في عالمنا المعاصر، نحنُ معرّضون دائماً لمواجهة الاشخاص المزيفين في مختلف جوانب الحياة اليومية، سواء في العلاقات الشخصية، العملية، أو حتى العلاقات الاجتماعية.
ويُعرف الأشخاص المزيفون بقدرتهم على تقديم صورة معينة عن أنفسهم تختلف عن الحقيقة الداخلية التي قد تكون مختلفة تماماً، فهم قادرون على التلاعب بالحقائق وإخفاء نواياهم البعيدة عن الصدق أو النزاهة. هؤلاء الأشخاص يتميزون بالقدرة على تمثيل شخصيات مختلفة، وغالباً ما يكونون ماهرين في التأقلم مع متطلبات البيئة المحيطة بهم.
في هذا التقرير، سوف نطلعكم على مجموعة متنوعة من التكتيكات التي عادةً ما يعتمد عليها الأشخاص المزيفون لتحقيق أهدافهم وإيهامنا بصورة مثالية بعيدة كلّ البعد عن ما تضمرُه أنفسهم وفقاً لما ارشدنا غليه موقع POWER OF POSITIVITY.
القصص المتضاربة من علامات الشخص المزيّف
يُمكن إكتشاف الشخصيات المزيفة عندما تبدأ القصص المتعارضة بالظهور، حيث يكون التناقض في قصصهم من بين أوضح العلامات على زيف شخصيتهم التي يُظهرونها أمامنا.
يُظهر هذا التناقض نفسه بتغييرات في التفاصيل أو جداول زمنية متباينة، ويمكن أن يُحكى لأشخاص مختلفين نسخ مختلفة من نفس الحدث. غالباً ما تكون هذه التباينات ناتجة عن سرد يتوافق مع الشخص الذي يقومون بمحادثته أو لهدف محدد، بدلاً من الالتزام برواية الحقائق.
لذلك، يجب الاهتمام بهذه التفاصيل مع مرور الزمن. إذا ظهر تغيير متكرر في عناصر القصة الأساسية أو تطور في سرد الشخص للأحداث السابقة، فهذا يُعتبر علامة حمراء على عدم صدق روايته.
الحماس الزائد
مؤشر آخر على وجود شخص مزيف هو الحماس المفرط الذي يظهر بشكل غير مناسب وكأنه يبدو مجبراً عليه. على الرغم من أن الحماس لدى عديد الأشخاص قد يكون صادقاً، إلا أن الوفرة المفرطة أو غير المناسبة قد تُستخدم لإخفاء المشاعر الحقيقية أو الدوافع. هذا النوع من الحماس غالباً ما يفتقر إلى العمق ويمكن أن يبدو غير صادق.
للتفريق بين الحماس الحقيقي والمزيّف، من المهم ملاحظة كيفية التعبير عن الحماس في سياقات مختلفة. الحماس الحقيقي يتماشى عادةً مع مشاعر واهتمامات الشخص المعروفة، ويكون مناسباً لسياق المحادثة. بالمقابل، قد يظهر الحماس المزيّف كتعبير غير مناسب للموقف، حيث يكون بدون صلة منظقية بالموضوع.
لغة الجسد غير المتطابقة
تُعد لغة الجسد مؤشراً حاسماً يكشف عن مشاعر ونوايا الأشخاص بشكل حقيقي. فقد يُعبر الشخص المزيف عن رأي معين بالكلمات، لكن لغة جسده قد تروي قصةً مختلفة تماماً.
على سبيل المثال، قد يظهر الشخص تعبيرات فمه أو يستخدم ذراعه بشكل متقاطع، ما يتناقض مع ما يقوله. لفهم هذه الإشارات بشكل أفضل، يجب ملاحظة كيفية توافق تعبيرات الشخص المنطوقة مع تعبيرات لغة جسده. الأشخاص الذين يعبرون بصدق عن مشاعرهم غالباً ما يظهرون ذلك بتفاصيل ملموسة مثل ابتسامة حقيقية تشمل العيون. إذا لم تتطابق كلمات الشخص مع إشاراته الغير لفظية، فقد تكون هذه علامة على عدم صدقه.
