يخاف الآباء من العنف الذي يظهر على تصرفات أطفالهم في سنٍّ مبكرة. ويرى الكثير أن هذا الكم من العنف يأتي "من العدم" وليس له مبرر، وغالباً ما يجدون صعوبة كبيرة في فهم دوافعه وأسبابه، وصعوبة أكبر في التصرف، فيظلّون حائرين بين الدفاع عن الطفل وتوبيخه.
أخصائية علم النفس، تيريزا بينيديتي، توضّح لصحيفة Chedonna الإيطالية طبيعة الغرائز الإنسانية، وكيفية تطوّرها، لتكون مسؤولة عن السلوك العنيف الذي يظهر عند الطفل في سن مبكرة.
وستقدم الأخصائية ما سيساعد الآباء على فهم هذه الغرائز، لكي يتمكنوا من التدخل عند ملاحظة أي بوادر تصرفات عدوانية عند الطفل.
كيف نُعرِّف العنف؟ وما أنواعه؟
عرَّفت تيريزا العنفَ على أنه "سلوك يتولد لدى الإنسان ويطوّر لديه شعوراً يدفعه إلى إلحاق الضرر بشخص آخر". وقد بيَّنت الأخصائية أن العنف يمكن أن يتخذ عدة أشكال؛ أبرزها العنف اللفظي والجسدي، حيث يمارسه الإنسان بصفة فردية أو ضمن مجموعات، ووفقاً لطريقة انتقائية أو عشوائية.
وينقسم العنف إلى نوعين من السهل التمييز بينهما؛ أولهما العنف العدواني، الذي يهدف أساساً إلى إلحاق الضرر بالأشخاص وأذية "الضحية". أما النوع الثاني فيتمثل في "العدوان الأساسي"، ويتميز به الأشخاص الذين دائماً ما يعبرون عن غضبهم من خلال أفعال عدوانية تتسبب، في بعض الأحيان في ضرر للآخرين، ولكن دوافعه لا تكون عدوانية، لذلك فهو أقل خطورة من النوع الأول.
في الواقع، تقوم عملية التمييز بينهما أساساً على اختلاف نية الفرد من استعمال العنف. فمن خلال العنف العدواني، تكون نية الفرد ضرب الطرف الآخر وإلحاق الأذى به، بينما في العدوان الأساسي، يكون الضرب مجرد وسيلة.
أما بالنسبة للأطفال، فيمكن تمييز هذا السلوك في مراحله المبكرة، من خلال أخذ هذه الجوانب الأربعة بعين الاعتبار، ألا وهي؛ الكمية والنوع وسبب ظهور هذا السلوك ومستوى الإدراك.
لحسن الحظ، ليست مسألة التعامل مع العنف المتولد لدى الأطفال ومكافحته أمراً صعب التنفيذ، إذ يكفي على الآباء العمل وفقاً لبعض الخطوات. على سبيل المثال، يمكن للوالدين التخفيف من حدة العنف لدى الطفل من خلال جعله يحتك بالعالم الخارجي ويتواصل مع أقرانه.
ويمكن للوالدين التعويل على نمو الطفل كعامل بيولوجي مساعد، من شأنه أن يسهم في محو بعض المظاهر الواضحة للعنف.
وعندما يتعلق الأمر بالعنف اللفظي، خاصةً فيما يتعلق بنوع العدوان الأساسي، فإن كيفية التعامل معه تعد سهلة مقارنة بسابقتها.
وتجدر الإشارة إلى أن تفسير الطفل لما يحيط به من شأنه التأثير على سلوكه وتغيير الدوافع التي تكمن وراء سلوكه العدواني وتطوير إدراكه الحسي. بعبارة أخرى، يسهم التطور المعرفي لدى الطفل في تهذيب سلوكه وجعله يسيطر على انفعالاته قدر الإمكان.
وعلى ضوء هذه المعطيات، يعتبر السلوك العدواني الذي يقوم به الطفل نتيجة لسلسلة طويلة من التصورات التي تشكلت في ذهنه، وأثرت على حواسه وعلى كل من يراه ويسمعه وما يترسّخ في ذاكرته.
لذلك، يجب على الأولياء توضيح المعلومات التي يتلقاها الطفل، حتى يسهل عليه استيعابها وترسيخها في ذاكرته، وبالتالي، ستتكون في ذهنه معلومة مفهومة المعنى حول ما رآه وسمعه.