إن النساء في الإسلام كالرجال من ناحية الاحتياج إلى من يعلمهن أمر دينهن ويجدده لهن.
ولكل امرأة حرية الاختيار بين الحياة الدنيا وزينتها وبين الله ورسوله والدار الآخرة.
إن المرأة ضعيفة عاطفية سريعة الرجوع إلى طريق الحق لو جلست إليها من النساء مَن تذكرها بالله وبالدار الآخرة ومَن تطرح بين يديها الخيار بين زينة الدنيا وزينة الآخرة.
ونجد من نساء المسلمين من توغّلت في الماديات وفي التبرج؛ لأنها لم تسمع عن خبر الآخرة، حتى وإن سمعت يكون ذلك في مجمع نسائي يلقى فيه كلام بارد وجمل لا روح فيها.
المرأة بطبعها مولعة باللعب واللهو والتفاخر والزينة، وما كسر هذا التعلق مثل تعميق الشعور بالمآل.
شبابك أيتها المسلمة ونضارتك وزينتك كمثل غيث أعجب اللاهين نباتُه، لكن يأتي يوم عليه يصفر فيه ويذبل ويسقط حطاماً كما يسقط جسمك وشعرك وما تكحلين وما تحمرين.
وتشريفاً لطاعتك أيتها المؤمنة وعدك الله كما وعد المؤمن جنات تجري من تحتها الأنهار، قال تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
على المؤمنة مقابل هذا الوعد الإلهي أن تثبت اختيارها بتوبة تامة تلزم نفسها بعدها بما التزمت به المسلمات الداخلات في الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكي تتخلص المؤمنة من سلطان الهوى وسيطرة المحيط المليء بهوس بنات الدنيا، فعليها أن ترقى بمخالطة المؤمنات وبذكر الله والصلاة والعمل الصالح، حينئذ فقط يمكن أن نقول إن شرع الله هو المستمسك.
ومن ترقي المؤمنة في معارج الدين إرادتها التشبه بأمهات المؤمنين تتخذنهن نموذجاً فهن ذوات الصون والكمال.
هذه خطوات المسلمة من دنيا الانحطاط والزينة الدنيوية من حضيض التبرج إلى مرتبة الطاهرات.
اتركي كل شيء يمكن أن يبعدكِ عن الله، إن الحياة تستحق أن تعاش بكل قوة بكل حب، لكن الحكمة في أن تخلقي التوازن بين متعة الحياة ومتعة العبادة، أن يكون قلبك عامراً بعشق الله وحب الناس؛ لأن ذلك يصب في حب الله، ارضَي بكل ما كتبه الله لكِ، وانظري لكل ما يحدث في حياتك نظرة خير، نظرة يقين في أن كل شيء من عند الله هو جميل، حتى ولو تعذّبتِ وتألمتِ وعانيت، فالجمال يكمن في الفرح بالفرج بعد الابتلاء فتكسبين أجر الصبر وتربحين باباً لتيسير الأمور، لا تهتمّي بالأشخاص فمن يحبك من الناس سيتقبلك طويلة كنتِ أو قصيرة، سمينة أو رفيعة، اهتمي بتضخيم حب الله فيكِ تنالي حب عباد الله، انسَي بعض التقاليد البائسة، والكلمات المحبطة، أنت خلقك الله، والله جميل، خلقنا نشع جمالاً فقط علينا أن نكتشف الجمال فينا، كوني جميلة بقربك من الله، كوني جميلة بحبك لرسول الله، لأمهات المؤمنين، كوني جميلة بثقافتك بابتسامتك، كوني جميلة بصدقك وعفويتك، كوني جميلة بحبك للخير، كوني جميلة لأنك أنتِ ولا توجد مَن تشبهك لا شكلاً ولا شخصيةً، فقط أحبّي نفسك.
وفي المقابل على كل واحدة أن تقتحم عقبات التقاليد وعوائق العادات والعقول المتخلفة التي تجعل المرأة وراء الرجل تابعةً له، لا معه، إن المرأة يجب أن تكون متزعمة مع الرجل ومشاركة له، فالإسلام لم ينفِ يوماً دور المرأة أو يطمسه.
لكن نجد العديد من الرجال يقفون في وجه المرأة، ويعاملونها كأنها كائن ثانوي في هذه الحياة، لم يفهم المرأةَ رجلٌُ أكثر من الحبيب صلى الله عليه وسلم، احتوى غيرة سيدتنا عائشة -رضي الله عنها- واحتوى غضبها، احتوى حبها له، كان -عليه الصلاة والسلام- يعرف كيف يساير طفولة المرأة، كيف يراضيها ولو كان الخطأ منها، كان يعبر عن حبه لها بطريقة رائعة، لم يكن يتعب نساءه، وكان دائماً يقابلهن بابتسامة وكلمة طيبة، كل هذا من أجل أن يكون القدوة، وليس من أجل أن نراه كملاكٍ، هو الرسول الإنسان، وعلى جميع الرجال تتبع خطاه ليس فقط عباداتياً بل معاملاتياً أيضاً، يجب أن تكون كفة المعاملة في توازن مع كفة العبادة، وإلا فسلام على كل رجل يحاول اتخاذ الحبيب المصطفى قدوة في العبادة وحسب.
ومن هنا نتطرق إلى أمر مهم، المعلوم أن المرأة عاطفية ولعاطفيتها تلك، يكون من السهل عليها تتبّع قدوتها في الحياة، ولنا في أُم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- خير قدوة فإن تأملتن وحللتن شخصية أمنا عائشة -رضي الله عنها- قليلاً لرأيتن أننا وبكل بساطة لم نفهم كيف تبنى شخصية المرأة المسلمة المؤمنة.
أُمنا الحبيبة عائشة كانت قوية الشخصية، حكيمة رزينة رغم صغر سنها، وقد كانت عائشـة -رضي الله عنها- تهتمّ بقضايا الزينة بشكل خاص، وتنصح النساء بالتزين لأزواجهن، كما كانت تفعل هي لزوجها صلى الله عليه وسلم.
عن المعلىّ بن زياد قال: حدثتنا بكرة بنت عقبة أنها دخلت على عائشة وهي جالسة في معصفرة، فسألتها عن الحنّاء، فقالت: شجرة طيبة وماء طهور. وسألتها عن الحفاف، فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنـزعي مقلتيك فتصنعينهما أحسن مما هما، فافعلي.
وكانت -رضي الله عنها- كثيرة العبادة شديدة الورع، كانت تحدث الرجال بكل ثقة وقوة، فإن أشكل على أصحاب رسول الله حديث كانوا يسألون الحبيبة عائشة فيجدون عندها منه علماً، إذا ما تأملنا جيداً فشخصية أمنا عائشة كانت شبه كاملة من عبادة لعلم لاهتمام جميل بزوجها، زيادة عن حبها للحبيب -عليه الصلاة والسلام- والذي أحب أن أسميه حباً مشاغباً جميلاً مليئاً بالغيرة والشقاوة البريئة.
هكذا المرأة المسلمة قوية الشخصية حكيمة رزينة خاضعة محبة لزوجها، متعطشة للعلم، مؤمنة صادقة قانتة، فكن عائشيات التفكير تفلحن دنيا وآخرة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.