سواء كنت لا تزال تحاول استيعاب المفاجأة، أو كنت تنتظر هذه اللحظة منذ سنوات، فإن اكتشاف أنك أب لأول مرة هي لحظة تحدد الكثير عن حياتك المستقبلية ودورك في العالم.
وبطبيعة الحال قد تمتلك الكثير من المشاعر المختلطة، فتشعر بالفرح تارة وبالفزع تارة أخرى، حتى وإن كانت الأبوة أمراً لطالما حلمت بتحقيقه.
في الواقع، من المستحيل تقريباً أن يشعر أي شخص أنه مستعد 100% لكي يصير والداً، فالأمر حتماً سيتضمن بعض المفاجآت واللحظات غير المحسوبة، ومع ذلك جمعنا لك في هذا التقرير بعض الأفكار التي ستساعدك إذا ما كنت تنتظر ولادة طفلك الأول، وتعينك في معرفة ما الذي عليك توقعه، وما الذي ينبغي لك الاستعداد له بشكل مسبق، لكي تكون في أفضل حال عند استقبال مولودك الصغير.
الاستعداد للولادة
رغم أن المهمة تقع على الأم في المقام الأول، ينبغي على كل أب لأول مرة أن يتأهب ليوم الولادة مثله مثل الأم تماماً، وذلك لأنه سيكون بمثابة الدعامة المساندة للمرأة أثناء مرحلة المخاض المؤلمة، وكذلك لكي يستوعب الحدث بصورة ملائمة.
وبحسب موقع Parents، من الطبيعي أن يشعر الآباء بالقلق من الولادة. وتقول الطبيبة الأمريكية ديبورا كراهل إنه ينبغي على كل أب جديد أن يحصل على فصل دراسي يتم تقديمه من خلال المستشفى أو المكاتب المتخصصة أو عبر الإنترنت لخطوات مساعدة الزوجة في مراحل المخاض وخلال الولادة، وكيف من الممكن أن يساعدها خلال الألم.
وبشكل استباقي، يجب عليك كأب لأول مرة أن تثقف نفسك حول خيار الولادة الذي اخترته مع زوجتك، وأعراض بداية المخاض، والرضاعة والعناية بالأم بعد الوضع، وأساسيات العناية بالوليد الجديد.
وتوضح الطبيبة للموقع ذاته أنه كلما كان الأب أكثر دراية بالوضع وما يجب توقعه في كل مرحلة من مراحل الولادة، شعر براحة أكبر عندما يحدث ذلك، وكان مؤثراً بصورة كبيرة في مساندة الزوجة ودعمها والتخفيف عنها.
انخرِط في عملية الاهتمام بالطفل منذ اليوم الأول
إن المشاركة في الرعاية اليومية للطفل بداية من تغيير ملابسه، ومساعدته على النوم، وتحميمه وتنظيفه وتغيير حفاضه، كلها من الأمور المهمة التي ستبني ثقة كل أب لأول مرة في نفسه ومهاراته.
وبحسب موقع Raising Children، توفر هذه الأنشطة اليومية أيضاً الكثير من الوقت الفردي الثمين مع طفلك، وهو حجر الأساس في بناء علاقة إيجابية على المدى الطويل بين الأب وطفله.
ومن المزايا المحورية أيضاً لتلك الخطوة منح الأم بعض الراحة والهدوء للتعافي من تبعات الولادة وآلامها، وللحصول على قسط جيد من النوم العميق والاسترخاء والوقت لكي تعتني بنفسها.
أنت وشريكة حياتك فريق واحد بمشروع مشترك
من الضروري الحديث مع الزوجة لكي تتفقا على كل خطوة في عملية الأبوة والأمومة بنفس المفاهيم والأفكار، مثلاً الولادة ستتم بشكل قيصري أو طبيعي؟ هل سيتم إرضاع الطفل صناعياً أم طبيعياً؟ هل ستتبعان منهج التدريب على النوم منذ الشهور الأولى أم ستتبعان مدرسة الاحتضان والتأقلم على ساعة الطفل البيولوجية ومجاراتها لحين انضباطها تلقائياً؟ كيف سيتم تقسيم المهام والمواقيت التي يحتاج فيها الطفل إلى الرعاية؟ وكيف ستتم تلبية احتياجات المنزل والوظيفة وغيرها؟
على كل أب لأول مرة أن يساعد الأم من خلال النقاش والتفاهم للوصول إلى نفس الصفحة، والتفكير في أنفسكم كفريق، وكيف من الممكن أن تدعما بعضكما البعض.
