مع بداية فصل الصيف، وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة العالمية، أصبح جهاز التكييف ضرورةً لا غنى عنها في الكثير من المنازل والمكاتب ووسائل النقل.
ومع ذلك، فإن الاستخدام المستمر والقوي للتكييف يمكن أن يحمل تأثيرات صحية سلبية خطيرة، لا يتم الاهتمام لها في البداية، لكنها تظهر مع الوقت بشكل واضح.
هذا التقرير يسلط الضوء على المشاكل الصحية المحتملة الناتجة عن التعرض المفرط للتكييف، وكيف يمكن أن يؤثر سلباً على صحة الأفراد.
كيف يعمل جهاز التكييف؟
قبل الحديث عن المشاكل الصحية التي يمكن أن يؤدي لها، يجب أولاً معرفة نظام عمل جهاز التكييف، والذي هو عبارة نظام يستخدم للتحكم في درجة حرارة الهواء ورطوبته ونقائه في الأماكن المغلقة مثل المنازل، والمكاتب، والمباني التجارية.
الهدف الرئيسي من جهاو التكييف هو توفير بيئة مريحة للمستخدمين، بغض النظر عن الظروف المناخية الخارجية، والتي تكون صعبة التحمل.
يتكون جهاز التكييف من المبخر الذي يعمل على امتصاص الحرارة من الهواء الداخلي، والضاغط الذي يزيد من ضغط ودرجة حرارة المبرد، والمكثف الذي يطرد الحرارة الممتصة إلى الخارج، ثم الصمام التمدد الذي يخفض ضغط المبرد قبل دخوله إلى المبخر.
وتتم عملية التبريد من خلال ما يسمى الدورة المستمرة، وهي التي تساعد في الحفاظ على درجة حرارة الهواء الداخلي عند المستوى المطلوب، ويمكن تعديل الإعدادات وفقاً لرغبة المستخدم لتحقيق الراحة المثلى.
المشاكل الصحية الناتجة عن استخدام التكييف
يمكن أن يتسبب جهاز التكييف في حال استعماله كثيراً في العديد من المشاكل الصحية وهي:
التهاب الجهاز التنفسي
الاستخدام المستمر للتكييف، خاصة إذا لم تتم صيانته وتنظيفه بانتظام، يمكن أن يسبب مشاكل في الجهاز التنفسي.
الفلاتر غير النظيفة قد تصبح مأوى للبكتيريا والفطريات، ما يؤدي إلى انتشار هذه الميكروبات في الهواء المستنشق.
هذه الميكروبات يمكن أن تسبب التهابات تنفسية حادة، مثل التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي.
جفاف الجلد والأغشية المخاطية
الهواء البارد والجاف الذي ينتج عن التكييف يمكن أن يؤدي إلى جفاف الجلد والأغشية المخاطية في الأنف والفم.
هذا الجفاف يمكن أن يؤدي إلى تهيج الجلد، التهاب الحلق، وحتى نزيف الأنف، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يقلل جفاف الأغشية المخاطية من قدرة الجسم على صد الميكروبات، ما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى.
الحساسية والربو
الفلاتر غير النظيفة ونظام جهاز التكييف غير المعقم يمكن أن يسهم في انتشار مسببات الحساسية، مثل الغبار والعفن، ما يزيد من حدة الأعراض لدى مرضى الحساسية والربو.
والتعرض المستمر لهذه المسببات يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأعراض وصعوبة في السيطرة على الحالة الصحية.
آلام العضلات والمفاصل
التعرض المستمر للهواء البارد يمكن أن يسبب تقلصات في العضلات وآلاماً في المفاصل، وهذه الآلام تكون أكثر وضوحاً لدى الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل أو غيرها من حالات العضلات والمفاصل المزمنة.
كما أن الهواء البارد يمكن أن يسبب تقلص الأوعية الدموية، ما يقلل من تدفق الدم إلى العضلات والمفاصل ويزيد من الألم.
توصيات لتقليل المخاطر الصحية
من أجل تجنب المشاكل الصحية التي يتسبب فيها المكيف، يصبح من الضروري تنظيف الفلاتر وصيانة نظام التكييف بشكل منتظم لتجنب تراكم الغبار والبكتيريا، إذ يمكن أن يساعد ذلك في تقليل مخاطر الالتهابات التنفسية والحساسية.
كما يجب ضبط درجة حرارة التكييف بحيث لا تكون شديدة البرودة، ودرجة حرارة معتدلة تكون حوالي 24-26 درجة مئوية.
يمكن أن تكون هذه الدرجة مريحة وتقلل من مخاطر جفاف الجلد والمفاصل، كما يمكن استخدام أجهزة الترطيب للحفاظ على مستوى الرطوبة المناسب في الهواء.
يجب التأكد من تهوية المكان بشكل جيد حتى مع تشغيل التكييف، من خلال فتح النوافذ لفترات قصيرة للسماح بتجديد الهواء وتقليل تراكم الملوثات في الداخل.
كما يجب الحرص على شرب كمية كافية من الماء للحفاظ على رطوبة الجسم، واستخدام مرطبات الجلد لتجنب الجفاف.
كيف تمت صناعة جهاز التكييف؟
البداية الحقيقية لتقنية التكييف كانت في أوائل القرن العشرين، أي في عام 1902، عندما اخترع المهندس الأمريكي ويليس كاريير أول نظام تكييف هواء كهربائي حديث.
كان الهدف الأولي لنظام كاريير هو التحكم في الرطوبة في مصنع للطباعة في بروكلين، نيويورك، لتحسين جودة الطباعة.
وبعد ذلك في العشرينيات والثلاثينيات بدأت أنظمة التكييف تنتشر في المباني العامة والمسارح والفنادق، وقد تم تحسين تصميمات النظام لتكون أكثر كفاءة وفاعلية.
في الخمسينيات، شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ازدهاراً في صناعة التكييف، حيث أصبحت الأنظمة أصغر حجماً وأكثر فاعلية، ما سمح بتركيبها في المنازل والشقق.
ثم في السبعينيات وما بعدها، ومع التقدم في التكنولوجيا، تم إدخال أنظمة تكييف الهواء ذات الكفاءة العالية، والتي تستخدم مبردات صديقة للبيئة وتستهلك طاقة أقل.
التحسينات المستمرة
اليوم، تستمر صناعة التكييف في التطور مع التركيز على تحسين الكفاءة الطاقية، وتقليل التأثير البيئي، وتقديم أنظمة ذكية تتفاعل مع احتياجات المستخدمين. التقنيات الحديثة تشمل:
التكييف المركزي الذكي: الذي يمكن التحكم فيه عبر الهواتف الذكية والتطبيقات.
أنظمة التبريد بالانفرتر: التي توفر كفاءة طاقية عالية عبر تعديل سرعة الضاغط بناءً على الحاجة الفعلية.
مبردات صديقة للبيئة: التي تستخدم مواد تبريد ذات تأثير أقل على الاحتباس الحراري.