في حين جميع البشر يتقدمون في العمر بنفس الوتيرة والتسلسل الزمني، عاماً تلو الآخر، لكن الحقيقة هي أن كل شخص يتقدم في العمر بيولوجياً بشكل مختلف عن الآخر؛ إذ تلعب الجينات والبيئات التي نعيش فيها وعاداتنا الحياتية وأنماطنا المختلفة دوراً في تحديد وتيرة هذا التقدم العمري البيولوجي.
وبحسب خبراء، يُعتقد أن هناك 4 أنماط رئيسية ومتداخلة للشيخوخة البيولوجية التي تصيب الإنسان، وقد أطلق العلماء على هذه الأنماط اسم "الأنماط العمرية"، وهي التفاصيل التي قد تساهم معرفتها ودراستها جيداً في المساعدة على تحديد عوامل التقدم في السن، والعيش بصحة أفضل ولمدة أطول.
أي جزء من جسمك هو الأسرع في التقدم في السن؟
تختلف الطريقة التي نتقدم بها في السن بشكل فردي، وذلك لأن أجزاء مختلفة من أجسامنا تتقدم في العمر بمعدلات متفاوتة. فكلما زاد عمر جزء معين من الجسم، زادت احتمالية إصابته بمشاكل صحية معينة – ويرتبط هذا بمدى سرعة تدهور خلاياه أو تلفها.
وعلى الرغم من أن عملية الشيخوخة متعددة الطبقات – تتأثر بالجينات والبيئة ونمط الحياة – فقد حدد العلماء 4 طرق رئيسية يتقدم بها بنو البشر في السن، تتوافق كل منها مع جزء معين من الجسم. يُعرف كل من أنماط الشيخوخة المميزة تلك بالنمط العمري.
وبحسب الطبيب كيري أستون، طبيب الروماتيزم المتخصص في طول العمر، هناك بعض الأسباب الرئيسية التي تجعل أجزاء من أجسامنا تتقدم في العمر بشكل مختلف، وهي:
1- دورة حياة الخلايا: الأنسجة والأعضاء المختلفة في أجسامنا لديها معدلات متفاوتة من دورة حياة الخلايا. على سبيل المثال، جلدك لديه دوران سريع للخلايا – فكر في مدى السرعة التي يمكن أن تبدأ بها في التعافي والالتئام بعد أن تجرح نفسك. في المقابل، الخلايا العصبية في الدماغ محدودة القدرة على التجدد مما سيجعلها أكثر عرضة للتدهور المرتبط بالعمر.
2- الإجهاد التأكسدي: الإجهاد التأكسدي هو تلف الخلايا الناجم عن الذرات غير المستقرة المعروفة باسم الجذور الحرة. الأعضاء والأنظمة الأكثر تعرضاً للإجهاد التأكسدي، مثل الجلد والرئتين، قد تتقدم في العمر بشكل أسرع.
3- العوامل الوراثية: قد يكون لدى بعض الأشخاص جينات تجعلهم أكثر قدرة على مقاومة الشيخوخة في مناطق معينة، في حين قد يكون لدى البعض الآخر استعداد وراثي للشيخوخة بشكل أسرع.
4- التأثيرات البيئية: يمكن أن تؤثر خيارات نمط الحياة، مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة والتعرض للسموم، على معدل الشيخوخة في أعضاء معينة. على سبيل المثال، يمكن لممارسة التمارين الرياضية بانتظام أن تبطئ شيخوخة العضلات والعظام، في حين أن اتباع نظام غذائي سيئ يمكن أن يؤدي إلى تسريع شيخوخة الأعضاء الحيوية بالكامل.
ما هي الأنماط العمرية الأربعة؟
حدد الخبراء الأنماط العمرية للبشر من خلال أخذ عينات دم وبراز وعينات بيولوجية أخرى لدراسة مجموعة من الجزيئات في الجسم، والتي التقطت أربعة أنماط واضحة ومتميزة للغاية للتقدم في السن، وهي:
1- النمط العمري الأيضي (التمثيل الغذائي)
هذا النمط العمري يعني أن عملية التمثيل الغذائي لديك تتقدم في السن بمعدل مرتفع مقارنة بأجزاء أخرى من الجسم. والأيض هو مصطلح يصف التفاعلات الكيميائية المعقدة التي تسمح بتحويل الطعام إلى طاقة.
