يساعد استخدام واقي الشمس على حجب الأشعة فوق البنفسجية، ويمكن أن يقي من سرطان الجلد، لكن الأشعة فوق البنفسجية فئة B هي أيضاً ما يستخدمه الجسم لصنع فيتامين د بشكل طبيعي، ما يجعلنا نتساءل هل هناك علاقة بين استخدام واقي الشمس ونقص فيتامين د؟ وبالأساس، هل يوفر التعرض للشمس حاجة الجسم من فيتامين د؟
هل هناك علاقة بين استخدام واقي الشمس ونقص فيتامين د؟
تم تصميم واقيات الشمس ذات عامل الحماية من الشمس العالي (SPF) لتصفية معظم أشعة الشمس فوق البنفسجية B، لأن ضرر الأشعة فوق البنفسجية B هو السبب الرئيسي لحروق الشمس، ويمكن أن يؤدي إلى سرطان الجلد.
تصادف أن الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية هي الأطوال الموجية المحددة التي تؤدي إلى إنتاج فيتامين د في الجلد.
لكن طبيب الأمراض الجلدية هنري دبليو ليم، الحاصل على دكتوراه في الطب، ويعمل في مركز طبي بولاية ميشيغان الأمريكية قال إن "العديد من الدراسات تظهر أن الاستخدام المنتظم لواقي الشمس لن يؤثر على مستويات فيتامين د"، في تصريح لموقع Verywell Health المهتم بالمواضيع الصحية.
كما أشارت دراسة تحليلية لعام 2019 نُشرت في المجلة البريطانية للأمراض الجلدية، إلى أن استخدام واقي الشمس ليس له تأثير يذكر على تركيز فيتامين د في الجسم.
إذ يعمل واقي الشمس ذو عامل حماية من الشمس SPF 15 على تصفية 93% من الأشعة فوق البنفسجية فئة B، بينما يمنع عامل الحماية من الشمس SPF 30 على تصفية 97% ويقوم عامل الحماية من الشمس SPF 50 بتصفية 98%.
وهذا يترك ما بين 2 إلى 7% من الأشعة فوق البنفسجية تصل إلى بشرتك، حتى مع استخدام واقيات الشمس ذات عامل حماية من الشمس (SPF) عالٍ.
كما أشارت دراسة نشرها المركز الأمريكي لمعلومات التكنولوجيا الحيوية (NCBI) إلى وجود أدلة قليلة على العلاقة بين استخدام واقي الشمس ونقص فيتامين د. إذ قامت هذه الدراسة على مراجعة أربع دراسات تجريبية وثلاث تجارب ميدانية و69 دراسة قائمة على الملاحظة نشرت جميعها باللغة الإنجليزية بين عامي 1970 و2017.
فيما وجدت أنه في حين أن الدراسات التجريبية تدعم الخطر النظري المتمثل في أن استخدام واقي الشمس قد يؤثر على فيتامين د، فإن الأدلة المستمدة من التجارب الميدانية والدراسات القائمة على الملاحظة تشير إلى أن الخطر منخفض.
ما هي كمية فيتامين د التي تحصل عليها من الشمس؟
هناك عوامل متعددة تحدد الإجابة، بما في ذلك مقدار الوقت الذي تقضيه بالخارج، والموسم، والمنطقة الجغرافية التي تعيش فيها، وكمية الميلانين في بشرتك، كلها تؤثر على كمية فيتامين د التي يتم إنتاجها من التعرض لأشعة الشمس.
نظرت دراسة أجريت عام 2017 في إسبانيا في مقدار التعرض لأشعة الشمس اللازمة لإنتاج فيتامين د بشكل كافٍ في منطقة خطوط العرض الوسطى الشمالية في منتصف النهار، ووجدت أن 10-20 دقيقة كانت كافية خلال فصلي الربيع والصيف، ولكنها قد تستغرق ساعتين في فصل الشتاء.
كذلك؛ قالت الطبيبة الأمريكية الحاصلة على دكتوراه في الطب بيس داوسون هيوز لموقع Verywell Health: "إن كمية فيتامين د المنتجة ترتبط ارتباطاً مباشراً بمدى قرب الشمس. أولئك الذين يحبون المشي على طول الشاطئ في وقت متأخر بعد الظهر لن يكسبوا الكثير؛ لأن زاوية الشمس تكون واسعة جداً في ذلك الوقت من اليوم".
