هل سمعت أحدهم يتحدث عن "الموت من البرد" للتعبير عن عدم القدرة على تحمل البرد القارس؟ صحيح أننا نفهم المقصد، لكن قد يكون هناك معنى حرفي لهذا المصطلح، أي يموت الناس من البرد.
حتى بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في أكثر المناطق برودة؛ مثل الولايات الشرقية في الولايات المتحدة أو روسيا أو أيسلندا أو غيرها، تظل للإنسان قدرة ما على تحمل البرد، وبعدها، لا يستطيع جسده إكمال عملياته الحيوية بالطريقة نفسها.
إذ قد يسبب التعرض المطول لدرجات حرارة منخفضة للغاية الموت من البرد حتى إذا لم يكن الجسم متجمداً حرفياً.
درجة حرارة الجسم في البرد
يبلغ متوسط درجة حرارة جسم الإنسان 37 درجة مئوية، وتنخفض في البرد الطبيعي إلى نحو 35 درجة مئوية.
الرقم القياسي لأدنى درجة حرارة للجسم المعروف أن شخصاً بالغاً قد نجا منها هو 13.7 درجة مئوية، وحدث بعد أن تم غمر الشخص في ماء بارد وجليدي لفترة طويلة من الوقت، وفقاً لجون كاستيلاني من USARIEM، في تصريحات لموقع Live Science في عام 2010.
الموت من البرد
يمنع انخفاض درجة حرارة الجسم الأعضاء الحيوية من العمل بشكل صحيح، بما في ذلك الدماغ والقلب، وفقاً لمستشفى Mayo Clinic.
ويؤدي أي خلل في عمل القلب في هذه الحالة إلى تقليل تدفق الدم إلى العديد من الأعضاء؛ ما يضع الجسم في حالة صدمة ويزيد من خطر حالات مثل فشل الكبد وفشل الكلى.
كم من الوقت يستغرق قبل الموت من البرد؟
الوقت الذي قد يستغرقه الجسم يقاوم انخفاض درجات الحرارة قبل الموت من البرد يتحدد بناء على عدة عوامل، والتي تشمل إذا كان التعرض للبرد في الهواء أو في الماء، ومدى برودة درجات الحرارة، والحالة الصحية الأساسية للشخص وعمره.
اعتماداً على الظروف، يمكن أن يحدث انخفاض حرارة الجسم في غضون دقائق إلى ساعات، أو ببطء على مدار أيام إلى أسابيع.
كما يمكن أن يحدث انخفاض حرارة الجسم ببطء وقد يؤثر على الدماغ؛ لذلك فإن العديد من الأشخاص الذين يعانون من انخفاض حرارة الجسم قد لا يكونون مدركين لذلك.
يمكن للشخص السليم الذي لا يرتدي ملابس دافئة بشكل صحيح أن يعاني من انخفاض حرارة الجسم في غضون 10 دقائق فقط في درجة حرارة سالب 34 درجة مئوية في الهواء أو الجو المحيط.
وعند درجة حرارة سالب 40 إلى سالب 45 درجة مئوية، يمكن أن يحدث انخفاض حرارة الجسم في غضون 5 إلى 7 دقائق فقط، كما شرح روبرت غلاتر، طبيب طوارئ في مستشفى "لينكس هيل" في مدينة نيويورك لموقع Live Science العلمي.
لكن يستغرق الشعور بالصقيع وقتاً أطولاً يصل لـ 30 دقيقة إذا كان الجسم في محيط درجة حرارته سالب 18 درجة مئوية، مع برودة الرياح تعادل سالب 28 درجة مئوية.
البرد في الماء أخطر من البرد في الهواء
يموت الأشخاص من انخفاض حرارة الجسم أسرع في الماء مقارنة بالهواء، لأن الماء لديه قدرة توصيل حراري عالية يمكن أن تبرد الشخص بسرعة أكبر بمقدار 25 مرة على الأقل من الهواء، وفقاً لمايكل ساوكا، رئيس قسم الطب الحراري والجبل في معهد أبحاث الطب البيئي للجيش الأمريكي (USARIEM) في مقابلة مع Live Science في عام 2010.