الإفراط في التملق
إفراط استخدام التملق قد يكون إشارةً إلى أنّ الشخص مزيّف. فالإطراء، إذا استُخدم بصدق، قد يكون بسيطاً لطيفاً ووديّاً يعزز العلاقات الاجتماعية. ومع ذلك، يمكن أن يستخدم الإطراء المفرط كأداة للتلاعب أو التملق، لصالح الشخص نفسه أو للتغطية على نقاط ضعفه.
فالإطراء المفرط وغير المبرر قد يكون استراتيجية تكتيكية، خاصة في البيئات التي يسعى فيها الأشخاص للحصول على مكاسب محددة، سواء كانت علاقات شخصية أو فرص مهنية أو دوائر اجتماعية.
أيضًا، إذا كانت المجاملات تتبادر لك من قبل بعض الأشخاص في الأوقات التي يحتاج فيها الشخص الآخر إلى خدمة أو موافقة، فقد يكون هذا مؤشراً على عدم صدق نواياه الحقيقية ودوافعه.
قلة التواصل البشري
يُمكن أن تكون قلة التواصل البصري إشارةً إلى عدم الأمانة أو القلق أو عدم الاهتمام. فالتواصل البصري يعتبر جزءاً أساسياً من التواصل غير اللفظي حيث يعبر عن الصدق والثقة والمشاركة. من المهم فهم أن هذه الإشارات قد تختلف بشكل كبير بين الأفراد والثقافات.
يجب مراعاة الاختلافات الثقافية والمستويات الشخصية للراحة عند تقييم قلة التواصل البصري. ما قد يُعتبر نقصاً في التواصل البصري في ثقافة معينة قد يكون على سبيل المثال، علامة على الاحترام في ثقافة أخرى.
لفهم إذا كان تجنب الاتصال بالعين يشير إلى عدم الأمانة، ينبغي مراقبة اتساق هذا السلوك والظروف التي يحدث فيها. على سبيل المثال، إذا كان شخص يحافظ عادة على التواصل البصري ولكنه فجأة ينظر بعيداً عند مناقشة مواضيع معينة، فقد يكون ذلك إشارة إلى عدم الراحة أو عدم الصدق. كما أن تجنب التواصل البصري في المواقف الحاسمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بطرح أسئلة مباشرة، قد يشير إلى محاولة لإخفاء المشاعر أو الحقائق الحقيقية.
الذاكرة الانتقائية
تشملُ الذاكرة الانتقائية نسيان التفاصيل التي قد تكون غير مريحة أو مزعجة، ويمكن أن تكون استراتيجية لتجنب المساءلة أو إعادة تشكيل الحقائق. هذا التكتيك يمكن أن يكون تلاعباً من قبل بعض الأشخاص المُزيفين، حيث يخلق ارتباكاً ويقوض فهم الآخرين للأحداث.
لتحديد ما إذا كان نسيان شخص ما حقيقياً أم متعمّداً، يجب ملاحظة نمط وسياق هفوات ذاكرته. إذا كانت الهفوات تتوافق بشكل مناسب مع تجنب المسؤوليات أو المناقشات الصعبة، وكانت انتقائية بشأن ما يتذكره (مع تذكر بعض التفاصيل وحذف تفاصيل أخرى بشكل استراتيجي)، فقد يكون هذا مؤشراً على سلوك تلاعبي من قبله.
الانعكاس المفرط
الانعكاس هو ظاهرة نفسية يقوم فيها الأفراد بتقليد إيماءات الآخرين أو أنماط حديثهم أو مواقفهم دون وعي. يُعتبر هذا جزءاً طبيعياً من السلوك البشري الذي يساعد على بناء الروابط الاجتماعية وتعزيز التعاطف. ومع ذلك، عندما يتم استخدام الانعكاس بشكل مفرط ومتعمد، قد يكون هذا تكتيكاً لكسب تأييد أو ثقة شخص ما بشكل مصطنع وسريع.