وبما أن فيتامين د يتم تخزينه في الأنسجة الدهنية في الجسم، فيمكن أن يظل مخزوناً احتياطياً حتى يحتاج الجسم إلى المزيد، ما يعني أن التعرض للشمس لا يعني بالضرورة زيادة مباشرة لنسبة فيتامين د.
مخاطر التعرض لأشعة الشمس
في المقابل، هناك أدلة جيدة على الفوائد المتعددة للحماية من أشعة الشمس.
وقد حددت كل من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية الأشعة فوق البنفسجية الشمسية باعتبارها مادة مسرطنة مؤكدة للإنسان، حيث ربطتها الدراسات بحوالي 90% من سرطانات الجلد غير الميلانينية وحوالي 86% من الأورام الميلانينية، فضلاً عن شيخوخة الجلد المبكرة.
لقد ثبت على المستوى الجزيئي أن ضوء الشمس فوق البنفسجي يدمر الحمض النووي الخلوي للبشرة، مما يخلق طفرات جينية يمكن أن تؤدي إلى سرطان الجلد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشعة فوق البنفسجية تضر بالعين ويمكن أن تسبب إعتام عدسة العين وسرطان الجفن وسرطانات جلد العين الأخرى، كما أشار مركز أبحاث السرطانات Skin Cancer.
باختصار، التعرض لأشعة الشمس دون وقاية يعرضك لمخاطر صحية.
ما هو المستوى الصحي لفيتامين د؟
إذا قمت بفحص نسبة فيتامين د في جسمك، فهذا ما تعنيه الأرقام:
- أقل من 30: تعاني من نقص فيتامين د، لذلك يجب أن تتحدث مع طبيبك عن المكملات الغذائية.
- 30 إلى 50: غير مناسب بشكل عام للعظام والصحة العامة.
- 50 وما فوق: مناسب (لكن المزيد ليس بالضرورة أفضل).
- 125 وما فوق: مرتفع جداً (قد يكون له آثار ضارة).
مخاطر نقص فيتامين د
يساعد فيتامين د في الحفاظ على قوة عظامك من خلال تنظيم مستويات الكالسيوم الذي يساعد على صحة العظام.
لذلك يمكن أن يعاني الأشخاص الذين يعانون من نقص الفيتامين من أعراض تشمل آلام العضلات وضعف العضلات وآلام العظام.
في بعض الحالات الشديدة، يتسبب نقص فيتامين د في تقليل امتصاص الكالسيوم، ويمكن أن يؤدي نقصه إلى تباطؤ النمو وتليين العظام وضعف بنية العظام، مما يزيد من خطر تشوهات الهيكل العظمي وهشاشة العظام والكسور.
إذاً، هل الحل في مكملات فيتامين د؟
ربما تتساءل الآن إذا كانت العلاقة بين استخدام واقي الشمس ونقص فيتامين د ضعيفة، لكن التعرض لأشعة الشمس ليس وحده ما يوفر فيتامين د كما أن له مخاطر صحية، من أين أحصل على فيتامين د؟
الإجابة واضحة: يمكنك الحصول على فيتامين د من خلال مزيج من النظام الغذائي والمكملات الغذائية.
تعتبر الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل والتونة مصادر جيدة بشكل خاص. توجد أيضاً كميات صغيرة في صفار البيض وكبد البقر والجبن. والعديد من الأطعمة الشائعة مثل الحليب وعصير البرتقال مدعمة بفيتامين د.
كما ينصح بعض خبراء الصحة بتناول مكملات الفيتامينات أو فيتامين د لتوفير ما يحتاجه الجسم.
إذ يحتاج معظم البالغين إلى 600 وحدة دولية من فيتامين د يومياً، بينما يحتاج البالغون الذين تزيد أعمارهم عن 70 عاماً إلى 800 وحدة دولية يومياً.
ورغم ذلك؛ ننصحك باستشارة طبيبك بشأن النسبة اللازم أن تأخذها وفقاً لنسبة فيتامين د في جسدك، وأيضاً وفقاً لحالة جسدك الصحية، خصوصاً إذا كنت تعاني من بعض المشاكل الصحية.
وبما أن فيتامين د قابل للذوبان في الدهون، فمن المهم تناول مكملات فيتامين د مع الوجبة لزيادة امتصاصه.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.