لم يكن مبتكر سروال الجينز يتوقع أن ينتشر اختراعه في جميع أنحاء العالم ليصبح أشهر سروال، بل الأكثر استخداماً من قبل النساء والرجال على حد سواء، وحتى الأطفال.
من سروال لخدمة عمال المناجم ورعاة البقر، إلى تنانير وشورتات وحتى جاكيتات وحقائب من قماشته المميزة، تحول الجينز من زي العمل إلى الزي العملي في كل المواسم.
لم يملك صاحب الفكرة المال الكافي لتسجيل براءة اختراعه، فشارك ليفي شتراوس، الذي كان السبب في انتشاره منذ العام 1873، حتى يومنا هذا.
بدايات سروال الجينز
ويُعتبر يوم 20 مايو/أيار 1873، هو عيد ميلاد الجينز الأزرق.
وعلى الرغم من أن سراويل الجينز كانت موجودة كسترات للعمال لسنوات عديدة، فقد كان وضع المسامير في هذه السراويل التقليدية لأول مرة هو الذي خلق ما يسمى الآن الجينز.
كان الجينز الأزرق في الواقع اكتشافاً عارضاً في القرن الثامن عشر، عندما حاول أشخاص في نيم، بفرنسا تكرار نسيج إيطالي قوي يدعى سيرج.
فصنعوا نسيجاً سموه "serge de Nimes" أو، كما أطلق عليه اختصاراً دنيم denim.
بدأ تاريخ الجينز الأزرق حقاً عندما جلب المهاجر ليفي شتراوس الدنيم إلى أمريكا.
فقد وُلد شتراوس في بافاريا بألمانيا في فبراير/شباط 1829، وفي أواخر الأربعينات في القرن التاسع عشر، هاجر إلى نيويورك لأخويه الأكبر سناً، اللذين كانا يمتلكان متجراً لبيع البضائع الجافة كشركة عائلية.
من هناك، ذهب ليفي شتراوس إلى سان فرانسيسكو في مارس/آذار عام 1853، لافتتاح فرع للشركة على الساحل الغربي؛ دار ليفي شتراوس وشركاه بالجملة.
قبل وصوله إلى هناك، كانت حمى تعدين الذهب قد بدأت في كاليفورنيا في عام 1848، وبالطبع زاد احتياج عمال المناجم إلى ملابس قوية تتحمل ظروف العمل القاسية.
وكان جاكوب ديفيس أحد الخياطين الذين حاولوا صنع ملابس من شأنها تحمل تلك الظروف.
الحاجة أم الاختراع
سكن ديفيس في ولاية نيفادا (شرق سان فرانسيسكو وكاليفورنيا)، وكان قد اشترى الأقمشة والبراغي (مسامير لولبية) التي يضعها في البناطيل الجديدة من دار ليفي شتراوس وشركاه.
فقد كانت المشكلة الوحيدة التي واجهت ديفيس هي أن البناطيل تتمزق من الجيوب، لذا عزز زوايا الجيوب بتلك المسامير المعدنية التي جعلتها أقوى.
طلبت منه زوجة عامل محلي أن يصنع لزوجها بنطلوناً لا تتفكك أجزاؤه أو تتقطع.
حاول ديفيس التفكير في طريقة لتقوية البناطيل، وتوصل إلى فكرة وضع المسامير المعدنية في نقاط الضغط، مثل زوايا الجيب.
تسجيل براءة الاختراع
حاول جاكوب ديفيس تسجيل براءة الفكرة، إلا أنه لم يكن لديه المال الكافي لتقديم الأوراق، ولذا في حوالي عام 1872، عرض ديفيس على ليفي أن تحمل براءة الاختراع اسميهما معاً في مقابل تحمل ليفي للتكاليف.
فبعث ديفيس برسالة إلى ليفي، كشف فيها عن الطريقة الفريدة التي يستخدمها لصنع البناطيل مستخدماً المسامير فيها لتجعلها تدوم لفترة أطول.
تحمس ليفي للفكرة، وفي 20 مايو/أيار 1873، تلقى الرجلان براءة اختراع رقم 139121 من مكتب الولايات المتحدة للبراءات والعلامات التجارية.
عقب ذلك أصبح ديفيس المشرف على إنتاج البنطلون الجديد في مصنع ليفي شتراوس وشركاه.
بعد فترة وجيزة، تم تصنيع أول جينز من الدنيم؛ النسيج التقليدي لملابس الرجال، في غضون فترة زمنية قصيرة للغاية حقق نجاحاً رائعاً.
تطور الجينز من أفرول إلى زي للشباب
كان الجينز في البداية ملابس للعمل، وكانت السوستة من الأمام في البنطلون الخاص بالرجال، بينما كانت في الجانب الأيسر في البنطلون الخاص بالنساء.
ولكن لم يكن الجينز بنطلوناً بالشكل المتعارف عليه حالياً، وإنما كان بحمالات على الكتف أو يغطي الجسم كله "أفرول".
في الخمسينيات من القرن العشرين، أصبح الجينز دون الجزء العلوي رمزاً لتمرد الشباب بعد أن أكسبه جيمس دين شعبية في فيلم Rebel without a Cause إنتاج 1955.
ولأنها أصبحت رمزاً للتمرد، مُنع ارتداء الجينز في المدارس والمسارح والمطاعم.
وفي الستينات، أضحى الجينز أكثر قبولاً، كما بدأت النساء في ارتدائه بعد انطلاق فيلم The Misfits للنجمة مارلين مونرو، والذي ارتدت فيه البنطلون الجينز.
وبحلول السبعينات تحول الجينز إلى أحد مظاهر الموضة، حتى يومنا هذا.