يستخدم الجسم هذه الطاقة لإبقاء الشخص على قيد الحياة، فهي تتيح التنفس والدورة الدموية وإصلاح الخلايا ونموها وهضم الطعام والعديد من الأنشطة الأساسية الأخرى.
وبشكل عام، يرتبط تقدم العمر المرتبط بالتمثيل الغذائي بالسمنة وأمراض القلب والاضطرابات الأيضية مثل مرض السكري من النوع الثاني.
2- النمط العمري المناعي (جهاز المناعة)
يركز النمط العمري المناعي على تراجع جهاز المناعة مع تقدم العمر. ويُعد الجهاز المناعي الصحي والشبابي هو الأفضل في مكافحة العدوى وإدارة الالتهابات (المزمنة) طويلة الأمد.
لذلك، فإن انخفاض نظام المناعة يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض، بالإضافة إلى أمراض المناعة الذاتية مثل مرض السكري من النوع الأول، والتهاب المفاصل الروماتويدي (RA)، والتصلب المتعدد (MS).
قد يهمك أيضاً:
- كل ما تحتاج معرفته عن مرض التهاب المفاصل الروماتويدي
- قد يُسبب إعاقة في الدماغ ويؤثر على الرؤية والحركة والمشي.. ماذا تعرف عن مرض التصلب المتعدد؟
3- النمط العمري الكبدي
يرتبط هذا النمط العمري بعملية شيخوخة الكبد ودوره في إزالة السموم. إذ تتضمن وظيفة الكبد معالجة العناصر الغذائية وتصفية السموم الضارة من الجسم.
وقد يعني النمط العمري الكبدي المتقدم أنه لا يؤدي هذه المهام على أكمل وجه. لذا قد يؤدي تدهور الكبد أيضاً إلى زيادة فرص الإصابة بأمراض الكبد، بما في ذلك تليف الكبد ومرض الكبد الدهني غير الكحولي.
4- النمط العمري الكلوي
النمط العمري الكلوي له علاقة بوظيفة الكلى. فالكليتان عبارة عن مصانع كيميائية قوية تعمل على موازنة سوائل الجسم، وتنظيم ضغط الدم، وإزالة الفضلات، وإنتاج فيتامين د، من بين مهام أخرى.
ويمكن أن تواجه الكلى المتقدمة في السن مشاكل في تصفية المواد الضارة المحتملة، أو تسبب ارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه، أو خلق اختلالات في المعادن الأساسية؛ ما يجعل هناك أيضًا فرصة متزايدة للإصابة بأمراض الكلى.
كيفية استغلال هذه التصنيفات في عيش حياة صحية أطول
الشيخوخة أمر لا مفر منه، ولكن المعدل الذي نتقدم به في السن قد لا يكون كذلك. إذ قد تساهم الكشوفات الطبية على فئات النمط العمري السالف ذكرها على اتخاذ خيارات أفضل لأسلوب الحياة، واكتشاف المشكلات الصحية التي قد تكون أكثر خطورة وعرضة للحدوث بالنسبة لك.
وذلك لأن تحديد العضو الذي يتعرض لأكبر قدر من الضغط والتقدم في السن، وتركيز جهودك عليه، سيوفر أهم الفوائد لصحتك العامة وطول العمر.
على سبيل المثال، إذا كشف الاختبار أن لديك النمط العمري الأيضي المتقدم، مما يشير إلى ارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب، فيمكنك اتخاذ تدابير تعمل على تحسين حساسية الأنسولين لديك، ودعم إدارة الوزن، وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وهذا يشمل:
- تقليل كمية السكر والأطعمة المصنعة التي تتناولها.
- زيادة تناولك للأطعمة الغنية بالألياف.
- ممارسة النشاط البدني المنتظم.
- انتبه إلى وزنك الصحي المناسب.
- لا تدخن أو تستخدم التبغ.
- حافظ على نشاطك الذهني.
- كن هادئاً وتجنب مسببات القلق والتوتر.
- قم بإجراء فحوصات طبية منتظمة.
- احرص على تناول الماء بمعدل مناسب يومياً.