تعد المياه الغازية من بين المشروبات التي استطاعت أن تحجز لنفسها مكانة متميزة على موائدنا، وذلك لأنها توفر تجربة فريدة لمن يتذوقها، من خلال مذاقها، خصوصاً إذا كانت بنكهات مختلفة.
إلا أنه وراء هذا الطعم اللذيذ، هناك بعض الحقائق والتأثيرات الصحية قد تفاجئ الكثيرين، إذ يرتبط استهلاك المياه الغازية بمجموعة من المشاكل التي قد يتم تحفيزها داخل الجسم، يجب الانتباه إليها.
ومع ازدياد الوعي الصحي، بدأ البحث بشكل أكبر عن تأثيرات مختلف المواد الغذائية على الصحة، من بينها المياه الغازية، التي يمكن أن تؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض مزمنة.
علاقة المياه الغازية بالإصابة بالأمراض
هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن المشروبات الغازية المُخصَّصة للحمية هي إما أعظم إنجازات علم التغذية أو الحيلة الأروع للاستمتاع بمشروب غازي خالٍ من السكر، ولا يحتوي على سعرات حرارية قادرة على تسبب ذلك في ضرر صحي.
هناك جزء من هذه الآراء الذي يمكن اعتباره فعلاً صحيحاً، خصوصاً تلك التي تشير إلى أن المياه الغازية لا تحتوي على سعرات حرارية، إلا أن هناك أشياء أخرى قد تكون سيئة، من بينها التلاعب بمستوى الأنسولين في الجسم.
والأنسولين عبارة عن هرمون يُنتَج عادةً في البنكرياس، ويساعد الجسم على استخدام السكر للحصول على الطاقة.
إذ يسود افتراض منذ فترة طويلة بأنَّ جسمك يواجه نفس القدر من الصعوبة في التمييز بين المشروبات الغازية العادية والمشروبات الغازية قليلة السعرات الحرارية، ما يؤدي إلى الإفراط في إنتاج الأنسولين الذي يمكن أن يسبب أمراضاً كثيرة بدءاً من ارتفاع ضغط الدم إلى مرض السكري أو السكتة الدماغية.
وبالمثل، هناك أدلة تشير إلى أن المُحليات الصناعية في المشروبات الغازية الخاصة بالحمية يمكن أن تخدع أدمغتنا المُحبّة للسكر، وتجعلها تعتقد أننا تناولنا سعرات حرارية أكثر مما نحتاج؛ مما يُدخِل هرمونات الجوع لدينا في حالة خلل.
هل فعلاً السكريات الموجودة في المياه الغازية مضرة؟
حسب مراجعة لمجموعة من الدراسات، نُشِرَت العام الماضي، كشفت عن أن استهلاك المحليات "لم يؤدّ بشكل مؤكد إلى زيادة تناول الطعام أو تغيير في تقييمات الشهية الذاتية، كما لم يُلاحَظ أي تغيير ملموس في مستويات الجلوكوز في الدم أو نسبة السكر في الدم بعد الأكل أو استجابة الأنسولين بعد الاستهلاك".
وكل هذا يشير إلى أنه غالباً المخاوف المحتملة قد لا تمثل مشكلة كبيرة كما كان يعتقد خبراء التغذية في السابق.
كما ربما تكون قد سمعت في وقت سابق من السنة الماضية أن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان صنفت الأسبارتام، وهو أحد المحليات الصناعية الأكثر شيوعاً، على أنه "مادة مُسرطنة محتملة".
وقد يبدو هذا سيئاً، لكنه لا يعني أنه جد خطير، وهذا يضع المُحلي في نفس فئة مستخلص الصبار وبعض الخضراوات المخللة.
وجدير بالذكر أيضاً أنَّ الوكالة الدولية لأبحاث السرطان تضع تصنيفات بخطر أعلى عند تناول بعض المشروبات الساخنة، والعمل في نوبات ليلية.
إذاً، تعد هذه أخباراً جيدة لمحبي مشروبات الحمية، لكن من الضروري الإشارة إلى أنَّ هناك دراسة رصدية واحدة على الأقل، التي بحثت في عادات الناس على مدى ثماني سنوات، وخلُصت إلى أنَّ شرب أكثر من 21 مشروباً مُحلى صناعياً أسبوعياً قد يضاعف خطر الإصابة بزيادة الوزن أو السمنة.
ما الذي يحدث في الجسم عن شرب المياه الغازية المحلاة؟
قد تكون إحدى الإجابات هي أن من يشربون المياه الغازية المخصصة للحمية هم أكثر عرضة للقيام ببعض العادات الخاطئة التي تزيد من خطر السمنة، مثل استهلاك الأطعمة المُصنَّعة بشكل متكرر أو الإفراط في تناول الطعام، ظناً منهم أنهم لا يستهلكون سعرات حرارية في المشروبات الغازية المحلاة التي يستهلكونها.
وحسب ما قالته خبيرة التغذية ليزا ريتشاردز لصحيفة "الغارديان"، هناك أشياء أخرى تحصل وهي : "يُعتقَد أنَّ السكرالوز، الذي يوجد غالباً في مشروبات الحمية، هو أحد الأسباب الأكثر شيوعاً للانتفاخ في الجسم، لكن هناك أيضاً بعض الأدلة على أنه يسبب تهيجاً في الجهاز الهضمي ويؤثر في البكتيريا التي تعزز صحة الأمعاء عامةً".
فيما أشارت إحدى الدراسات التي نُشِرَت العام الماضي إلى أنَّ استهلاك السكرالوز، حتى لو كان في حدود الاستهلاك اليومي المقبول بشكل العام، يمكن أن يُعطل ميكروبيوم الأمعاء وقد يؤثر أيضاً في عمل الأنسجة المعوية.
أما حسب ما أشارت إليه دراسة أخرى، نُشِرَت عام 2022، فإن المُحليات الأخرى قد يكون لها تأثيرات مماثلة، وتظل هناك حاجة إلى مزيد من البحث.
فقد أُجرِيَت الكثير من الأبحاث الحالية على الفئران – لكن ربما يكون هذا هو الجانب الأكثر إثارة للقلق في الاستهلاك المنتظم للمشروبات الغازية، إذ يمكن أن يؤدي الميكروبيوم غير الصحي إلى مجموعة من أسوأ التأثيرات على الصحة.
إذاً، إلى أي مدى يجب أن تقلق؟ حسناً، إذا كنت تتناول المشروبات الغازية قليلة السعرات بدلاً من الماء، عدة مرات في اليوم، فربما يكون من الجيد التقليل منها: أياً كانت الآلية المُصنَّعة بها، فقد يضر ذلك بصحتك.
وفي حال كنت تستمتع بهذه المشروبات بكميات أقل، فلا تحتاج للقلق بنفس القدر، ومع ذلك لا يزال الأمر يستحق تجربة مشروبات أخرى التي يمكن أن تحل محلها دون الآثار السلبية المصاحبة.
يمكن أن تكون هذه المشروبات عبارة عن عصير ليمونة في كوب من الماء الفوار، الشيء الذي قد يساعد في الحفاظ على مستويات الأنسولين تحت السيطرة، بجانب أنَّ طعمها لذيذ جداً.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.