في عصرنا هذا، حيث يزداد الوعي بأهمية التغذية السليمة وتأثيرها على الصحة العامة، تأتي الفواكه في مقدمة المواد الغذائية الموصى بها لما تحويه من فوائد جمّة للجسم. ومع ذلك، يثار التساؤل حول كمية الفواكه المثالية التي ينبغي تناولها يومياً للحصول على تلك الفوائد دون الوقوع في فخ الإفراط الذي قد يتحول إلى ضرر.
يُشدد أطباء التغدية على أن الفواكه، بغناها بالفيتامينات والألياف، تعد مكوناً أساسياً في النظام الغذائي اليومي لتعزيز الشعور بالشبع وتنظيم الهضم، وخصوصاً في معالجة حالات الإمساك. لكن، ما هو الحد الذي يجب ألا نتجاوزه لتجنب التأثيرات السلبية؟
الكمية الموصى بتناولها خلال اليوم
تحديد كمية الفواكه المناسبة لتناولها يومياً يشكل جزءاً أساسياً من نظامنا الغذائي الصحي. وفقاً لتحليل من جامعة هارفارد، يُوصى بتناول خمس حصص يومياً من الفواكه والخضراوات للحصول على أقوى الفوائد الصحية.
حيث تشير الأبحاث إلى أن تناول خمس حصص يومياً يقلل من خطر الوفاة بسبب، أي سبب بنسبة 13%، ومن خطر الوفاة بسبب أمراض القلب أو السكتة الدماغية بنسبة 12% ، ومن خطر الوفاة بسبب السرطان بنسبة 10%، ومن خطر الوفاة بسبب أمراض الجهاز التنفسي بنسبة 35%.
من ناحية أخرى، تُظهر الأبحاث أن كمية الفواكه التي يجب على الشخص تناولها تعتمد على عمر الشخص وجنسه، وطوله ووزنه، بالإضافة إلى مستوى نشاطه البدني.. على سبيل المثال:
يُوصى الرجال البالغون بين سن 19 و30 عاماً بتناول 2 إلى 2.5 كوب من الفواكه يومياً، بينما تُوصى النساء في نفس الفئة العمرية بتناول 1.5 إلى 2 كوب يومياً. تُعد حصة واحدة من الفواكه بشكل عام 1 كوب من الفاكهة أو نصف كوب من الفاكهة المجففة أو 1 كوب من عصير الفاكهة الطبيعي 100%.
يُعد تناول الفواكه بكميات موصى بها جزءاً لا يتجزأ من نظام غذائي متوازن، حيث يمكن أن يساعد في خفض خطر الإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، ويعزز الصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، يُشجع على التنويع في اختيار الفواكه لضمان الحصول على مجموعة متنوعة من الفيتامينات والمعادن والمغذيات الأخرى الضرورية لصحتنا.
السبب وراء تحديد كمية الفواكه
تناول الفاكهة بكميات معقولة يُعد جزءاً أساسياً من نظام غذائي متوازن، لكن من المهم أيضاً فهم تأثير الفركتوز، وهو السكر الموجود في الفواكه، على الجسم. الفركتوز يُمثل مصدر قلق عند استهلاكه بكميات كبيرة، حيث يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية مختلفة.
عندما يتم تناول الفركتوز بكميات كبيرة، يتم استقلابه في الكبد، مما يمكن أن يؤدي إلى تراكم الدهون في الكبد، وهذا بدوره يُعتبر عاملاً رئيسياً في تطوير مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) والمقاومة للأنسولين في الكبد، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
كما يمكن أن يؤدي استهلاك الفركتوز بكميات كبيرة إلى زيادة مستويات حمض اليوريك في الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين ومرض السكري من النوع الثاني.
من ناحية أخرى، تشير الدراسات إلى أن تناول الفواكه بكميات كبيرة قد لا يكون ضاراً بالضرورة إذا كان ضمن نظام غذائي متوازن. في إحدى الدراسات، تم إطعام الأشخاص حتى 20 حصة من الفاكهة يومياً دون ملاحظة أي آثار جانبية سلبية على الوزن أو ضغط الدم أو مستويات الأنسولين والدهون في الدم، وبالعكس، تمت ملاحظة فوائد محتملة.
ومع ذلك، يُظهر هذا أن الاستهلاك العالي للفواكه يمكن أن يكون جزءاً من نظام غذائي صحي إذا كان مصحوباً بتناول كميات كبيرة من الخضراوات أيضاً.
المفتاح هو التوازن والتنوع في النظام الغذائي. الفواكه تقدم العديد من الفوائد الصحية بما في ذلك الفيتامينات والمعادن والألياف. ومع ذلك، من المهم مراعاة كمية الفركتوز الكلية التي يتم تناولها، خاصةً عند الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري أو الذين يعانون من مشاكل في الكبد. استشارة اختصاصي تغذية يمكن أن توفر توجية توجيهات مخصصة ومفصلة حول كمية ونوع الفواكه التي يمكن تناولها بأمان.
الطريقة الجيدة لاستهلاك الفاكهة
استهلاك الفواكه الموسمية يقدم العديد من الفوائد الصحية، ويدعم الاقتصاد المحلي، ويقلل من الأثر البيئي. تناول الفواكه عندما تكون في أوج نضجها يضمن حصولك على أعلى مستويات الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة. على سبيل المثال، الكيوي والحمضيات التي تزدهر في فصل الشتاء تعد مصادر ممتازة لفيتامين C، بينما الفواكه الحمراء والفواكه الغنية بالماء مثل البطيخ والشمام، والتي تنضج في فصل الصيف، توفر فيتامينات A وE.
الفواكه المجمدة تقدم أيضاً خياراً صحياً؛ نظراً لأنها تحافظ على فوائدها الغذائية. ومع ذلك، يُنصح بالابتعاد عن العصائر التي غالباً ما تفتقر إلى الألياف وقد تحتوي على كميات أعلى من السكر مقارنة بتناول الفاكهة الكاملة.
تشير الدراسات إلى أن الفواكه والخضراوات التي تُزرع وتُستهلك في موسمها تحتوي على مستويات أعلى من العناصر الغذائية مقارنة بتلك التي تُنقل عبر مسافات طويلة. علاوة على ذلك، يُساعد شراء الإنتاج المحلي على دعم الاقتصاد المحلي وخلق وظائف للمجتمعات المحلية.
كما أن شراء الفواكه والخضراوات المحلية يُعتبر غالباً أرخص؛ لأنه عندما تكون هناك وفرة من المنتجات، غالباً ما تقوم محلات البقالة التي تدعم المزارعين المحليين بعرض العناصر للبيع.
من الجدير بالذكر أن العديد من الفواكه تقدم فوائد غذائية متميزة عندما تُستهلك في موسمها. على سبيل المثال، الكرانبيري، الذي يُعد من أقوى الفواكه من حيث محتوى مضادات الأكسدة، يظهر بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول ويُمكن تجميده للاستمتاع به طوال العام. الإجاص، والذي يأتي بأكثر من 100 صنف حول العالم، يتميز بغناه بالفولات، فيتامين C، ومضادات الأكسدة البوليفينولية.
للتمتع بفوائد الفواكه الموسمية، من الجيد الانتباه إلى ما هو متاح في الأسواق المحلية. التسوق في الأسواق المحلية يُعتبر طريقة رائعة للتأكد من أنك تحصل على أفضل الفواكه والخضراوات ذات النكهة والقيمة الغذائية الأعلى.