يمكن أن يكون التقليد عند الاطفال أمراً مرحاً ومضحكاً أحياناً ولكن محبطاً ومقلقاً في أحيان أخرى لبعض الآباء.
يحب الأطفال الصغار في سنواتهم الأولى ومرحلة ما قبل المدرسة تقليد أفعال وكلمات من حولهم. قد يكون هذا مضحكاً، عندما يقومون بتقليد حركات الرقص على سبيل المثال، ولكن قد يكون ذلك أيضاً مزعجاً عند تقليد السلوك غير اللائق للآخرين. كما أنه قد يكون مقلقاً عندما يكون نتيجة لنبذ الطفل وشعوره المتدني بتقدير الذات، فيحاول تقليد الآخرين لجعل نفسه أكثر قبولاً.
تعرَّف معنا في هذا التقرير على أسباب تقليد الأطفال لغيرهم ومتى يكون الأمر طبيعياً ومتى يستدعي القلق أو التدخل لتقويم السلوك.
التقليد وسيلة تعليمية يستخدمها الطفل من الأشهر الأولى
الأطفال في سن الرضاعة لديهم عادة تقليد والديهم، وغالباً ما تراهم يقلدون تعابير الوجه التي يقوم بها آباؤهم عندما يبتسمون أو يبرزون لسانهم في وجهه، وعندما يفعل الأطفال ذلك فإنهم في الحقيقة يتعلمون ويحاولون التواصل معك عن طريق لغة جسدهم.
يعد التقليد في هذه المرحلة جزءاً مهماً من عملية النمو ويجب تشجيعه لأنه يفتح مجالاً مهماً من التطوير والتفاعل، وفقاً لموقع Parenting المهتم بالمواضيع التربوية.
التقليد يكسب الطفل المهارات الحركية
الطفل الذي يقلد الأطفال الأكبر سناً والبالغين يتعلم أيضاً مهارات جديدة منهم.
التقليد يعتبر مهارة معقدة يحتاج فيها الطفل إلى رؤية الشخص البالغ وهو يتصرف ويستوعبه ويترجمه إلى فعل ثم ينفذه من خلال مهاراته الحركية.
على سبيل المثال، يتعلم الطفل مهارات حل المشكلات والفك والتركيب في المكعبات والبازل والترتيب حسب الأحجام والعديد من المهارات الأخرى كالقفز ورمي الكرة وإمساكها عن طريق تقليد الوالدين أو الأطفال الآخرين.
التقليد قد يكون أسلوباً للعب
يلجأ الأطفال لتقليد الآخرين أو التظاهر بأنهم شخص آخر أو شخصية كرتونية أو حتى شخصية معينة في أحد كتبهم المفضلة كنوع من اللعب وتمثيل الأدوار.
اللعب التخيلي له فوائد كثيرة وينصح التربويون بتشجيعه لأنه يساعد الطفل على توسيع آفاق الخيال وتطوير الذكاء العاطفي والاجتماعي عن طريق وضع أنفسهم في مكان أشخاص آخرين والتعاطف معهم والشعور بهم وتقليد دورهم.
قد يكون السبب الإعجاب
عندما نشاهد طفلاً يقلد الآخرين، يجب أن نفكر في الشخص الذي يقلده لفهم السبب. على سبيل المثال، إذا كان طفلك يقلد أخاً أو صديقاً أكبر منه قليلاً في الروضة، فقد يكون ذلك لأنه معجب به أو يحبه ويراه مثالاً يقتدي به.
وفقاً لموقع Scholastic، سيقلد الأطفال من يعجبون بهم ويريدون أن يكونوا أكثر شبهاً بهم؛ خاصة الأشقاء الأصغر سناً الذين قد يحاولون أن يكونوا مثل أختهم /أخيهم الأكبر من خلال تقليد ما يفعلونه.
لكن قد يكون التقليد مؤشراً على شعور الطفل بالنبذ
سبب آخر محتمل لتقليد الأطفال سلوك أقرانهم يمكن أن يكون شعورهم المستمر بالنبذ. يشير موقع Futurity، إلى أنه بالرغم من صغر سن الأطفال إلا أنهم يرغبون أن يشعروا بأنهم مشمولون. حتى الأطفال الذين يبدأون بمرحلة الروضة يمكنهم تقليد الآخرين بسبب خوفهم من الاستبعاد.
وقد وجدت دراسة شاركت فيها جامعة أكسفورد عام 2015، أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات لديهم حساسية تجاه الاستبعاد وعدم الشعور بالانتماء إلى المجموعة قد تدفعهم لتقليد الغير.
ماذا تفعل إذا قلد طفلك سلوكيات سلبية أو غير لائقة؟
من غير العملي عزل طفلك تماماً عن المجتمع أو التحكم بأصدقائه؛ في محاولة لمنعه من اكتساب عادات أو سلوكيات سيئة. لكن هناك بعض النصائح التي قد تساعدك في حال لاحظت قيام طفلك ببعض هذه السلوكيات:
حافظ على تعبيرات وجهك جدية
سواء كانت كلمة بذيئة أو تصرفاً غير لائق، تجنب الصراخ أو الضحك، وهو ما قد يعتبره طفلك بالطبع بمثابة تعزيز لفعل ذلك مرة أخرى.
قد يسمع طفلك أو يرى صديقه أو طفلاً آخر يقوم بذلك السلوك، ويريد أن يعرف ردة فعلك عند قيامه به. حتى لو بدا الأمر مضحكاً ولكنك لا تريد منه أن يكرره، فليس من مصلحتك أن تظهر ذلك؛ لأن ضحكك هو بمثابة تشجيع له لتقليد السلوك مرة أخرى.
ضع الحدود والقوانين واشرحها لطفلك
قد يكون سبب تكرار طفلك لسلوك أو حركة معينة رأى أحداً قام بها أو تفوهه بكلمة معينة سمعها من أحد هو عدم معرفته بأنها غير لائقة أو سيئة لعدم فهمه لها، لذلك هو بحاجة إلى بعض الإرشادات وتوضيح القوانين التي عليه الالتزام بها.
بالنسبة للكلمات والإيماءات التي تتضمن الشتائم مثلاً، لا يتعين عليك شرح ما تعنيه أو سبب عدم قبولها، فقط وضِّح الأمر بوضوح وبصوت حازم، يمكنك أن تقول مثلاً: "نحن لا نستخدم هذه الكلمة في منزلنا أو عندما نتحدث مع أشخاص آخرين".
أو إن كان تصرفاً أو سلوكاً غير لائق أو مؤذياً يمكن أن تخبر طفلك أن هذا السلوك ممنوع؛ لأنه مؤذٍ أو لأنه يزعج الآخرين أو يحزنهم، واشرح التصرف الصحيح والمناسب في المقابل.
الانتباه لما يشاهده على الشاشات
إحدى الطرق التي يتعرض بها الأطفال الصغار غالباً للمحتوى والسلوكيات غير اللائقة التي قد لا تكون مناسبة لهم هي الشاشات.
إن السماح لطفلك بقضاء وقت قصير على الشاشة ليس جريمة بالتأكيد، طالما أنك حريص على تحديد وقت معين للتلفزيون أو الألعاب التعليمية.
يتفق الخبراء على أن الأطفال يجب ألا يشاهدوا التلفزيون أكثر من ساعة أو ساعتين في اليوم، لذلك اختر بحكمة البرامج التي تركز على التفاعل والتعلم وتأكد من عدم تضمنها شخصيات غير جيدة أو سلوكيات غير مرغوبة.