إذا أردتِ أن تضعي مكياج عين القطة أو Cat eye أو حتى العيون الدخانية الساحرة، فإن أول ما تفعلينه هو البحث عن فيديو تعليم على يوتيوب. ولكن ماذا لو كانت بشرتكِ داكنة؟ البشرة الداكنة وصعوبة العثور على مكياج مناسب قضية بدأت تنتشر وتجد صدادها لدى مناهضي التمييز العنصري، حتى في منتجات المكياج.
فماذا لو أظهرت معظم مقاطع الفيديو نساء ذوات بشرة فاتحة يضعن ألواناً تجعلكِ تبدين كما لو كان لديك عين مرضوضة؟! وماذا لو لم تستطيعي فهم ما تفعله تلك الخبيرة، لأنكِ تشعرين بأنكِ لا تشبهينها؟
والإجابة على ذلك بسيطة أيضاً: يمكنك إنشاء قناة خاصة بكِ على موقع يوتيوب.
هذا بالضبط ما فعلته جاكي آينا (31 عاماً)، ومونيكا فيلوز (26 عاماً) ونيما تانغ (27 عاماً).
لدى النساء الثلاث ما يقرب من 4 ملايين مشترك على قنواتهن بموقع يوتيوب، ويتبع جاكي وحدها أكثر من مليوني مشترك.
الجميع يبحث عمن يشبهه.. وصاحبة البشرة الداكنة مهمتها أصعب
تفتح الفتيات الثلاث، اللواتي تعلّمن وضع المكياج بأنفُسهن، كاميراتهن بالمنزل، ويبدأن في شرح طريقة وضع كريم الأساس، والرموش الاصطناعية، واستخدام أدوات الزينة لإبراز عظام الوجنتين، خطوة بخطوة.
يعطين دروساً في الأدوات التي يجب استخدامها ومنتجات الشعر التي تحقق نتائج جيدة.
تقول نيما: "أعتقد أن الجميع يبحثون عن شخصٍ يشبههم، كنت بالتأكيد أبحث عمن يشبهني، خاصة على موقع يوتيوب، وكان من الصعب العثور على دروس تعليمية حول منتجات مخصصة للنساء اللاتي يتمتعن ببشرة أغمق لوناً".
يقدم أصحاب المدونات الجمالية للنساء من ذوات البشرة الداكنة شيئاً قد لا يكون لديهن دروس مباشرة لإلقائه بشأنه:
– الثقة باستخدام ألوان المكياج الجريئة.
– الوقوف في وجه الكارهين.
– والأهم من ذلك، اختيار الطريقة المناسبة التي يقدمن بها أنفسهن.
البشرة الداكنة وصعوبة العثور على مكياج مناسب
تجرب الفتيات ماركات مختلفة من أدوات الزينة، لإظهار مدى صلاحيتها للبشرة الداكنة أم لا، وغالباً ما تكون الإجابة لا.
ويعلمنّ النساء ألا يخفن من استخدام ألوان معينة مثل أحمر الشفاه الأحمر، أو ظلال العين الصفراء الفاتحة، أو الهايلايتر المجسم.
ويتابع مقاطع الفيديو الخاصة بهن ومشاركاتهن على الشبكات الاجتماعية جمهور من النساء ذوات البشرة الداكنة المستعدات لإنفاق المال على منتجات التجميل، كما تُظهر الدراسات، ولكن اختياراتهن محدودة.
تقول نيما لصحيفة The New York Times: "لا تصلح معظم منتجات التجميل لي دائماً".
وتقول مونيكا: "في كثير من الأحيان لا يريدون التأني في صناعة المنتج".
وتضيف أن شركات التجميل تعامل المرأة ذات البشرة الداكنة، في أغلب الأحيان، على أنها "مسألة ثانوية".
وتقول جاكي: "غالباً ما تُعامل النساء ذوات البشرة الداكنة على أنهن يأتين في أسفل الهرم الاجتماعي. أنا لا أفهم ذلك!".
لذا، الحل في تقديم مراجعة صادقة.. وإن كانت صادمة للمنتجات
في بعض الأحيان تنحرف النساء عن القاعدة وتطلق مقاطع فيديو تناقش العِرق، وبشرتهن وخلفياتهن.
