أثار تعليق مهين عن إنجاب الأطفال في اليمن رغم عدم قدرة الأمهات تغذيتهم يثير حفيظة 3 سيدات. ردت السيدات برسالة مفتوحة تقول لا تحاسبوننا لأن الأطفال هم الأمل، بل توقفوا عن بيع الأسلحة للسعودية!
إذ كشف تقرير إخباري صدر في ديسمبر/كانون الأول عام 2018، النقاب عن عمق الأزمة التي تجتاح اليمن.
وفي التقرير تظهر الأمهات وهن يراقبن الأطباء أثناء فحصهم لأذرع أطفالهن، فيما يشرح المراسل التلفزيوني قائلاً: "عندما يتحول لون الشريط للأحمر، فهذا يعني أن الطفل يعاني سوء التغذية الحاد".
وبعد أكثر من 4 سنوات من الحرب الأهلية والصراع بالوكالة، أصبح هؤلاء الأطفال والأمهات والأطباء اليمنيون عالقين، فيما تدعوه الأمم المتحدة "أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في عصرنا".
وعُرض التقرير لأول مرة في البرنامج التلفزيوني الأمريكي PBS NewsHour.
تعليق مهين عن إنجاب الأطفال في اليمن يستفز مصورة
كانت اللقطات مروعة. ومع ذلك، صادفت أميرة الشريف، المصورة التي تقيم في صنعاء تعليقاً على مواقع التواصل الاجتماعي حول التقرير الذي أذهلها:
"لماذا تستمر هؤلاء النسوة اليمنيات في إنجاب أطفال يعرفن أنهن لا يستطيعن إطعامهم"؟
استشاطت أميرة غضباً وقالت لصحيفة The Guardian: "ألا يكفي أن التحالف الذي تقوده السعودية، المدعوم من المملكة المتحدة والولايات المتحدة نشر الموت والدمار في اليمن، والآن أصبح لزاماً علينا، نحن النساء اليمنيات، ألا نحضر روحاً جديدة إلى العالم"؟
وأشارت إلى آخر أرقام القتلى في وطنها الأم، كما لو كانت تدافع عن منطقها.
وفقاً لمشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح، قُتل أكثر من 60 ألف شخص -بمن فيهم الآلاف من المدنيين الصغار والكبار- جراء الحرب مباشرة منذ عام 2016.
وفي الوقت نفسه، تقدر منظمة إنقاذ الطفولة أن 85 ألف طفل دون سن الخامسة ربما ماتوا بسبب الجوع أو المرض الشديدين.
قالت: الأطفال هم الأمل والحياة
قالت المصورة، التي لديها 12 من أبناء وبنات الأشقاء الصغار في صنعاء العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون: "الأطفال هم الحياة في مقابل كل أولئك الذين قتلوا في الحرب. الأطفال هم الأمل".
وعلى مدى الأسابيع القليلة التالية، مزجت أميرة مجموعة من الصور الفوتوغرافية حول موضوع الأمومة، لتخرج بمجموعة صور Mothers Being Mothers.
وتتداخل مشاهد النساء اليمنيات اللائي يحتضن أطفالهن مع تلك الميليشيات المدعومة من الإماراتيين أو رجال الميليشيات المنحازة لإيران وهم يشهرون أسلحتهم.
الأمم المتحدة تنحاز للسعودية بسبب المال
وتظهر في إحدى صورها مجموعة أطفال مبتسمين ملتصقين ببعضهم -وهم بنات وأولاد أشقائها- ويظهر مشهد لمدينة صنعاء من خلفهم، قبل 6 سنوات من قصف التحالف الذي تقوده السعودية بدعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لحيّهم.
وفي إحدى الصور، يظهر فتى وهو يُسقط ريالاً يمنياً في الفم المجوف لنموذج من الورق المقوى يصور الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، خارج مكاتب الأمم المتحدة في صنعاء.
(في ذلك الوقت، يونيو/حزيران 2016، كان بان قد محا اسم المملكة العربية السعودية من قائمة الأمم المتحدة السوداء لقتلة الأطفال، متعللاً بتهديدات المملكة بوقف تمويلها للأمم المتحدة، وهي أحد أكبر المتبرعين لمنظمته في المنطقة).
فلا تبيعوا السعودية السلاح ثم تحاسبوننا على الإنجاب!
وعندما ظهرت مجموعة صور Mothers Being Mothers، أدلت إلهام حسن، وهي كاتبة تقيم في صنعاء، وأم لثلاثة أطفال وزميلة أميرة الشريف منذ فترة طويلة، بدلوها.
وتتساءل إلهام: "ما المطلوب من الناس الذين يعيشون في مناطق الحروب؟".