للتعرف على استخدام الانعكاس المفرط، يجب ملاحظة تكرار تغييرات السلوك والتكيف مع الآخرين في مختلف البيئات الاجتماعية بشكل متوازن. على سبيل المثال، إذا كان شخص ما يغير سلوكه أو اهتماماته أو آرائه بشكل متكرر ليناسب التوقعات المحيطة به، فقد يكون ذلك مؤشراً على محاولة للتملق أو التلاعب بالانطباعات. ينبغي أن يكون انحياز السلوك هذا ملحوظاً خاصة عندما لا تتماشى السمات المنعكسة مع السمات المعروفة للفرد، أو عندما تتغير بشكل كبير بين المجموعات أو السياقات المختلفة.
تجنب الأسئلة المحددة
تجنب الأسئلة المحددة يمكن أن يكون تكتيكاً متعمداً لتجنب الكشف عن الحقائق أو الاعتراف بالأخطاء أو مناقشة مواضيع غير مريحة.
يظهر هذا التجنب غالباً في إجابات غامضة، أو تغيير الموضوع، أو الرد على سؤال بسؤال آخر. وغالباً يستخدم هذا النوع من التكتيكات للسيطرة على السرد أو لحماية النفس من العواقب المحتملة للصراحة.
للحصول على إجابات حقيقية بشكل فعال، ينبغي إعادة صياغة الاستفسارات بلباقة أو تكرارها بطريقة تشجع الشخص المقابل على الإجابات المباشرة، وطرح الأسئلة المفتوحة التي تتطلب تفاصيل دقيقة أو الإصرار بلطف على الحصول على المعلومات يمكن أن تساعد في التغلّب على التلاعب.
التحولات السريعة في الرأي
التحولات المتكررة والسريعة في الرأي غالباً ما تكشف عن افتقار للمعتقدات الراسخة أو رغبة في تكييف الآراء لتناسب المستمعين أو الموقف الحالي. يمكن أن تكون هذه التحولات علامة على التلاعب أو السطحية في التفكير.
لتحديد صحة معتقدات الشخص وأقواله، يجب مراقبة أسباب التغييرات في الرأي. فالتحولات الحقيقية تتبع عادةً تفكير مدروس أو تجارب جديدة، وتتميز بتفسيرات منطقية.
إذا كانت التحولات في الرأي متسارعة ومتكررة وتتوافق مع الرأي العام دون تفسيرات منطقية، فقد تكون هذه علامة على عدم الصدق أو التلاعب.
عدم وجود تفاصيل شخصية
الحذر في مشاركة المعلومات الشخصية قد يكون استراتيجية من قبل الأشخاص المزيفين للحفاظ على الخصوصية أو التحكم في صورتهم أمام الأشخاص.
بينما يمكن أن يكون بعض الأفراد طبيعيين في الاحتفاظ بخصوصيتهم، إلا أن النقص غير المعتاد في تقديم التفاصيل الشخصية قد يشير إلى استخباء جوانب من حياتهم أو عدم الراحة الكاملة في الانفتاح في العلاقات.
للتحّق ما إذا كان الشخص الذي أمامك يقوم بتطبيق هذه الاستراتيجية، راقب كيفية تفاعله مع الأسئلة المتعلقة بحياته الشخصية. إذا كان يقدم بشكل متكرر إجاباتٍ غير محددة أو سطحية، أو يتجنب بناءً على الأسئلة الإجابة بشكل مراوغ، أو يظهر سرية غير متناسبة حول التفاصيل اليومية، فقد تكون هذه علامات حمراء. فالعلاقات الصحيحة عادة ما تتطلب تبادلًا متوازناً للمعلومات الشخصية، لذلك إذا كان هناك انحراف كبير عن هذا التوازن، فقد يكون ذلك مؤشراً على وجود مشكلة وعلامةً فارقة على انّ الشخص الذي تتعامل معه ليس صادقاً ومشاعره ليست حقيقية.