بل يسخرن كذلك من التعليقات الكارهة التي يتركها المشاهدون أسفل مقاطع الفيديو الخاصة بهن.
لكن وظيفة أصحاب المدونات الجمالية هو استخدام منتج ومراجعته لمتابعيها. وإجابة أسئلة مثل: هل يجعل بشرتها دهنية؟ هل يغطي الندوب؟ هل يستحق ثمنه؟
تزداد صعوبة تنفيذ هذه المهمة بشكل متزايد عندما تكون الخيارات محدودة بين المنتجات المطروحة.
في أحد مقاطع الفيديو التي صورتها مع مجموعة من أصدقائها، تجرب مونيكا كريم أساس أصدرته شركة Beauty Blender مؤخراً، لتكتشف أن كل الألوان الموجودة في العلبة لا تلائم بشرتها.
وتصيح مونيكا: "تحولت بشرتي إلى اللون الرمادي، فاشل، أشعر بخيبة أمل كبيرة، لأنه لا يوجد أي لون من تلك الألوان يناسب أياً ممن ينحدرون من أصول إفريقية لاتينية مثلي".
إذا كانت شركة التجميل لا تصنع مجموعة من ألوان كريم الأساس المناسبة للنساء ذوات البشرة الداكنة -أو أن ألوانها الداكنة تحتوي على أساسات برتقالية اللون تجعل النساء يشبهن الأواني المصنوعة من التراكوتا- فليس لدى السيدات خيار سوى تقديم مراجعة صادقة.
البشرة الداكنة ليست ضمن أولويات شركات المكياج
وتقول جاكي: "كل ما يمكنني فعله هو الحكم على الشركة من خلال منتجاتها".
تقول د. لابوراشيا ديفيس (30 عاماً)، الأستاذة المساعدة في جامعة مورغان الحكومية الأميركية، والتي كتبت أطروحتها حول العلاقة بين استخدام النساء ذوات البشرة الداكنة مستحضرات التجميل ومواقفهن وهوياتهن، إنَّ معظم شركات أدوات التجميل "لا تضع النساء ذوات البشرة الداكنة في حسبانها".
وقالت الدكتورة لابوراشيا: "هناك الكثير من النساء يتمتعن بلون جلد أكثر قتامة، وهو أمر تتجاهله معظم الشركات".
صناعة الجمال تنهض.. والخبير بحاجة لمجرّب
بالنسبة لجيرود بلاندينو، الشريك المؤسس والمدير المبدع في شركة Too Faced، فقد استلزم الأمر أن يخوض تجربة شخصية لإدراك أن علامته التجارية قد لا تكون قد بلغت حداً يرضي النساء ذوات البشرة الداكنة.
وعندما اكتشف أن إحدى أفراد عائلته من ذوات البشرة الداكنة تضطر إلى مزج منتجين معاً لتحقيق تغطية مناسبة لكريم الأساس، طلب من آينا المساعدة.
قال بلاندينو: "كنت بحاجة لمعرفة ما لم أكن أعرفه"، مضيفاً أنه من المهم "إحضار شخص إلى شركتي بإمكانه أن يعلمني الفروق الدقيقة في اللون والقوام، ويساعدني وشركتي على معرفة ذلك بشكل صحيح".
وأصدرت الشركة خط كريم أساس foundation يضم عدداً أكبر من الألوان بالتعاون مع جاكي آينا في وقت سابق من هذا العام (2018).
تقول جاكي: "لا يقتصر الأمر على إصدار ألوان للأشخاص ذوي البشرة الداكنة، مضيفة أنه عندما لا تتواصل الشركات مع النساء ذوات البشرة الداكنة لتتعرف على بشراتهن، فإن الشركات وعملاءها يخسرون".
بعض الشركات اكتشفت هذا النقص في أثناء عروض الأزياء
وقد ركزت العديد من العلامات التجارية، ومن ضمنها Iman Cosmetics وFashion Fair وMAC Cosmetics على الشمولية عدة عقود.
