استخدامهم للشاشات عن ساعة واحدة في اليوم.
ما هي الكمية المُناسبة من التحفيز؟
لا توجد إجابة صحيحة واحدة على مقدار التحفيز الزائد، لأن كل طفل يختلف عن الآخر.
دعي طفلكِ يُصبح مُرشداً لكِ في هذا الأمر، وتذكري دوماً أن الاعتدال هو الأفضل.
بالنسبة للأطفال الرضع والصغار، فمن الجيد أن تمنحي طفلكِ بعض الوقت كل يوم لمُمارسة الألعاب التي يُفضلها أو الراحة والاسترخاء بهدوء، بصرف النظر عن وقت النوم.
من المُحتمل أن يستفيد طفلك في سن المدرسة بشكل كبير من نشاط أو نشاطين خارجيين عن الدراسة على شرط أن تُلاقي هذه الأنشطة إهتماماً فعلياً لديه,
تشكل هذه الأنشطة سبلاً رائعة لتطوير المهارات وتكوين صداقات جديدة ومتابعة الاهتمامات، مع مراعاة الاسترخاء والتسلية.