يعاني الكثير من الناس من اضطرابات النوم بعد رمضان، والسبب يعود إلى ساعة الجسم البيولوجية التي اعتادت طيلة شهر كامل على تناول الطعام في وقت متأخر، والاستيقاظ ليلاً للسحور، فكيف يمكنكم إعادة ضبطها والتنعم بنوم هادئ ومريح؟
اضطرابات النوم بعد رمضان بسبب ساعة الجسم البيولوجية
بدايةً دعونا نتعرف على معنى إيقاعات الساعة البيولوجية، والتي تعني أنّ هناك تغييرات جسدية متعددة حدثت في الجسم في أوقات ثابتة خلال كل 24 ساعة.
تمتلك جميع الكائنات الحية تقريباً إيقاعات يومية، بما في ذلك النباتات والكائنات الحية الدقيقة.
عند البشر يتم التحكم في إيقاعات الساعة البيولوجية من خلال ساعة "رئيسية" في الدماغ، وهذه الإيقاعات تبقي الناس متزامنين مع بيئاتهم الخارجية.
تؤثر إيقاعات الساعة البيولوجية على وقت إطلاق الهرمونات، والتي بدورها تؤثر على وقت شعورنا بالتعب والاستيقاظ.
على سبيل المثال، عندما تتعرض العيون للظلام فإنها تنتج هرمون الميلاتونين، ومن ثم فإن الميلاتونين يجعل الشخص يشعر بالتعب والرغبة في النوم.
خلال شهر رمضان ينام معظم الناس في الصباح والنهار، ويظلون مستيقظين في الليل، ونتيجة لذلك يجدون صعوبةً في إعادة توجيه أنفسهم بعد انتهاء الشهر المبارك.
وبالتالي فإن الساعة البيولوجية هي ساعة داخلية تخبر جسمك متى يحين وقت النوم ومتى يحين وقت الاستيقاظ، يتتبع العلماء هذه الساعة عن طريق قياس كمية الميلاتونين المنتشرة في دم الشخص في أي وقت.
كيفية إعادة ضبط الساعة البيولوجية بعد رمضان
يمكنك إعادة ضبط جدول نومك وإيقاعات الساعة البيولوجية من خلال تغييرات نمط الحياة، لأن العوامل البيئية تؤثر على هذه الإيقاعات.
تتأثر إيقاعات الساعة البيولوجية في المقام الأول بتعرض العين للضوء والظلام، ولكنها يمكن أن تتأثر أيضاً بالتمارين الرياضية والأكل وعوامل أخرى.
إذا كنت ترغب في تغيير إيقاعات الساعة البيولوجية الخاصة بك جرّب هذه النصائح.
1- عدّل جدول نومك تدريجياً
عندما تبدأ في تعديل جدولك الزمني ابدأ ببطء، بدلاً من تغيير أوقات نومك واستيقاظك لعدة ساعات في وقت واحد، قم بتعديلها بمقدار ساعة أو أقل كل يوم.
حتى تصل إلى الجدول الزمني المطلوب، بمجرد أن تنام وتستيقظ في الأوقات التي تريدها حافظ على ثباتك كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع وأيام الإجازة من العمل.
وانتبه لأن التغيير الجذري والمفاجئ في جدولك اليومي بين عشية وضحاها يؤدي إلى عواقب سلبية، وقد تعاني من أعراض تشمل صعوبة النوم، والتعب أثناء النهار، ومشاكل في الجهاز الهضمي، وضعف القدرة الإدراكية.
2- مارس التمارين الرياضية
بحسب ما ذكره موقع Cleveland Clinic الطبي الأمريكي، فإن التمارين الرياضية تساعد على إنتاج الميلاتونين، والذي يمكن أن يساعدك على النوم.
ويمكن أن يساعد التمرين أجهزة الجسم الأخرى على المزامنة مع إيقاع الساعة البيولوجية لديك.
ولكن عندما تمارس التمارين الرياضية فإن ما تشعر به يختلف من شخص لآخر.
يمارس بعض الأشخاص التمارين الرياضية في الصباح، لأنها تجعلهم يشعرون بمزيد من النشاط، بالنسبة للآخرين فإنه يجعلهم متعبين، لذلك يحتفظون به لما بعد العمل.
