فقدان الشهية عند الرضع ليس مجرد تحدٍ صحي يواجهه الأهل، بل يمكن أن يكون مؤشراً على مشكلات أكثر جدية قد تؤثر على نمو الطفل وتطوره. غالباً ما ترتبط هذه الحالة بعوامل صحية أو مراحل طفرة النمو الطبيعية، إلا أن الأمر قد يتطور إلى مشاكل تغذوية حادة، مما يهدد النمو السليم للطفل ويعرضه لخطر الإصابة بمشكلات جسدية وإدراكية.
يحتم علينا هذا الواقع ضرورة التعامل مع هذه المشكلة بجدية وعدم التغاضي عنها. في هذا السياق، يقدم الدكتور إبراهيم شكري، استشاري طب الأطفال، رؤية معمقة حول أسباب فقدان الشهية عند الرضع ويستعرض استراتيجيات فعّالة لتحفيز الشهية، بالإضافة إلى تقديم نصائح ذهبية للأهالي لضمان تغذية صحية ومتوازنة لأطفالهم.
أبرز أسباب فقدان الشهية عند الرضع
فقدان الشهية عند الرضع يمكن أن يكون علامة على عدة مشكلات صحية تتطلب اهتماماً وعناية فوريين. من أبرز هذه الأسباب:
- التسنين:
عملية التسنين مؤلمة حيث تخترق الأسنان اللثة، مما يسبب أعراضاً مثل التهيج الخفيف وفقدان الشهية. تختلف شدة هذه الأعراض من طفل لآخر، لكنها تشكل تحدياً شائعاً خلال هذه المرحلة النمائية.
- الإسهال:
غالبًا ما يكون عرضاً شائعاً بين الرضع والأطفال. يتميز بزيادة حركة الأمعاء وبراز مائي أقل تماسكاً. الأعراض المصاحبة قد تشمل الحمى، الغثيان، التقيؤ، وآلام المعدة، وقد يكون خطيراً إذا لم يُعالج بشكل صحيح.
- التهاب الأذن:
قد يؤدي إلى شهية متدنية بسبب الألم المصاحب للالتهاب. يمكن أن يرافق هذا الالتهاب أعراضاً أخرى مثل أعراض البرد أو حمى خفيفة وسعال.
- الإنفلونزا وإنفلونزا المعدة:
تُعرف بأنها تسبب فقدان الشهية، الحمى، القشعريرة، السعال، وألم العضلات. إنفلونزا المعدة، التي غالباً ما تنتقل عن طريق الجراثيم الموجودة على الأيدي أو الألعاب، تسبب الإسهال، التقيؤ وتقلصات المعدة.
- التقيؤ:
قد يواجه الرضع، خاصة في سن 4 إلى 6 أشهر عند بدء تناول الأطعمة الصلبة، صعوبات في التعامل مع هذه الأطعمة مما قد يؤدي إلى التقيؤ.
- الحساسيات الغذائية وعدم تحمل الطعام:
تظهر أعراض مثل الإسهال، التقيؤ، الطفح الجلدي، أو آلام المعدة، وقد تشمل أعراض تنفسية في حالات شديدة. الحساسية للحليب هي واحدة من أكثر أنواع الحساسيات شيوعاً بين الأطفال.
تفهم هذه الأسباب ومعالجتها بشكل مناسب يمكن أن يساعد في ضمان صحة ونمو سليم للرضيع.
إجراءات تساعد على تحسين شهية الرضيع
لتحسين شهية الرضيع وتعزيز رغبته في تناول الطعام، يمكن اتباع عدة استراتيجيات فعّالة تساهم في تحفيز الجوع وتحسين عملية الهضم.
تزيين الطعام واستخدام الأطعمة المغذية: إعداد أطباق الطعام بشكل جذاب يمكن أن يشجع الرضع على تناول الطعام بشهية أكبر. كذلك، تضمين الأطعمة الغنية بالزنك، مثل الدجاج، السبانخ، المشروم، والبقول، يساهم في تعزيز الشهية. من الخيارات المفيدة أيضاً بذور اليقطين، نخالة القمح، والكاجو، التي يمكن طحنها وإضافتها بكميات قليلة إلى الأطعمة بعد استشارة الطبيب.