فبالنسبة للشخص الذي يغمر في ماء قريب من التجمد عند درجات صفر درجة مئوية ستظهر عليه أعراض انخفاض حرارة الجسم الخفيف في أقل من دقيقتين وسيكون فاقد الوعي في أقل من 15 دقيقة، مع وقت بقاء متوقع يتراوح بين 15 إلى 45 دقيقة.
ما هي أعراض انخفاض حرارة الجسم؟
أعراض انخفاض حرارة الجسم الخفيف (من درجة 32 إلى درجة 35 درجة مئوية):
- الارتعاش
- القشعريرة
- الجلد المزرق
- الارتباك
- صعوبة في الكلام بوضوح
- مشاكل في الذاكرة
- صعوبة القدرة على التحكم في الأعصاب
- التنفس أسرع من المعتاد
- فقدان التوازن
- تسارع ضربات القلب
- التبول أكثر من المعتاد
أعراض انخفاض حرارة الجسم المعتدل (من درجة حرارة 28 إلى 32 درجة مئوية):
- توقف الارتعاش
- الشعور بالتعب الشديد
- رؤية أشياء غير موجودة (الهلوسة)
- التنفس السطحي
- انخفاض في ردود الفعل
- الغيبوبة
- زيادة خطر اضطراب ضربات القلب (عدم انتظام ضربات القلب)
- توسع الحدقات
أعراض انخفاض حرارة الجسم الشديد (درجة حرارة الجسم أقل من 32 درجة مئوية):
- تيبس الجسم
- انخفاض ضغط الدم
- تصلب العضلات
- فقدان الوعي
- الغيبوبة
- عدم الاستجابة
- توقف التنفس
- توقف القلب
أعراض انخفاض حرارة الجسم عند الأطفال:
- جلد أحمر لامع وبارد
- طاقة منخفضة جداً
الأشخاص الأكثر عُرضة للتأثر بالبرد
الأطفال وكبار السن هم أكثر عرضة لخطر انخفاض حرارة الجسم لأن لديهم عضلات قلب أضعف، كما أشار موقع eMedicineHealth العلمي.
وبالنسبة لكبار السن الذين يتناولون أدوية تبطئ معدل ضربات القلب، هذا يعني زيادة خطر تعرضهم لانخفاض حرارة الجسم في البرد.
كما أن بعض المرضى بحالات طبية مثل السكري، وقصور الغدة الدرقية، ومرض أديسون، وأمراض الكلى، والحروق، والصدفية قد يعانون من عوامل خطر في البرد الشديد.
كذلك بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون أدوية؛ مثل المهدئات، ومضادات الذهان، وحاصرات بيتا، وأدوية السكري، وأدوية ضغط الدم، والمواد الأفيونية.
كيف يتم تشخيص انخفاض حرارة الجسم؟
بالإضافة إلى التاريخ الطبي والفحص البدني للمريض، تشمل الاختبارات المستخدمة لتشخيص انخفاض حرارة الجسم:
- تحديد غازات الدم الشرياني
- اختبارات الدم (مستويات الهيماتوكريت، الإلكتروليتات، مستويات البوتاسيوم، مستويات الجلوكوز في الدم)
- اختبارات التجلط
- اختبارات التصوير (الأشعة السينية للصدر، التصوير المقطعي المحوسب (CT) للرأس في حالة الصدمة)
- تخطيط القلب الكهربائي (ECG أو EKG)
ما هو علاج انخفاض حرارة الجسم؟
انخفاض حرارة الجسم هو حالة طبية طارئة. إذا كانت هناك علامات على انخفاض حرارة الجسم، يجب قياس درجة حرارة الشخص. إذا كانت أقل من 35 درجة مئوية، يجب نقل الشخص إلى قسم الطوارئ في المستشفى فوراً.
أما إذا كانت منخفضة لكن أعلى من 35 درجة مئوية فينصح بـ:
- الانتقال إلى مكان أكثر دفئاً في أسرع وقت ممكن.
- إزالة الملابس المبتلة.
- تغطية الشخص بالبطانيات خصوصاً منطقة الصدر، والعنق، والرأس، والفخذ.
- تقديم مشروبات دافئة إذا كان الشخص قادراً على الشرب.
- تجنب الكحول.
- عدم محاولة إعطاء السوائل لشخص فاقد للوعي.
قد يهمك أيضاً: الموت من الحر.. كيف يمكن أن تقتل درجات الحرارة العالية؟