ولكن عليك الانتباه إلى أن ممارسة التمارين الرياضية بالقرب من وقت النوم قد تؤدي إلى تعطيل نومك والتخلص من إيقاعات الساعة البيولوجية لديك، خاصة إذا كنت شخصاً صباحياً.
ومع ذلك، فإن ممارسة الرياضة بانتظام تعزز النوم الصحي، إذا كنت تحاول الاستيقاظ والذهاب إلى السرير مبكراً ففكر في ممارسة الرياضة في الصباح.
3- تجنَّب الكافيين بأنواعه
انتبه إلى الوقت الذي تتناول فيه فنجان القهوة الأخير، شرب الكافيين، وهو منبه، يمكن أن يبقيك مستيقظاً حتى وقت متأخر من المساء، عندما ترغب في الاسترخاء.
إذا كنت من محبي القهوة فكِّر في شربها قبل عدة ساعات من النوم، لأن ذلك قد يؤثر على إيقاع الساعة البيولوجية لديك على المدى الطويل، لذلك حاول أن تحد من كمية الكافيين التي تستهلكها، خاصةً في وقت متأخر من اليوم.
4- قم بتغيير أوقات وجباتك
تماماً مثل مواعيد النوم يرتبط الجوع والتمثيل الغذائي ارتباطاً وثيقاً بإيقاعات الساعة البيولوجية.
وقد وجدت الأبحاث أن تناول وجبات الطعام في أوقات لاحقة يمكن أن يغير إيقاعات الساعة البيولوجية في وقت لاحق، وفقاً لما ذكرته المكتبة الوطنية للطب في أمريكا.
ففي شهر رمضان اعتادت ساعتنا البيولوجية على الاستيقاظ والامتناع عن تناول الطعام والشراب حتى ساعات المساء، وأيضاً اعتادت على الاستيقاظ ليلاً لتناول وجبة السحور.
وبالتالي فإن تناول وجبة الإفطار فور الاستيقاظ وتجنّب العشاء المتأخر يساعد في تغيير إيقاعات الساعة البيولوجية في وقت مبكر.
إذا كنت تريد الاستيقاظ مبكراً فابدأ بتناول الطعام مبكراً، وبمجرد الالتزام بالجدول الزمني الذي تريده حاول الحفاظ عليه ثابتاً، وتناول وجبات الطعام في نفس الوقت كل يوم.
5- تقليل التعرض للضوء الاصطناعي
وبما أن البشر تطوروا ليعيشوا بشكل متزامن مع جدول ضوء الشمس اليومي، فإن التعرض للضوء الاصطناعي مساءً يحدّ من إنتاج الميلاتونين، ويؤدي إلى اضطراب في إيقاع الساعة البيولوجية لديك.
الضوء الأزرق يؤثر بقوة على إيقاعات الساعة البيولوجية، نظراً لأن الأجهزة الرقمية مثل أجهزة التلفاز والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية ينبعث منها ضوء أزرق، فمن الأفضل ممارسة عادة النوم الصحي المتمثلة في تجنُّب ذلك في الساعات التي تسبق النوم.
قد يكون من المفيد أيضاً تعتيم الأضواء الداخلية الأخرى في الساعات التي تسبق النوم.
6- تجنب القيلولة
رغم أنك قد تحب أخذ قيلولة بعد الظهر، فإن تلك الغفوة لمدة ساعة (أو أكثر) يمكن أن تضر بإيقاعك اليومي، عن طريق جعل النوم أكثر صعوبة أثناء الليل.
إذا كنت بحاجة إلى أخذ قيلولة فحدِّدها بـ30 دقيقة أو أقل، وحاول أن تأخذ قيلولة قبل الساعة 3 مساءً.
أي شيء يؤثر على إيقاعات الساعة البيولوجية يمكن أن يعطل ساعتك الرئيسية وجدول نومك، عند تجربته في الوقت الخطأ، وتشمل هذه العوامل:
- قلة التعرض لأشعة الشمس خلال ساعات النهار
- التعرض للضوء الاصطناعي، وخاصةً الضوء الأزرق، خلال ساعات الظلام
- تناول الوجبات أو الوجبات الخفيفة في غير مواعيدها أو في أوقات غير منتظمة
- الذهاب إلى النوم والاستيقاظ في أوقات غير متناسقة
- ممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني آخر بالقرب من وقت النوم
- العمل في النوبة الليلية أو غيرها من أشكال العمل بنظام الورديات
- السفر عبر مناطق زمنية مختلفة
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.