تجربة “الهوم ستاي” في ماليزيا

"الهوم ستاي"، أو الإقامة المحلية، نوع من أنواع السياحة يجربه مَن يريد التعرف على ثقافة الدولة المستضيفة أو الطلبة الأجانب الذين يريدون أن يتعلموا أو يطوروا لغتهم الأجنبية، أو من يريد تجربة الحياة الريفية،

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/23 الساعة 05:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/23 الساعة 05:39 بتوقيت غرينتش

بعيدا عن صخب المدينة ليس فقط لتتمتع بالهدوء والسكينة اللذين في القرية، بل لتتعرف على ثقافة البلد الذي تزوره وأهله، هنا تكمن روعة "الهوم ستاي"، حيث يقيم السائح في منزل أحد سكان القرية، غالبا ما يكون المنزل كبيرا ويخصص جزء منه للزوار والباقي للمالك وعائلته، يقضي السائح وقتا مع أهل القرية ويشاركهم أنشطتهم اليومية، ويتمتع بالطبيعة الخلابة والأنشطة المعدة له كل ذلك مقابل مبلغ مالي بسيط.

"الهوم ستاي" أو الإقامة المحلية نوع من أنواع السياحة يجربه من يريد التعرف على ثقافة الدولة المستضيفة أو الطلبة الأجانب الذين يريدون أن يتعلموا أو يطوروا لغتهم الأجنبية، أو من يريد تجربة الحياة الريفية. هذا النوع من السياحة يعتمد على السكان المحليين، فهم من ينظم الأنشطة للزوار وهم من يشرف عليها ومن يستفيد منها ماليا. من الأنشطة التي توفر عادة في "الهوم ستاي" في ماليزيا: الزراعة، الصيد، استخراج المطاط، اكتشاف الغابات، صنع منتجات محلية وحضور مناسبات تقليدية محلية وغيرها من الأنشطة.

في عام 1995 طرحت الحكومة الماليزية برنامج "الهوم ستاي" للحد من الفجوة في التنمية بين المناطق المدنية والمناطق الريفية. وفي عام 2001 صنف "الهوم ستاي" على أنه برنامج واعد لجذب السياح إلى ماليزيا، تشير الإحصائيات إلى أن عوائد "الهوم ستاي" بلغت في عام 2013 أكثر من سبعة ملايين دولار، ويعد "الهوم ستاي" فرصة جيدة لأهالي القرى لكسب مصدر دخل إضافي. ترى هل يمكن الاستفادة من فكرة "الهوم ستاي" وتطبيقها في عالمنا العربي لتطوير السياحة ولجذب السياح؟ أعتقد بأنها فكرة تستحق الدراسة.

للأسف نادرا ما يجرب السائح العربي القادم إلى ماليزيا هذا النوع من السياحة، هل لأن الفكرة جديدة على السائح العربي؟ أم لأن السائح العربي يقدس الخصوصية ولا يقبل مجرد التفكير في الإقامة في منزل شخص غريب، مع أنه ستكون له غرفته الخاصة أو مساحته الخاصة به، ولا داعي للقلق فمشغلو "الهوم ستاي" لديهم رخصة للعمل أي أنه نشاط تشرف عليه الدولة.

على الرغم من أننا طلبة نقيم في ماليزيا، إلا أن تجربة "الهوم ستاي" كانت جديدة بالنسبة لنا لأننا تعرفنا على الثقافة الماليزية عن قرب، وذلك لأن طباع أهل المدينة تختلف اختلافا كبيرا عن أهل القرى، بالإضافة إلى أن أهل المدن عادة ما يكونوا "مودرن" لا يمارسون الكثير من تقاليدهم، وبيئة المدينة وعزلة أهلها قد يحدان من فرصة التعرف على ثقافة البلد الذي تزوره. لذا كزائر أجنبي قد لا تتاح لك فرصة التعرف على السكان المحليين إلا عن طريق تجربة "الهوم ستاي" أو زيارة منزل صديقك الماليزي في قريته.

تجربة "الهوم الستاي" في كامبونج جاوا

زرنا كامبونج جاوا القرية التي تبعد 45 دقيقة من العاصمة الماليزية كوالالمبور، في رحلة نظمتها الجامعة للطلبة الأجانب للتعرف على الثقافة الماليزية.

نظم السكان أنشطة منها: حفل سابع مواليد، زفاف ماليزي، رحلة إلى نهر، طهي طعام تقليدي، فقرة مع عالم نباتات، رحلة إلى مصنع للحلويات التقليدية، ألعاب ماليزية تقليدية وألعاب ترفيهية وغيرها.

قُسِّم الطلبة إلى مجموعات صغيرة- طالبين يقيمان مع عائلة ماليزيا- العائلات التي تستضيف الإناث لا يكون لديها أبناء ذكور.
لمسنا من أهل القرية حسن الضيافة والكرم وهذا ما لم نجده عند أهل المدينة، وتعلمنا بعض الكلمات باللغة المالاوية؛لأن أفضل طريقة لتعلم اللغات هي التواصل مع أهلها وأنشأنا علاقات مع العائلات المستضيفة.

ولا تظن بأنك إن خضت التجربة سوف تعيش في القرن العشرين، لا بل ستعيش عصرك لتوفر الوسائل الحديثة مثل الحواسيب والواي فاي، والخدمات لا بأس بها وإن كانت متواضعة بالنسبة للفنادق الفخمة لأنها من تنظيم الأهالي لكنها نظيفة ولا بأس بها.

بالنسبة للغة التواصل فهذا يتوقف على العائلة المستضيفة والمنطقة، إن كان أفراد العائلة جامعيون فسوف يتحدثون باللغة الانجليزية أو على الأقل بعض أفراد العائلة، في القرى البعيدة أو المناطق التي يقل فيها الأجانب قد توجد صعوبة في التواصل باللغة الانجليزية. لكن أتصور أن "الهوم الستايز" التي تستقبل الزوار الأجانب غالبا ما يتحدث مستضيفوها اللغة الانجليزية، وفي بعض الحالات يوجد أفراد من العائلة من يتحدث العربية أو أساسياتها.

لكن الأمر الذي قد يخشاه كثيرون هو الطعام الماليزي، صحيح أن كثيرا من العرب لا يأكلون الطعام الماليزي مطلقا أو نادرا ما يفعلون، وذلك لخوفهم من تجربة طعام غريب أو لأن الطعام يبدو غريبا. أتصور بأنه لا يجب الحكم على الطعام قبل تذوقه، جربه فإن لم يعجبك فلا تأكله. إلا إن كنت لا تستطيع تناول الطعام الحار فعليك الحذر، والتأكد من أن الطعام ليس حارا. لذا أقترح عليك أن تسأل الشركة السياحية أولا أو تتفق معهم على نوع الطعام، أو في أسوأ الحالات يمكنك إحضار المعلبات، لكن أتمنى ألا يكون الطعام عائقا أمام هذه التجربة الفريدة

ولا تنسى أنك سفير لبلدك، فكثير من الماليزيين لديهم تصورات سلبية عن العرب، لذا فهي فرصة لتغيير هذه التصورات والأحكام المسبقة.

أخيرا..لمن يفكر في زيارة ماليزيا أو زيارة بلد آخر، أرجو ألا تفوتوا تجربة "الهوم ستاي" أو الإقامة في منزل محلي، ستكون تجربة رائعة تضيفونها إلى مغامراتكم التي ستحكوها مستقبلا لأبنائكم وأحفادكم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد