يحدث احتباس السوائل أو الماء في الجسم عندما يكون الجسم غير قادر على الحفاظ على مستويات السوائل داخله.
ويحدث ذلك لعدة أسباب مرضية مختلفة، من بينها الإصابة بأمراض الكلى أو القلب والأوعية الدموية، وبالنسبة للنساء، يمكن أن يكون الحمل، أو الدورة الشهرية من بين المحفزات على هذه الحالة.
وبشكل عام، يساعد الجهاز الدوري والجهاز اللمفاوي والعوامل الهرمونية وأنظمة الجسم الأخرى في الحفاظ على مستويات السوائل الصحية في الجسم.
لكن، في حال نشأت مشكلة في أحد أو أكثر من هذه الأنظمة، فقد يحدث احتباس السوائل في الجسم، والذي يطلق عليه اسم الوذمة، التي قد تظهر في مناطق مختلفة في الجسم، وليست مقتصرة على عضو واحد دون آخر.
ما هي أسباب احتباس السوائل في الجسم؟
يستخدم جسم الإنسان نظامًا معقدًا لتنظيم مستويات المياه بداخله، حيث تلعب العوامل الهرمونية والجهاز القلبي الوعائي والجهاز البولي والكبد والكلى دورًا من أجل موازنة هذه النسبة.
وفي حال كانت هناك مشكلة في أي من هذه الأجزاء الداخلية، فقد يكون الجسم غير قادر على طرد السوائل كما ينبغي.
وهناك عدة أسباب تؤدي إلى هذه الحالة وهي كالتالي:
تلف الشعيرات الدموية
الشعيرات الدموية هي أوعية دموية صغيرة تلعب دورًا رئيسيًا في إدارة توازن السوائل في الجسم عن طريق توصيل السوائل إلى الأنسجة المحيطة.
هذا السائل، الذي يسمى السائل الخلالي، يمد الخلايا بالعناصر الغذائية والأكسجين، وبعد توصيل العناصر الغذائية، يعود السائل إلى الشعيرات الدموية.
لكن في حال تعرضت هذه الشعيرات الدموية للتلف، فقد تحدث الوذمة، التي تعني احتباس الجسم للسوائل داخله.
وتشمل المشاكل المحتملة لهذه الحالة تغيرات في الضغط داخل الشعيرات الدموية وتسرب جدران الشعيرات الدموية بشكل كبير.
إذا حدثت هذه المشاكل، فقد تخرج الكثير من السوائل من الشعيرات الدموية وتدخل الفراغات بين الخلايا.
لكن إذا لم تتمكن الشعيرات الدموية من إعادة امتصاص السائل، فسوف يبقى في الأنسجة، مما يتسبب في التورم واحتباس الماء.
ويعاني بعض الأشخاص من هذا النوع من الوذمة لأنهم يعانون من حالة نادرة تُعرف باسم متلازمة الشعيرات الدموية المتسربة الجهازية.
قصور القلب الاحتقاني
تساعد عملية الضخ التي يقوم بها القلب في الحفاظ على الضغط الطبيعي داخل الأوعية الدموية، وفي حال توقفه عن العمل بشكل فعال، فهذا يعني حدوث تغيرات في ضغط الدم، وهذا الذي يؤدي بشكل مباشر إلى احتباس السوائل في الجسم.
وفي هذه الحالة قد يحدث تورم في الساقين والقدمين والكاحلين، وكذلك زيادة السوائل في الرئتين، مما قد يؤدي إلى السعال لفترة طويلة أو صعوبات في التنفس.
في النهاية، يمكن أن يؤدي قصور القلب الاحتقاني إلى مشاكل في إجهاد القلب الناتج عن صعوبات التنفس، الشيء الذي قد يهدد حياة الشخص المصاب.
الجهاز اللمفاوي
يحمل الجهاز اللمفاوي سائلًا يسمى الليمف عبر الجسم، وهو الذي يحتوي على خلايا الدم البيضاء، فيما يساعد الجهاز المناعي في الدفاع عن الجسم ضد العدوى.
ومع قيام الجهاز اللمفاوي بتوصيل وإعادة امتصاص سائل الليمف، فإنه يساعد الجسم أيضًا على الحفاظ على توازن السوائل داخل الجسم.