التوقيت المناسب بين الوجبات: ترك فترات كافية بين الوجبات، من ثلاث إلى أربع ساعات، يمنح الطفل الوقت الكافي لهضم الطعام والشعور بالجوع. يساعد تقديم الطعام بطريقة جذابة وإضافة توابل فاتحة للشهية مثل القرفة، الزنجبيل، الريحان، النعناع، والكركم في تحفيز الشهية.
النشاط البدني: تنزه بالرضيع في الهواء الطلق واللعب معه يحفز الحاجة للطاقة، ما يجعله أكثر استعداداً لتناول الطعام. النشاط الجسدي ينشط جهازه الهضمي ويزيد من شعوره بالجوع.
التناول الجماعي للطعام: مشاركة الطفل في تناول الطعام مع الأسرة أو مع أطفال آخرين يمكن أن تجعل وقت الطعام أكثر جاذبية وتحفيزاً. هذه الأجواء الحيوية تشجع الطفل على تقليد الآخرين وتناول الطعام.
تقديم الأطعمة المفضلة: في حالات فقدان الشهية المستمر، يمكن تقديم الأطعمة المفضلة للطفل بين الحين والآخر لتشجيعه على الأكل. هذه الخطوة يمكن أن تساعد في استعادة اهتمامه بالطعام وتحفيزه على تناول وجبات أكثر تنوعًا في المستقبل.
اتباع هذه الإجراءات يمكن أن يساعد في تحسين الشهية عند الرضع وضمان حصولهم على التغذية الكافية لنمو صحي وسليم.
نصائح لفتح الشهية عند الرضع
لتعزيز شهية الرضع وجعل وقت تناول الطعام تجربة ممتعة ومفيدة، يمكن اتباع النصائح التالية التي تساهم في تحسين عادات الطعام وتعزيز الصحة الغذائية للطفل:
جعل وقت الطعام ممتعاً: تحويل وقت الطعام إلى لحظة ممتعة ومشاركة بالنسبة للطفل من خلال تقديم أطعمة مختلفة وشيقة، وتشجيع الطفل على اختيار ما يود تناوله. يمكن أن تساعد هذه الطريقة في جعل الطفل أكثر رغبة واستعداداً لتجربة أطعمة جديدة.
التركيز على الكميات المناسبة: نظراً لصغر حجم معدة الطفل، من المفيد تقديم كميات صغيرة من الطعام على فترات متكررة خلال اليوم. تقديم خمس إلى ست وجبات صغيرة يومياً يمكن أن يلبي احتياجات الطفل الغذائية دون إرهاق معدته.
تنويع النظام الغذائي: شمول كل مجموعة من المجموعات الغذائية الأربع، بما في ذلك الحبوب الكاملة، الخضراوات والفواكه، الألبان، ومصادر البروتين مثل اللحوم الخالية من الدهون، الدواجن، الأسماك والبقوليات. تقديم هذه الأطعمة بأحجام مناسبة للقمة يساعد في تشجيع الطفل على تناول الطعام بنفسه.
عدم إجبار الطفل على الأكل: من المهم ألا يُجبر الطفل على تناول الطعام. يمكن أن يخلق هذا مقاومة لأطعمة معينة أو عنادًا. بدلاً من ذلك، ينبغي تشجيع الطفل بلطف على تجربة الأطعمة الجديدة دون ضغط.
تجنب الملهيات أثناء الطعام: لضمان التركيز الكامل على الطعام، من المفيد تجنب إطعام الطفل أثناء مشاهدة التلفاز أو اللعب. يساعد هذا الطفل على تعلم كيفية التركيز على الأكل والاستمتاع به في بيئة هادئة.
هذه النصائح تعمل على خلق بيئة تناول طعام صحية ومريحة للرضيع، مما يساعد على تحفيز شهيته وتشجيعه على تناول أطعمة مغذية بشكل أكثر فعالية.