وتابعت حديثها مهاجمة، تماماً مثلما فعلت سلسلة الصور المؤلمة التي التقطتها أميرة، المنطق الراسخ الذي يقوله الغرب أولاً، ولتمزق الأزمات الآخرين، وخاصة الازدواجية المهلكة التي يتسم بها قادة العالم مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، اللتين تقدمان المساعدة لليمن المنكوب بيدٍ وتبيعان الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية باليد الأخرى.
وفي رسالتها صرخة: لن نستسلم للحرب
ونقلت النسوة الثلاث معاً، إيل كورانسيد، وهي كاتبة مقيمة في القاهرة، وأميرة الشريف وإلهام حسن، كلمات إلهام في الرسالة المفتوحة التالية، بعنوان "التوقف عن ممارسة الحياة والاستسلام للحرب"؟
ننقلها كما نشرتها صحيفة The Guardian:
"لماذا نستمر، نحن النساء اليمنيات، في إنجاب أطفال نعرف أننا سنعاني لإطعامهم؟ أولاً، نحن نفعل الشيء نفسه الذي تفعله النساء في جميع أنحاء العالم: نكوِّن عائلات.
أخبروني، ما المطلوب من أناس يعيشون في مناطق الحرب؟ التوقف عن العيش والاستسلام للحرب؟
أن ندفن أنفسنا أحياء لأن أحداً منا لا يعرف متى تحين نهاية الحرب؟
المستفيدون من الحرب -أولئك الذين يبيعون الأسلحة- هم الذين يعرفون. وعندما يشعرون بالاكتفاء، فربما يشعر أطفالنا حينها بذلك أيضاً.
في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، حيث أعيش أنا والملايين من اليمنيين، شهدنا أسوأ حرب اقتصادية تشنها حكومة بلدنا المدعومة من السعودية.
إذ انهارت العملة. ولم يتقاضَ الموظفون المدنيون أجورهم.
وأصبح الغذاء والدواء إما مكلفين للغاية أو شحيحين. والغارات الجوية والحصار والظلام.
إذا كان المستفيدون -القوى الدولية- يعتقدون أنهم ليسوا هم المسؤولين عن إطعام الأطفال اليمنيين، فهم مسؤولون عن تجويعهم بطريقة أو بأخرى.
[كانت اليمن بالفعل واحدة من أفقر دول العالم قبل الحرب الكارثية والإجرامية، والمجاعة الشاملة، وأكبر وباء كوليرا في التاريخ المسجل].
وتماماً مثل الأمهات في جميع أنحاء العالم، نشعر بالسعادة عندما يأكل أطفالنا ونشعر بالقلق عندما لا يفعلون.
نحن أيضاً نريد لأطفالنا أن يتمتعوا بالصحة ويستمروا في النمو؛ نريدهم أن يعيشوا.
ولكن الحرب تجعل من ذلك أمراً معقداً. إذ يعاني معظم الأطفال اليمنيين من فقدان الشهية بسبب نقص الغذاء.
وأصبحت أجسادهم هزيلة. نعم، نحن الأمهات اليمنيات نعرف أننا نخذل أطفالنا، لكننا نعرف أيضاً أن القوى الدولية تخذلنا.
وللأسف، يعصف بنا الخذلان مرة تلو الأخرى: اليمنيون الصغار والكبار الذين يتألمون -يبكون في ألم- لا يمكنهم العثور على الدواء.
وترسل الأمهات صوراً لأطفالهن المرضى أو الجرحى لأناس يقطنون الأحياء التي يعشن فيها ويطلبن مساعدتهم في العثور على الدواء وشرائه.
إذ لا يمكنهن تحمل تكلفة حقنة واحدة لتخفيف آلام أولادهن، ناهيك عن إجراء عملية لمساعدة بناتهن على المشي.
ستقولون لنا "طالما أنكن تعشن في بلد فقير مزقته الحرب، حيث الغذاء والدواء بعيدا المنال، فلا تنجبن أطفالاً".
"لكن الحقيقة المؤلمة هي أن رفاهية أطفالكم تعتمد كثيراً على بؤس أطفالنا. ونسألكم: "لماذا تعمل القوى الدولية على تجويع أسرنا"؟
هل لأن حكوماتكم تواصل بيع الأسلحة للتحالف السعودي، والتي تُستخدم لتشويهنا وقتلنا؟ هل لأن المملكة تدفع للعالم لالتزام الصمت؟
إن قصة الحرب لا تدور حول أن الحوثيين يريدون السيطرة على اليمن- كلا، إنها القوى الدولية من تُجوِّع اليمنيين.
اسألونا مجدداً: "لماذا تستمر النساء اليمنيات في إنجاب أطفال؟" وسنجيبكم بسؤال آخر: "لماذا تستمر القوى الدولية في شن الحروب"؟"