لكن إذا كانت هناك مشكلة تمنع الجهاز اللمفاوي من العمل بشكل صحيح، يمكن أن يتراكم السائل حول الأنسجة.
وهذا ما يسمى بالوذمة الليمفية ويمكن أن يسبب تورمًا في أجزاء مختلفة من الجسم، بما في ذلك البطن والكاحلين والساقين والقدمين.
وقد تؤدي هذه الحالة إلى الإصابة بعدة أمراض خطيرة، من بينها السرطان والالتهابات والانسدادات ومشاكل في هذا النظام العام للجسم.
الكلى
تقوم الكلى بتصفية الدم وتساعد في الحفاظ على مستويات السوائل في الجسم، إذ تمر نفايات الجسم والسوائل والمواد الأخرى إلى أنابيب صغيرة في الكلى، والتي تعمل كمرشح.
فيما يمتص مجرى الدم أي شيء يمكن للجسم إعادة استخدامه ثم يزيل الفضلات في البول.
لكن إذا لم تعمل الكلى بشكل صحيح، فلن تتمكن من إزالة الفضلات، بما في ذلك السوائل والصوديوم، وبالتالي، سيبقى السائل في الجسم.
قد يلاحظ الأشخاص المصابون بأمراض الكلى المزمنة، على سبيل المثال، تورمًا في الأطراف السفلية أو اليدين أو الوجه.
الحمل
أثناء الحمل، يحتفظ الجسم بكمية أكبر من الماء عن المعتاد، مما يؤدي إلى تورم الأطراف السفلية، خاصة أثناء الطقس الحار أو بعد الوقوف لفترة طويلة.
ومع ذلك، إذا أصبح التورم فجأة أكثر حدة، فقد يكون ذلك علامة على تسمم الحمل، وهو نوع من أنواع ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يضر بالأم والجنين.
لذلك يجب على أي امرأة تعاني من الصداع والقيء والألم تحت الأضلاع ومشاكل الرؤية، إلى جانب زيادة التورم أثناء الحمل، أن تطلب عناية طبية فورية.
عدم النشاط البدني
يمكن للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الحركة أن يصابوا بالوذمة في أسفل الساقين، وذلك لأن الحركة غير الكافية يمكن أن تؤدي إلى فقدان مضخة عضلات الساق للقوة.
لذلك قد يكون من المفيد إبقاء القدمين مرفوعتين، وارتداء جوارب ضاغطة، وممارسة تمارين مثل رفع وخفض القدمين أو تدوير الكاحلين.
السمنة
قد يعاني الأشخاص المصابون بالسمنة من التورم بسبب الوزن الزائد الذي يحملونه، كما تزيد السمنة من خطر ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى وأمراض القلب، وكلها يمكن أن تؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم.
كما تزيد السمنة من خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، والتي تشمل مرض السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم ومشاكل صحية أخرى.
سوء التغذية
الألبومين هو بروتين يساعد جسم الإنسان على إدارة السوائل، وعندما يعاني الشخص من نقص حاد في هذا البروتين، قد يكون من الصعب على الجسم نقل السائل الخلالي مرة أخرى إلى الشعيرات الدموية.
وعندما يعاني الشخص من سوء التغذية الشديد، فقد يصاب بمتلازمة كواشيوركور، التي تشمل أعراضها فقدان كتلة العضلات وتضخم البطن، ويرجع ذلك إلى احتباس السوائل في أنسجة الجسم.
الحساسية
الوذمة الوعائية التحسسية هي عندما يتورم جزء موضعي من الجسم بسبب ملامسة مادة مسببة للحساسية.
على سبيل المثال، قد يعاني الأشخاص الذين يعانون من حساسية طعام معينة من تورم في الفم وحوله بعد تناول مادة مسببة للحساسية.
يحدث هذا بسبب تراكم السوائل في الطبقات العميقة من الجلد أثناء استجابة مسببة للحساسية الالتهابية.
وقد يعاني الأشخاص أيضًا من الوذمة الوعائية الوراثية، حيث يعانون من التورم دون ملامسة مباشرة لمسببات الحساسية.
