يبدو أن الحقائب الفاخرة ليست فاخرة فعلاً ولا تكلف الكثير لصنعها، إذ كشف تحقيقات إيطالية أن حقائب شركة "ديور-Dior" الفرنسية التي تباع بـ بما يزيد عن 2700 دولار، تكلف في الحقيقة أقل من 60 دولاراً، والأمقر مشابه بالنسبة لمنتجات شركة "أرماني-Armani" الإيطالية.
كما كشفت مداهمات الشرطة الإيطالية أن مصانع الحقائب الفاخرة تستغل العمال للعمل في ظروف صعبة وبأجور زهيدة وذلك لإنتاج منتجات فاخرة تباع بالآلاف.
ورغم توجه الكثير من الشركات في قطاعات أخرى إلى الصين نظراً لأن تكلفة الإنتاج ستكون أقل، لكن تمسكت بعض شركات الأزياء بالوجود في الدولة الأوروبية، حتى تحتفظ بطابع "صنع في إيطاليا"، ورغم ذلك اعتمدت بكثرة على الموظفين الصينيين.
استغلال مصانع الحقائب الفاخرة العمال
كشفت سلسلة من المداهمات في إيطاليا عن التناقض بين عالم عروض الأزياء اللامع في ميلانو وظروف العمل المتعلقة بإنتاج السلع الفاخرة واستغلال العمال بمقابل زهيد لإنتاج حقائب ديور وأرماني الثمينة.
إذ دفعت ديور 53 يورو (57 دولاراً أمريكياً) لكل حقيبة لتجميع حقيبة يد تبيعها في المتاجر مقابل 2.600 يورو (2,780 دولاراً)، وفقاً للوثائق التي فحصها مدعون عامون إيطاليون، ونشرتها صحيفة Wall Street Journal الأمريكية.
فيما كانت حقائب أرماني تُباع لمورد مقابل 93 يورو (100 دولار)، ثم تُعاد بيعها إلى أرماني مقابل 250 يورو (270 دولار)، وأخيراً تُباع في المتاجر بسعر حوالي 1,800 يورو (1948 دولار)، وفقاً للتحقيق.
فيما لا تشمل أسعار تكلفة الجلود أو المواد الخام الأخرى، كما تغطي الشركات تكاليف التصميم والتوزيع والتسويق بشكل منفصل. كما شملت مداهمات الشرطة الإيطالية علامات تجارية أخرى، لكن لم ينشر معلومات حولها.
وقد طرحت هذه المعلومات تساؤلات حول تكلفة الإنتاج القليلة. تقول الصحيفة الأمريكية أن ديور، المملوكة لعملاق الفخامة LVMH، رفضت التعليق.
في حين أظهرت الوثائق القضائية أن العلامة التجارية قدمت مؤخراً مذكرة توضح الإجراءات التي اتخذتها لحل المشكلات في سلسلة التوريد الخاصة بها.
بينما قالت أرماني إنها وضعت "إجراءات مراقبة ومنع لتقليل الانتهاكات في سلسلة التوريد"، وأنها "تتعاون بأقصى قدر من الشفافية" مع السلطات.
"صنع في إيطاليا" باستغلال عمال صينيين
تنتج إيطاليا حوالي نصف (50: 55%) من السلع الفاخرة حول العالم، حسب أرقام شركة الاستشارات Bain.
وفي حين انتقلت قطاعات أخرى للتصنيع إلى الصين ودول أخرى ذات أجور منخفضة، احتفظت العديد من العلامات التجارية الفاخرة بالإنتاج في إيطاليا، مع اعتقاد أن شارة "صنع في إيطاليا" ستكون عاملاً حاسماً لجاذبيتها مقارنة بـ "صنع في الصين".
لكن على الرغم من وسم المنتجات بعلامة "صنع في إيطاليا"، يزعم المدعون الإيطاليون أن بعض السلع الفاخرة تُصنع بواسطة عمال أجانب، كثير منهم من الصينيين، في ظروف بعيدة عن المعايير القانونية.
عمل من الفجر لـ 9 مساءً بمقابل زهيد، والنوم في الورشات
يقول المحققون الإيطاليون إن الورش التي تصنع السلع لديور وظفت عشرات العمال، بما في ذلك اثنان من المهاجرين غير الشرعيين وسبعة موظفين غير مسجلين.
كما كشفت عمليات التفتيش التي أجرتها الشرطة الإيطالية في مارس/آذار وأبريل/نيسان عن أن العمال كانوا يعملون في "ظروف صحية ونظافة أقل من الحد الأدنى المطلوب من نهج أخلاقي".
كان العمال غالباً يعملون على آلات تم إزالة أجهزة الأمان منها لزيادة الإنتاجية، كما عاش العمال وأكلوا وناموا في الورشة.
أظهرت بيانات استهلاك الكهرباء أن الموظفين كانوا يعملون عادة من الفجر حتى بعد الساعة التاسعة مساءً، بما في ذلك في عطلات نهاية الأسبوع والأعياد، وفقاً لما كتبه القضاة في أمر قضائي من 34 صفحة.
كما استجوب المحققون عمالاً قالوا إنهم كانوا يتقاضون أجوراً تتراوح بين 2-3 يورو (2.16 دولار: 3.25 دولار) في الساعة للعمل أياماً طويلة.
شركات الفخامة تحت المراقبة القانونية
كما توصل التحقيق الإيطالي إلى أن القضاة صنفوا شركة Manufactures Dior SRL التابعة لديور تحت ما يسمى بالإدارة القضائية (تدبير للمراقبة وتقديم التحديثات للمحكمة)، وذلك بسبب أن سلسلة التوريد الخاصة بها تشمل شركات مملوكة للصينيين في إيطاليا تسيء معاملة العمال المهاجرين، وذلك في يونيو/حزيران 2024.
ركز الحكم القضائي المتعلق بشركة ديور على أربع شركات في منطقة ميلانو في سلسلة توريد ديور، اثنتان منها تزودان العلامة التجارية مباشرة.
كما تم اتخاذ الإجراء نفسه ضد أرماني في أبريل/نيسان، والذي يوضح كيف قامت إحدى الشركات التابعة لها، GA Operations، بتوظيف مقاولين فرعيين، والذين بدورهم قاموا بتوظيف عدد من المقاولين الفرعيين المملوكين للصينيين في إيطاليا.
وكذلك صدر حكم ضد Alviero Martini، المعروفة بحقائبها المطبوعة بالخرائط وغيرها من العناصر، في يناير/كانون الثاني، كما أشار موقع Business Insider الأمريكي.
فيما قالت شركة Alviero Martini إنها كانت "مفاجأة ومضطربة" لمعرفة نتائج التحقيق، وأن اثنين من أكثر من 40 مورداً قد أسندا أجزاء من الإنتاج بشكل غير مشروع إلى أطراف ثالثة دون علمها.