غالباً ما يكون اختيار اسم الطفل من أصعب القرارات على الوالدين بعد اتخاذ قرار الإنجاب، وذلك لأن الطفل سيكبر ليعيش طوال عمره بهذا الاسم وقد يكون اختياره مسؤولاً عما ستترتب عليه حياته فيما بعد. لذلك يحاول الآباء التأني والتأكد من اختيار اسم جيد.
ولكن ماذا الذي من الممكن للآباء فعله إذا ما كبر الطفل الصغير وأخبر والديه أنه يكره اسمه ولا يحب مناداته به؟
عوامل اختيار أسماء الأبناء
أولاً، هناك العديد من العوامل والاعتبارات المثيرة للاهتمام التي يتبعها الناس عند اختيار وانتقاء الأسماء لأطفالهم، يأتي على رأسها النسب والثقافة والممارسات الأسرية التقليدية، وتشمل الأثر الديني والاعتقاد والميول والاتجاهات الشخصية للآباء.
وتمتلك أيضاً الأحداث الهامة وتجارب الحياة دوراً في قرار انتقاء اسم بعينه دون غيره لكي يحمله الطفل بقية حياته، وتؤثر الشخصيات والنماذج والرموز المؤثرة في ثقافة الشخص عند التفكير في خيارات الأسماء.
وبحسب موقع Parent Circle التربوي، تظهر الأبحاث أنه في حين يأمل الآباء عند اختيار الاسم أن يساعد طفلهم "للارتقاء إلى المستويات الرفيعة والناجحة في الحياة"، إلا أن الاسم الذي يختارونه غالباً ما يكشف عن شخصيتهم أكثر من شخصية طفلهم المستقبلية.
المشكلة شائعة وواردة الحدوث
وفي العادة يُبدي الأطفال رفضَهم للعديد من الأشياء أثناء مراحل نموهم، واعتماداً على حالتهم المزاجية ونزواتهم، قد يكرهون إخوتهم، والأطعمة المختلفة، والاستحمام، والمدرسة، وحتى والده ووالدته إذا ما أمراه بترتيب ألعابه.
لذلك ربما لن يكون الأمر بمثابة صدمة كبيرة إذا أعلنوا يوماً أنهم كرهوا اسمهم ويريدون أن يناديهم الآخرون باسم آخر.
وهذا هو بالضبط ما حدث لوالدة أمريكية تُدعى إيرين، إذ تقول وفقاً لصحيفة Mirror البريطانية: "كان ابني قد بدأ لتوه عامه الدراسي الأول، وعاد إلى المنزل ذات يوم معلناً أن هناك عدداً كبيراً من زملائه يحملون نفس اسمه، وقرر أن يناديه أصدقاؤه باسم هاري تيمناً بفيلم هاري بوتر".
وقد اضطرت الأم بالفعل للرضوخ لمطلب ولدها، بعد أن بدأ الجميع بمناداته باسمه الجديد، سواء في المدرسة أو بين أصدقاء اللعب حول منزله.
المشكلة المُربكة يعانيها حتى نجوم هوليوود، مثل براد بيت وأنجلينا جولي عندما كانا لا يزالان متزوجين. عندما طلبت ابنتهما البيولوجية الكبرى "شيلوه" بمناداتها بـ"جون".
أسباب عدم إعجاب الطفل بالاسم
وغالباً ما يكره الطفل اسمه إذا ما ارتبط الأمر باعتداء نفسي تعرض له الطفل من محيطه، مثل التعرض للمضايقة أو الترهيب بسبب اسمه، أو عندما يبدو الاسم غريباً للآخرين خارج مجتمعه، أو حينما يكون للاسم معنى مختلف في لغة أخرى.
وقد تضرب علاقة الطفل باسمه إذا ما اكتشف علاقة معينة بين كلمات غير منطقية أو مسيئة وتناغمها مع اسمه بصورة ما، أو حتى عندما يكون الاسم محايداً بين الجنسين أو شائعاً أكثر من اللازم، بحيث يُشعر الطفل بالإحباط وعدم امتلاك هوية مميزة بين من حوله.
أهمية الاسم الجيد بالنسبة للطفل
قد يحدد اسم الشخص الأهمية والمكانة التي يمتلكها عند احتكاكه بالآخرين. فمثلاً ترتبط أسماء الأطفال المُستقاة من المشاهير والشخصيات الناجحة، ميزة معينة للطفل بين أقرانه دون غيرهم بحسب موقع Parent Circle التربوي.
أما إذا كان الاسم ينتمي إلى شخص سيئ السمعة أو له صعوبة معينة في النطق، فإنه قد يسبب له الإحراج والانطواء وضعف الشخصية.
ويمتلك الاسم العديد من الارتباطات اللاواعية في أذهان الناس، التي يتم تكوينها بشكل لا إرادي وفقاً للآراء والانطباعات.
