هناك أنواع كثيرة وغريبة من الرهاب التي يعاني منها عدد كبير من الأشخاص حول العالم، وعند التدقيق في تفاصيل كل واحد منها، نشعر وكأن شيئًا كهذا لا يمكن أن يكون حقيقيًا، مثل فوبيا المراهقين، أو فوبيا الثقوب، أو حتى فوبيا الاستحمام.
لكن هل سبق لك أن سمعت بفوبيا الجلوس، والتي يطلق عليها اسم كاثيسوفوبيا؟ إذ إن المصاب بهذا النوع من الرهاب يكون غير قادر على الجلوس بشكل كامل، وتسوء حالته الصحية، كلما رأى كرسيًا، أو كان مجبرًا على الجلوس، سواء في العمل، أو في الأماكن العامة، مثل المولات، والمطاعم، والمقاهي، أو حتى في المنزل.
وبهذا يمكن أن يؤثر هذا الخوف على الحياة اليومية للفرد المصاب بشكل كبير، مما يسبب له إحراجاً وإعاقة اجتماعية ومهنية، ليكون بذلك غير قادر على عيش حياة طبيعية، كما هو الحال مع بقية الأفراد، وهو الشيء الذي يؤدي إلى مجموعة من الحالات النفسية غير المتوازنة، مثل الإصابة بالاكتئاب، على سبيل المثال.
ما هي أسباب كاثيسوفوبيا؟
لا يوجد سبب واحد محدد للإصابة برهاب الجلوس أو كاثيسوفوبيا، ولكن هناك عدة عوامل قد تساهم في ظهور هذا الخوف وتطوره مع الوقت، نذكر منها:
تجارب سلبية سابقة:
قد يكون الشخص الذي يعاني من كاثيسوفوبيا قد تعرض سابقًا لحادث مؤلم أو تجربة سيئة أثناء الجلوس، مثل السقوط والإصابة بشكل حاد، مما أدى إلى تطور الخوف.
الارتباط بشيء آخر:
قد يكون الخوف من الجلوس مرتبطًا بخوف آخر، مثل الخوف من الأماكن المغلقة (كلوستروفوبيا) أو الخوف من التواجد في مكان معين، الأمر الذي يجعل الجلوس في هذا المكان بحد ذاته يشكل حالة من الرهاب الذي يمكن أن يتطور فيما بعد.
العوامل الوراثية:
قد تلعب الجينات التي تنتقل من الوالدين إلى الطفل حديث الولادة دورًا في تطور الفوبيات بشكل عام، حيث يمكن أن يرث الفرد ميولاً للخوف من والديه، ومن بين أنواع الخوف رهاب الجلوس.
العوامل النفسية:
قد تكون هناك اضطرابات نفسية أخرى تلعب دورًا في تطور رهاب الجلوس أو كاثيسوفوبيا، مثل القلق العام أو مرض الاكتئاب.
الأعراض الشائعة لرهاب الجلوس
يمكن أن يعاني الشخص المصاب برهاب الجلوس من مجموعة من الأعراض، التي يمكن تقسيمها إلى أعراض جسدية وأخرى نفسية، والتي توضح بشكل كبير الحالة التي يعاني منها الشخص.
بالنسبة للأعراض الجسدية التي قد تصيب المصاب بكاثيسوفوبيا بعد رؤية كرسي، أو إرغامه على الجلوس، نجد كل من تسارع ضربات القلب، والتعرق المفرط، والارتعاش، والشعور بالدوار أو الغثيان.
أما بالنسبة للأعراض النفسية التي يمكن أن تصيب الشخص المصاب، فهي الخوف الشديد وغير المنطقي من الجلوس، والقلق المستمر والتوتر في المواقف التي تتطلب الجلوس، ثم تجنب الأماكن أو الأنشطة التي تتطلب الجلوس بشكل عام، حتى وإن كانت ضرورية لسير الحياة بشكل عادي.
طرق العلاج الممكنة
في حال كان الشخص المصاب يشعر أن هذا الرهاب الذي يعاني منه يسبب له الكثير من الإحراج، ويعيق حياته بشكل عام، أو قد يكون سببًا في ظهور بعض الأعراض النفسية، فهذا يعني أنه بحاجة إلى علاج في أسرع وقت ممكن، من أجل تفادي تطور هذه الحالة.
العلاج السلوكي المعرفي، والذي يدخل في خانة العلاجات النفسية، وهو من أكثر العلاجات فعالية لهذا النوع من الرهاب.
يهدف العلاج السلوكي المعرفي إلى تغيير الأفكار السلبية وغير المنطقية المرتبطة بأي نوع من الرهاب، وفي هذه الحالة نقصد رهاب الجلوس، وتطوير استراتيجيات للتعامل مع الخوف الذي يحدث عند ظهور كرسي أمام الشخص المصاب.
العلاج بالتعرّض الذي يتضمن تعرض المريض تدريجيًا للمواقف التي تثير الخوف، وفي هذه الحالة، ومحاولة جعله يجلس على الكراسي، والتواجد في الأماكن التي يوجد بها كراسي حتى وإن كان الأمر يثير هلعه، مما يساعد على تقليل استجابة الخوف مع مرور الوقت.
يمكن اللجوء إلى العلاج الدوائي في بعض الحالات، إذ قد يتم وصف أدوية مضادة للقلق أو مضادة للاكتئاب للمساعدة في التحكم في الأعراض، في نفس الوقت الذي يتم فيه تجربة أنواع أخرى من العلاجات التي تم ذكرها سابقًا في الأعلى.
نصائح للتعامل مع رهاب الجلوس
من أجل تحدي حالة الرهاب التي يمكن أن يعيشها أي شخص، يمكن اتباع مجموعة من النصائح، من بينها نجد:
التثقيف والوعي: من خلال فهم الحالة ومعرفة أنها حالة صحية يمكن علاجها وهذا هو الخطوة الأولى نحو التعامل معها.
طلب الدعم: إذ يمكن أن يكون الدعم من الأصدقاء والعائلة مهمًا جدًا في مساعدة الشخص على مواجهة خوفه ومعرفة طريقة التعامل معه.
ممارسة تقنيات الاسترخاء: حيث يمكن أن تساعد تقنيات عديدة مثل التنفس العميق، والتأمل، واليوغا في تقليل مستويات القلق.
البحث عن العلاج المهني: إن زيارة طبيب نفسي أو معالج نفسي، قد تكون خطوة حاسمة في التعامل مع رهاب الجلوس بشكل فعال.