ووفقاً لموقع Healthline الصحي، من الجيد التفكير في الأمر من هذا المنظور، عوضاً عن فكرة تسجيل الأهداف وتسليط الضوء على أخطاء الآخر أو تقصيره كما لو كان الأمر بمثابة مناسبة، فالأبوة والأمومة مشروع مشترك وأنتما فريقه الوحيد.
مثلاً، إذا كانت زوجتك تشعر بالإرهاق وتعاني من غثيان الصباح، فإن مساعدتها ستساعدك أنت وطفلك أيضاً وتجعل الحياة برمتها أكثر احتمالاً. تعلَّم كيف يمكن تحضير بعض الوجبات الغذائية الصحية، وكيف تهتم بأداء المهام المنزلية المهمة، والتأكد من رغبات الأم وتلبيتها قدر الإمكان جميعها من الطرق التي يمكنك من خلالها دعم هدفكما المشترك، وهو رعاية الأسرة.
تواصل مع طفلك واستمع لاحتياجاته
في العادة يستخدم الأطفال "إشارات" معينة لما يحتاجون إليه من خلال سلوكهم ولغة جسدهم وطريقة بكائهم. ومن خلال الانتباه حقاً لإشارات الطفل يمكن لكل أب لأول مرة أن يتعلم بمرور الوقت كيفية معرفة ما يحتاجه الطفل.
ومن خلال التواصل والتلامس الجسدي المستمر سيشعر الطفل بالأمان، وتُبنى الثقة وعلاقة من التواصل الحميم معك.
ويُعد هذا النوع من الترابط مع الأطفال حديثي الولادة محفزاً محورياً لنمو دماغ الطفل وفقاً لموقع Raising Children. كما يمكنك محاولة حمل طفلك كلما سنحت الفرصة وتقريبه من قلبك، لكي تقوى أواصر الترابط الحميم بينكما.
ويُنصح دوماً بالتحدث مع الرضيع لقدرة ذلك على تسهيل عملية تطويره لقدراته اللغوية لاحقاً، لذلك تحدث أثناء حمل طفلك أو عند تغيير ملابسه.
على سبيل المثال، قُل "دعنا نغير هذا الحفاض، هذا شعور أفضل، أليس كذلك؟ هذا حفاض لطيف ونظيف وناعم، لا تبكِ، لا تخف يا صغيري سننتهي قريباً"، وهكذا. وتساعد كل كلمة يسمعها الطفل على تطوير لغته وتعلمها، وتقوي علاقتك به، كما أن رواية القصص أو قراءة الكتب أو غناء الأغاني له تمتلك نفس التأثير بحسب الموقع ذاته.
استوعب التغيير الطارئ على علاقتك بزوجتك
أن تصبح أباً لأول مرة يمكن أن يكون له تأثير على حياتك الحميمية مع زوجتك. منذ اللحظة الأولى التي تعلم فيها أن زوجتك تنتظر مولوداً، توقع أن تشعر بمزيج من المشاعر المتضاربة، بداية من الارتباك أو الخوف من العلاقة الحميمة وتأثيرها على الزوجة، أو الخوف بشكل عام وعدم الاستعداد لأي نوع من التقارب الجسدي. وهي نقطة محورية أيضاً في التواصل والنقاش بوضوح مع شريكة حياتك للمرور بالأمر بسلام.
وفي العادة قد تسمع الكثير من المزاح حول تأثير الإنجاب على الحياة الجنسية للزوجين، أو عن التغييرات التي تحدث في الجسم أثناء الحمل. هذه التعليقات ليست مفيدة، ويجب تجاهلها لأنها لا تُعبِّر بأي درجة عن التعقيد العاطفي للجنس والأبوة. والحقيقة وفقاً لموقع Healthline هي أن الجنس بعد الحمل سيستغرق وقتاً لكي يعود لطبيعته المعهودة بين الزوج والزوجة، وذلك بالإضافة لفترة التعافي لمدة 6 أسابيع المقترحة للشفاء الجسدي بعد المخاض والولادة الطبيعية والقيصرية.
لذلك من المهم كأب لأول مرة أن تكون حساساً لجميع التغييرات التي يمر بها كلاكما من قلة النوم، وتبعات الرضاعة الطبيعية وآلامها، والتأثير العاطفي للولادة. وقم بالتواصل مع شريكة حياتك بشأن احتياجات كل منكما باحترام وتقدير واستيعاب.