وإذا منحت طفلك اسماً مميزاً يمكن لذلك أن يمد الطفل بإحساس بالتميز والثقة أثناء نضجه. لأنه عادة ما يلعب فضول الناس بشأن الاسم غير المعتاد أو النادر بداية رائعة لبدء المحادثات وصنع الأصدقاء، لذلك يشعر الطفل بالرضا عن الاهتمام الذي يظهره له الآخرون.
ويوضح Parent Circle أن الأسماء لها تأثير كبير على مفهوم الذات والثقة في النفس التي يمتلكها الطفل أثناء نموه. فثقة الطفل في نفسه مبنية على الرسائل التي يتلقاها أولاً من والديه، ثم من المعلمين والأقران والدائرة المحيطة.
وتمتلك كل ثقافة أسماء مرغوبة ومعروفة بأنها تثير المشاعر الإيجابية. على العكس من ذلك، يمكن أن تصبح الأسماء أيضاً موضع النكات والسخرية.
وإذا ما أصبح الطفل خجولاً بشأن اسمه لأي سبب، سيبدأ في تجنب التفاعل بين أقرانه لحماية نفسه من المضايقات والتنمر، وقد يؤدي ذلك لاحقاً إلى معاناة الطفل من مشاكل شديدة في التكيف.
هل هي مرحلة عابرة؟
يشعر الطفل بالسوء إذا ما تعرض للتنمر والمضايقة بشكل قد يؤثر على بناء شخصيته وحياته فيما بعد، وفقاً لموقع Kidspot المعني بالأمومة والطفولة.
ومن بين الأمور التي قد تكون مادة للتلاعب والتنمر أسماء الأطفال، خاصة إذا ما كان من الممكن التلاعب في طريقة نطقها لتغيير معناها إلى اسم أو مصطلح مسيء أو ساخر.
هذه المواقف المؤسفة في الغالب تعد جزءاً لا مفر منه من تجارب الحياة التي تشكل شخصية الطفل، ولكن إلى حين وصول الطفل إلى مرحلة يكون فيها قادراً على التفكير المنطقي، يمكن أن يكون الأمر صعباً عليه وعلى والديه على حد سواء.
ولحل تلك المشكلة إذا ما حدثت في مرحلة الطفولة المبكرة، يقترح موقع Parent Circle التربوي توفير الدعم العاطفي القوي لصرف أي ارتباط سلبي ينسبه أقران الطفل إلى اسمه.
ومع تقدم الطفل في السن على الأغلب سيسترد ثقته في اسمه من خلال بناء شخصيته وممارسة هواياته وخلق علاقات متعددة مع أقرانه وانتمائه لمجموعة تحبه وتُقدره.
أما في حالة إذا ما واصل اسم الطفل تشكيل مشكلة نفسية تمتد إلى فترة المراهقة أيضاً فقد يكون الخيار الوحيد المتاح للوالدين هو تغيير اسم الطفل قانونياً، وتوضيح الأمر للأهل والأصدقاء لكي يتوخوا الحذر، ويبدأوا في استخدام اسمه الجديد، لكي لا يتأذى الطفل نفسياً، وفقاً للموقع التربوي.
ما الذي يجب فعله إذن؟
رغم العناية التي يتوخاها الآباء قبل تسمية طفلهم، فإنه لا توجد ضمانات لكيفية سير الأمور فيما بعد. كل ما يهم هو معرفة أن الاسم لن يمنح الطفل الصفات التي يعكسها معناه تلقائياً، لذلك اتخذ مقاربة واقعية خالية من هذه التوقعات غير المبررة.
وهناك عدد قليل من الأشياء التي يمكن القيام بها عند اختيار الاسم وفق موقع Parent Circle، وتشمل:
1- أولاً يجب منح الطفل تنشئة وتربية صحية، هذا الأمر فقط هو الكفيل بمساعدة الطفل على النمو بسلامة وصحة جيدة والتعافي بسرعة من التجارب السيئة أو المؤلمة، كالتنمُّر.
2- ثانياً من أجل بناء احترام ذاتي وتقدير للنفس لدى الطفلك، يجب بذل الوقت الكافي لمشاركة القصة حول اختيار هذا الاسم له، وما الذي يعنيه وتوضيح القيمة العاطفية والمعنوية لاسمه، لأن ذلك من شأنه بناء حالة من الافتخار والتميُّز حيال اسمه.
3- أخيراً يجب الوضع في الاعتبار أن خيار تغيير الاسم بشكل رسمي قد يكون الحل الوحيد إذا ما تعقدت علاقة الطفل باسمه، ويجب حينها إشراك الطفل في عملية اختيار الاسم، مع توضيح أبعاد أي خيار ينتقيه لكي لا تتكرر المشكلة.