تعتبر تجربة تناول الدواء خلال فترات المرض من التحديات الشائعة والبارزة التي يواجهها الكثيرون. إن الالتزام بالعلاج والحفاظ على صحة الجسم يتطلب منا تخطِّي عائق قد يكون صغيراً في المظهر، ولكنه قد يكون كبيراً في التأثير، مذاق الدواء. يُعَدُّ هذا الجانب البسيط والصغير مصدراً للقلق والتحديات، حيث يمكن أن يكون له تأثير كبير على تنفيذ العلاج بشكل صحيح.
من الجدير بالذكر أن العديد من الأدوية تتسم بطعم مُر أو غير مستساغ، مما يجعل تجاوز هذا العائق أمراً أحياناً صعباً. يشير الأطباء والخبراء إلى أن هناك عدة طرق يمكن اتباعها لتسهيل عملية تناول الدواء، بدءاً من استخدام تقنيات تقديم الأدوية بشكل مختلف إلى استشارة الأخصائيين للعثور على بدائل أقل في الطعم والرائحة.
تأتي هذه التحديات في سياق أهمية تناول الجرعات بانتظام وفي الجرعات الصحيحة لضمان فاعلية العلاج. تقوم الشركات المصنّعة للأدوية بالعمل المستمر على تطوير أساليب جديدة لجعل الدواء أقل تأثيراً في الفم، ولكن التحسينات لا تزال تتطلب الكثير من البحث والابتكار.
لماذا مذاق الدواء دائماً سيئ؟
وفقاً للجمعية الكيميائية الأمريكية، يُظهر أن معظم المواد الكيميائية المتواجدة في الأدوية لها جذور نباتية، مما يمنحها طابعاً طبيعياً. يتم تصنيع الأدوية بطريقة تهدف إلى تقليل استخدام المواد الإضافية إلى أدنى حد ممكن، حيث يُفضل تجنب التداخل مع تأثير المكونات النشطة.
في هذا السياق، تأتي إضافة النكهات اللذيذة في سُلم الأولويات بأهمية محدودة ويُعتبر تداولها قد يؤدي إلى مشاكل أكبر مما تحل.
يُعتبر طعم الدواء، الذي يمكن أن يظهر بشكل مُر، عائقاً تم تطويره تطويراً تطورياً ضد تناول المواد السامة. تأتي هذه الآفة في ظل حقيقة أن الأدوية، في كميات كبيرة، يمكن أن تكون ضارة، مما يفسر لماذا يعتبر الكثيرون طعم الدواء طريداً.
ومع ذلك، يجدر بالذكر أن هذا لا ينطبق على جميع الأدوية، حيث يُظهر أن الإيبوبروفين، المعروف أيضاً باسم أدفيل، يمكن أن يكون ذا طعم حلو، نظراً لتغليفه بطبقة من السكر للتقليل من التأثير المحتمل على المعدة وتعزيز تحمله.
عوامل تؤثر على طعم الدواء
تتأثر طعم الأدوية بعدة عوامل، وفهم هذه العناصر يوفر رؤية حول سبب تذوق العديد من الأدوية بشكل غير مستساغ. وفيما يلي تفصيل لهذه العوامل:
- المكونات الفعالة: تحتوي معظم الأدوية على مكونات فعالة قد تكون لها نكهة مرة أو غير مستساغة بشكل طبيعي. هذه المكونات ضرورية لتحقيق التأثيرات العلاجية للدواء، ولكن يمكن أن يكون من الصعب إخفاء طعمها.
- الخصائص الكيميائية: يمكن أن تسهم الطبيعة الكيميائية لبعض الأدوية في الطعم غير المستساغ. والمرارة، على سبيل المثال، هي نكهة شائعة ترتبط بالعديد من الأدوية.
- المواد الحافظة والمثبتة: تتم إضافة مواد حافظة ومثبتة لتمديد فترة صلاحية الأدوية، والتي قد تؤثر على الطعم. يمكن أن تضيف هذه الإضافات مرارة أو طعماً غير مستساغ بعد تناول الدواء.
- اضافة ملونات الطعام: قد تتم إضافة الملونات على بعض الأدوية لتسهيل ابتلاعها أو لمنع انحلالها بسرعة. ومع ذلك، قد لا يخفي هذا الطلاء الطعم تماماً، خاصة إذا تم إطلاق الدواء في الفم.
- أدوية الأطفال: تأتي الأدوية المخصصة للأطفال في شكل سائل وغالباً ما تكون معطرة لتجعلها أكثر ملاءمة للأطفال. ومع ذلك، يمكن أن يكون تحقيق طعم جيد عالمياً تحدياً.
- الامتثال لتعليمات الاستخدام: يعتبر الطعم غير المستساغ أيضاً استراتيجية لردع الاستخدام الخاطئ للأدوية، سواء كان ذلك عن طريق الخطأ أو بشكل متعمد. يعمل الطعم كوسيلة رادعة، تعزز الاستخدام الصحيح والتخزين الآمن.
كيف تجعل طعم الدواء أفضل؟
تتسبب تجربة تناول الحبوب في آلام الرأس للأطباء والمرضى على حد سواء، حيث يفيد أكثر من 90٪ من أطباء الأطفال بأن الطعم الكريه للأدوية يشكل عقبة كبيرة أمام اكتمال العلاج. تتسم هذه المشكلة بأهمية خاصة بالنسبة للأطفال الذين يظهرون حساسية شديدة تجاه المذاق المر حتى في مرحلة المراهقة.
تُعرف الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، التي تستخدم لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية، بأنها تتمتع بمذاق مرير، مما يشكل عقبة كبيرة أمام الالتزام بها، خاصةً بين الأطفال الصغار. للتغلب على هذه الصعوبة، قام بعض منتجي الأدوية بتقديم بدائل للأدوية، مثل دولوتيجرافير، التي تأتي بنكهة الفراولة وتُذوب في الماء.
يتطلع بعض العلماء إلى حلول أكثر شمولاً لمشكلة الحبوب ذات الطعم السيئ. يقوم علماء من كلية الصيدلة في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس باستخدام بيانات من "اللسان الكهربائي" لتطوير نظام ذكاء اصطناعي يمكنه التنبؤ بمرارة الأدوية. يهدفون في النهاية إلى جعل الأدوية أكثر قبولاً، مما يضمن التزام المرضى بخطة العلاج دون مشاكل تتعلق بتناول الحبوب.
نصائح لتسهيل بلع الدواء
إذا كنت تعاني من صعوبة في تناول الدواء بسبب مذاقه، هناك بعض الحيل السهلة التي قد تساعدك في هذا السياق.
أولاً، يمكنك وضع الحبة على الجزء الخلفي من لسانك وابتلاعها بسرعة، مع تناول كوب من الماء.
ثانياً، حاول أن تمسك بأنفك فقط؛ إذ إن حاسة الشم لديك تلعب دوراً مهماً في تجربة مذاق الدواء، حيث تتحكم في حوالي 80٪ مما تشعر به.
وأخيراً، يمكنك تحسين تجربة تناول الدواء عن طريق تغطية الحبة بشيء حلو مثل العسل أو شراب القيقب. وكما قالت ماري بوبينز: "ملعقة من السكر تساعد الدواء على الانزلاق بسهولة".