وضَعْ في حسبانك أنه بعكس المزاح المعتاد عن تأثير الولادة في علاقة الأزواج تعمل المشاعر الحميمية المتعلقة بالأمومة والأبوة على توطيد العلاقة بين الطرفين، وتفتح آفاقاً جديدة من الحميمية والمشاركة بين الكثير من الأزواج.
لذا قد يكون الإنجاب هو أفضل محفّز لتوطيد وتطوير العلاقة الحميمة بين الأزواج لا العكس.
تعلّم تجهيز زجاجة الحليب
لبن الأم هو أفضل غذاء للطفل. ويمكن أن يكون دعمك للزوجة على الرضاعة الطبيعية أمراً حيوياً أثناء مرحلة الأبوة والأمومة الأولى.
وخلال هذه المرحلة يمكنك تقديم دعم عملي، مثل جلب كوب من الماء أو المشروبات والأطعمة المدرّة للحليب، أو وسادة لدعم عنق الزوجة عند الرضاعة أو غيرها.
وإذا وجدت زوجتك لا تستطيع الإرضاع طبيعياً يمكنك طمأنتها بأن الأمر على ما يرام، وفكِّر في التعلم عن الرضاعة الصناعية والحليب الاصطناعي وخيارات ذلك.
وفي الحالتين، يجب تعلُّم تحضير زجاجة الحليب للطفل لكي تحظى الأم ببعض ساعات الراحة خلال اليوم، وذلك من خلال مساعدة الزوجة على ضخ الحليب الطبيعي بالصورة الملائمة، وكذلك من خلال تعلُّم كيفية تحضير الحليب الاصطناعي للطفل.
ويمكنك كأب لأول مرة أن تتعلم استخدام أداة لتسخين الزجاجة أو تسخينها بطريقة أخرى ليصل إلى درجة 98.5 درجة فهرنهايت؛ واستخدم مقياس حرارة خاصاً بالطعام، أو جهاز مراقبة درجة الحرارة الموجود على جهاز تسخين الرضّاعة للقياس.
واتّبع الروتين بأكمله حتى لا تضطر إلى إيقاظ زوجتك لسؤالها عن كيفية القيام بالأمر.
الخطوة التي لطالما خفت منها.. تغيير الحفّاض
وبالنسبة لتغيير الحفاض، وهي المهمة التي يفزع منها كل أب لأول مرة، عادة ما يحتاج الطفل الوليد في يومه الأول إلى تغيير الحفّاض مرة واحدة على الأقل بنهاية اليوم.
ويجب أن يزيد هذا إلى 5 أو 6 حفاضات مبللة بحلول نهاية الأسبوع الأول. وستتنوع درجة الحفاضات المتسخة اعتماداً على ما إذا كان الطفل يرضع طبيعياً أو صناعياً.
ويختلف مظهر براز الطفل أيضاً وفقاً لنوعية الرضاعة. وبحسب موقع Parents "سيتغير لون براز الطفل الذي يرضع من الثدي مع انتقال حليب الأم من اللبأ إلى الحليب الناضج، من الأخضر الداكن إلى اللون البني الفاتح إلى الأصفر الخردلي"، وهذه كلها ألوان طبيعية لا ينبغي أن يقلق الأب لأول مرة عند رؤيتها.
وعادة ما يتحول الرضّع بصورة متسارعة إلى "نوافير من التبول" عندما تتعرض بطونهم الصغيرة لأي هواء بارد، لذلك تعلم كيفية إنشاء درع واقٍ من جزء الحفَّاض الأمامي عند تغيير ملابسه وحفاضاته، كما يمكنك أيضاً الاحتفاظ بمنشفة يد جاهزة لحماية نفسك من أي حوادث غير متوقعة.
ولا تدع الطفل يبقى طويلاً في حفاض مبلل أو متسخ؛ لأنهم بذلك قد يصابون بطفح جلدي يمنع الطفل من القدرة على النوم.
وبمجرد تغيير حفّاضات الطفل، سيكون لديك حفاض متسخ يمتلك البعض مدارس متنوعة في طريقة التعامل معه. وذلك إما بتغليف الحفاضات المتسخة ووضعها في سلة مخصصة للحفاضات المتسخة التي تمنع الرائحة الكريهة؛ بينما قد يستخدم البعض الآخر حفاضات القماش القطنية التي تحتاج إلى الغسيل والجلي الفوري.
اكتشف ما ستفعله كأب لأول مرة بالاتفاق مع زوجتك، وكن مستعداً للتعامل مع أي كوارث كريهة بقلب ممتلئ بالحب والتقدير لهذه المعجزة الصغيرة بين يديك.