تناول بعض الأدوية
يمكن أن تؤدي بعض الأدوية أيضًا إلى احتباس الماء من بينها حاصرات قنوات الكالسيوم، والأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية، وبعض العلاجات الهرمونية، بما في ذلك بعض حبوب منع الحمل، وبعض أدوية مرض السكري.
لذلك يجب على أي شخص يشعر بالقلق بشأن التورم أثناء استخدام إحدى هذه الأدوية التحدث إلى طبيبه، من أجل تغيير الجرعة، أو اقتراح بديل.
الحالات الهرمونية المسببة للوذمات
يمكن أن يؤدي اختلال التوازن الهرموني إلى احتباس السوائل في الحالات التالية:
الحيض:
يمكن أن تؤدي التغيرات في التوازن الهرموني إلى تراكم السوائل قبل الحيض، لذلك قد تعاني بعض النساء من الانتفاخ وألم الثدي نتيجة لذلك.
مشاكل الغدة الدرقية:
تفرز الغدة الدرقية هرمونات تلعب دورًا في إدارة مستويات السوائل في الجسم، وبالتالي، قد يعاني الأشخاص المصابون بحالات تؤثر على الغدة الدرقية من احتباس الماء.
متلازمة كوشينغ:
تتسبب متلازمة كوشينغ في إنتاج الغدة الكظرية لكمية زائدة من هرمون الستيرويد، مما يؤدي إلى تورم الساق.
الوذمة الناتجة عن هذه المتلازمة تحدث عندما تتجمع السوائل في الجزء السفلي من الجسم.
أعراض احتباس الماء في الجسم
تعتمد أعراض احتباس السوائل على المنطقة التي تؤثر عليها، وتشمل المناطق الشائعة أسفل الساقين واليدين والبطن والصدر.
وعندما تحدث الوذمة في الأطراف والقدمين واليدين، تشمل الأعراض التالية:
- تورم
- تغيرات في لون الجلد
- جلد لامع أو منتفخ
- مناطق من الجلد تظل مستدقة عند الضغط عليها بإصبع، والمعروفة باسم الوذمة الحفرية
- آلام وحساسية في الأطراف
- تصلب في المفاصل
- زيادة الوزن
يمكن أن يؤثر احتباس السوائل أيضًا على مجموعة من المناطق في الجسم نذكر منها:
الدماغ
يُعرف احتباس السوائل في الدماغ بالوذمة الدماغية، إذ يمكن أن يسبب مجموعة أعراض من بينها القيء وعدم وضوح الرؤية والصداع وصعوبة التوازن، وقد يهدد هذا الحياة كذلك.
الرئتان
يمكن أن يشير وجود السوائل الزائدة في الرئتين، أو الوذمة الرئوية، إلى وجود مشكلة خطيرة في القلب أو الجهاز التنفسي.
وتشمل الأعراض صعوبة التنفس والسعال وألم في الصدر والضعف البدني، والتي يمكن أن تؤثر على قدرة الرئتين على إمداد الجسم بالأكسجين.
طرق العلاج الممكنة
في حالات كثيرة، تختفي السوائل المتواجدة في الجسم بشكل تلقائي دون الحاجة إلى العلاج، إلا في حال كان السبب هو حالة كامنة، وهنا سيكون من الضروري زيارة طبيب مختص، لمعرفة خطة العلاج الممكنة.
تعد مدرات البول أحد خيارات العلاج، إذ يمكنها مساعدة الكلى على إزالة السوائل من الجسم، ومع ذلك، فهي عادة خيار قصير المدى، حيث يمكن أن تسبب آثارًا جانبية مثل الجفاف وتلف الكلى.
هناك كذلك بعض العلاجات المنزلية التي يمكن اللجوء إليها، من بينها العلاجات العشبية، إذ أن هناك مجموعة من الأعشاب التي تكون مدرة للبول بشكل طبيعي.
لكن يجب على أي شخص التحدث إلى الطبيب المختص قبل استخدام لأي علاج عشبي أو غيره، لأنها قد لا تكون مدرات البول آمنة للأشخاص الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم أو يتناولون أدوية أخرى تؤثر على توازن السوائل.