تعدّ قرية تونس الفيوم إحدى القرى الصغيرة الواقعة في محافظة الفيوم بمصر، وتتميز بطبيعتها الساحرة وموقعها الاستراتيجي بالقرب من بحيرة قارون، كما تتمتع القرية بتاريخ غني وتراث عريق يعود لعدة قرون، حيث تشتهر بزراعة الأراضي وتربية الماشية.
وتضم القرية، التي ارتبط اسمها باسم تونس، مجموعة من المعالم الثقافية والأثرية، منها البيوت القديمة ذات الطراز المعماري التقليدي، والمساجد التاريخية التي تعكس جمالية العمارة الإسلامية، كما تتميز بحياة سكانها البسيطة والودية، حيث يعيشون حياة ريفية هادئة تعكس أصالة الثقافة المصرية الشعبية.
فما هي القصة المخفية وراء ارتباط اسم قرية الفيوم بتونس؟ وما هي المعالم السياحية البارزة في القرية؟ وكيف تعكس بيوت القرية العمارة التونسية والتراث المحلي لأهل القرية في آن واحد؟
قصة قرية تونس الفيوم
وفقاً لموقع fayoum travelguide كانت إيفلين بوريه قادمة في رحلة سياحية من سويسرا إلى مصر في منتصف الستينيات بمرافقة والدها القسّ، حين كانت خطتها تتعلق باكتشاف المعالم السياحية فقط، ومن ثم العودة إلى بلادها سويسرا، حيث تدرس الفنون التطبيقية في جامعة جنيف.
وشاء القدر أن تلتقي إيفلين بالشاعر المصري الكبير سيد حجاب، الذي اشتهر بقصائده عن مصر ليتزوجا لمدة 5 سنوات قبل أن ينفصلا، ومع ذلك، لم يعنِ الانفصال لإيفلين بوريه الابتعاد عن مصر أبداً، حيث أصبحت تعتبر مصر بلادها بالفعل.
فحتى حين عادت بوريه إلى بلادها لفترة، سرعان ما جذبها الحنين مجدداً إلى أرض مصر، وأكثر ما أعجبها فيها كانت مدينة الفيوم، حيث أبهرتها الحياة البسيطة لسكان الفيوم بجوار بحيرة قارون، مع الخضرة والطبيعة الخلابة.
اشترت بوريه قطعة أرض في قرية تونس بالفيوم، وأقامت منزلها البسيط عليها، ففي ذلك الوقت لم تكن القرية مزودة بالمرافق الحياتية الأساسية كما في القاهرة على سبيل المثال، لذا عاشت بوريه حياة بسيطة تماماً مثل سكان القرية.
عمارة تونسية على أرض مصرية
وتمتاز قرية تونس الفيوم بطابع معماري يشبه الطراز التونسي، حيث تمّ بناؤها بأساليب تقليدية تشمل القباب البيضاء واستخدام الطين، مع وجود مساحات مفتوحة وفناءات أمام المنازل، ما يوفر حماية لسكانها من درجات الحرارة المرتفعة في المنطقة.
ولا تقتصر هذه الأساليب على الطراز التونسي فقط، بل تشمل أيضاً الطرازين الإيطالي والأوروبي، ما يجعل القرية تبدو كلوحة فنية متناغمة تجمع بين الثقافات المختلفة.
كما يتمتع موقع القرية بميزة جغرافية فريدة، حيث تقع على ضفاف بحيرة قارون، على القمة التي تنحدر نحو شواطئ البحيرة، وهو ما يمنح القرية سحراً خاصاً نادراً ما تجده في القرى المصرية الأخرى، ما جعلها وجهة سياحية محبوبة للمسافرين الذين يبحثون عن جمال الطبيعة وطقسها المعتدل طوال العام.
صناعة الخزف في القرية
بعد أن بنت الفنانة السويسرية إيفلين منزلها الأول في قرية تونس، قامت بتأسيس مدرسة لتعليم صناعة الخزف، والتي تطورت مع الزمن لتُصبح جامعة مفتوحة لكل من يهوى تعلم هذه الحرفة المربحة.
ولأنّها كانت تؤمن بمنتجات قرية تونس، قامت إيفلين بالترويج لها في بلادها، ولم يمضِ وقت طويل حتى تحولت القرية إلى وجهة مفضلة للسياح الأوروبيين المهتمين بفن الخزف الذي يجمع بين التراث المصري والعربي والأندلسي واليوناني والأوروبي في فنونها، ما جعلها تبرز بين منافسيها في هذا المجال.
وتبدأ عملية صناعة الخزف في القرية بجمع العمال للطين الأسواني الخام، وبعد تخميره وتشكيله، يترك للتجفيف تحت أشعة الشمس، ثم يُحمى في فرن حراري يصل درجته إلى 1200 درجة مئوية.
القرية النابضة بالفنّ والحياة
وينبض قلب الحياة الثقافية في قرية تونس الفيوم بالإبداع والفنّ، حيث يوجد متحف للوحات الكاريكاتير، الذي يعتبر أول متحف للكاريكاتير في العالم العربي بدعم وإلهام من الرسام المصري محمد عبلة، وقد تأسس هذا المتحف في مارس 2009، ليكون مركزاً لإنقاذ وتوثيق تاريخ الكاريكاتير والحفاظ على إرثه الثقافي، حيث تتمثل مهمته في جمع وعرض الأعمال الفنية التي نشرت في الصحف والمجلات المصرية والعربية.
بجانب المتحف، يبرز مركز الفنون في الفيوم باعتباره مساحة مخصصة للاحتفال بالإبداع بين الفنانين المحليين والدوليين ويشكل المركز فضاءً للتعليم والتدريب في مجالات الفن التشكيلي، حيث يقدم الدعم والتشجيع للشباب الطموح لتطوير مهاراتهم وتحقيق طموحاتهم الفنية.
الضيافة التقليدية في القرية الزاخرة بالتراث
وتتميز قرية تونس الفيوم بوجود عدة فنادق متميزة، تعكس روح التراث والبساطة في تصميمها وأسلوب الضيافة الذي تقدمه حيث تتميز هذه الفنادق بأجوائها الهادئة والطبيعية الخلابة، وتركز على توفير تجربة مريحة ومميزة للزوار.
بالإضافة إلى ذلك، توفر منتجعات القرية تجربة استثنائية للضيوف، حيث تقع على شاطئ بحيرة قارون الخلابة، وتتميز بمرافق الاسترخاء والعناية بالجسم والعقل.
بالإضافة إلى مجموعة من الشاليهات والفيلات التي تتميز بتصميمها التقليدي ومرافقها الحديثة لضمان راحة الضيوف واستمتاعهم بإقامتهم.