وقالت جنيفر بالبييه، نائبة رئيس شركة MAC Cosmetics لتطوير المنتج، إن كريم أساس شركة ماك أصبح من أبرز المنتجات المستخدمة في عروض الأزياء خلال التسعينيات.
قالت جنيفر: "كانت العديد من عارضات الأزياء ينحدرن من أصل إفريقي ولم تكن كريمات الأساس تطابق بشراتهن بشكل صحيح، ولكن عندما برز كريم الأساس وخافي العيوب من MAC في المشهد، فإن مجموعة ألوان كريم الأساس الخاصة بنا قللت من كثافة الكريم المستخدم لمطابقته على بشراتهن".
ووضع عارضة ببشرة داكنة في الإعلان لا يعكس شمولية المنتج
وتنبه جاكي المستهلكين إلى"توخي الحذر من العلامات التجارية التي تستغل فكرة الشمولية"، أو استخدام النساء ذوات البشرة الداكنة كأمثلة لإظهار أنها شاملة.
لكنها قالت إنها تعتقد أن بعض العلامات التجارية بدأت تعي أهمية إدخال النساء ذوات البشرة الداكنة في حساباتها.
ويعتقد بلاندينو أيضاً أن شركات أدوات التجميل تتجه نحو فكرة المثالية.
وقال: "صناعة الجمال تستيقظ وتفهم أن الناس يأتون في كل شكل وحجم ولون، وأننا جميعاً مهمون".
وشدد على أن الصناعة يجب أن تجعل الشمولية أولوية دائمة.
وقال بلاندينو: "هذا ليس حدثاً وقتياً، هذا هو المستقبل، من المهم جداً ألا يتحول هذا إلى اتجاه مؤقت".
ريهانا حاولت سد هذه الثغرة بإصدار 40 كريم أساس
عام 2018، يكاد يكون من المستحيل تجاذب أطراف الحديث حول العلامات التجارية لشركات التجميل التي تلبي احتياجات النساء ذوات البشرة الداكنة دون الحديث عن شركة Fenty Beauty.
بدأ خط أدوات الزينة الذي ابتكرته ريهانا منذ عام بإصدار 40 لوناً من ألوان كريم الأساس، 10 منها على الأقل للنساء ذوات البشرة الداكنة.
تلقت العلامة التجارية إشادة كبيرة، لكونها شاملة لكل ألوان بشرة النساء، ونفدت المخازن من المنتج بعد إطلاقه لأول مرة.
وفي حين أن هذه العلامات التجارية وغيرها من العلامات التجارية، مثل Pat McGrath Beauty Labs وLancome، التي تعمل فيها لوبيتا نيونغو متحدثة باسمها، تضع النساء ذوات البشرة الداكنة في مقدمة ووسط أولوياتها، لا تزال الشركات الأقل شمولاً تستحوذ على غالبية مساحة الأرفف في مخازن ومحلات أدوات التجميل.
ورفضت شركة Sephora الفرنسية مناقشة حجم المبيعات أو تقديم بيانات عن مشتريات كريم الأساس.
لكن دراسة حديثة أجرتها شركة Neilsen لأبحاث التسويق، أظهرت أن النساء ذوات البشرة الداكنة ينفقن 151 مليون دولار على المنتجات الفاخرة غير الضرورية التي تبلغ قيمتها 679 مليون دولار.
والسوق لن تتطور طالما كان تفتيح البشرة هو الأَولى للتجميل
إذا كان الطلب والقوة الشرائية متوفرَين، فلماذا يوجد عدد قليل من الشركات على استعداد لتصنيع منتجات لذوات البشرة الداكنة؟
تقول نيما تانغ إن الأمر بسيط، إذ إنه حتى اليوم، "البشرة الأفتح هي الأساس".
أقامت صاحبات مدونات الجمال علاقة مع النساء اللواتي يشعرن بأن ماركات أدوات التجميل تتناسهن.
ويشعرن بأنه من مسؤوليتهن تعريف هؤلاء النساء على العلامات التجارية التي تراهن وتفهمهن.
وقالت نيما: "ما يشجعني هو الرسائل اليومية التي تصل لي من النساء والفتيات ذوات البشرة الداكنة. لا أريد أن يشعر أي شخص بأنه ليس جميلاً بما فيه الكفاية".