يصاب الأشخاص الذين يتعرضون للكثير من الصور القاسية، والأخبار المحزنة، على سبيل المثال كما هو الحال في الفترة الحالية، خلال الحرب على غزة، بعد "طوفان الأقصى"، لحالة نفسية تسمى "التخميد العاطفي"، التي تدخل في خانة تأثير ما بعد الصدمة.
والتخميد العاطفي هو عملية عقلية وعاطفية تقوم بإخفاء المشاعر التي تكون جياشة في البداية، ليشعر بعد ذلك الشخص بالعجز فيما يتعلق بالاستجابات العاطفية والتفاعل مع الأحداث.
ما هو التخميد العاطفي؟
عند الإصابة بالتخميد العاطفي، فإنه يكون عبارة عن طريقة واستراتيجية لحماية النفس من المزيد من الألم العاطفي والنفسي والجسدي، بعد التعرض للكثير من الأخبار الصادمة والمؤذية.
إذ إن هذه الطريقة التي يلجأ لها العقل، والتي تدخل في خانة دخول الشخص في مرحلة تأثير ما بعد الصدمة، قد توفر له راحة مؤقتة، لكنها في نفص الوقت تكون من الصعب التعامل معها بالطريقة الصحية على المدى الطويل.
أعراض التخميد العاطفي
يمكن أن يكتشف الشخص أنه يعاني من مشكل التخميد العاطفي النفسي من خلال ظهور عدة أعراض مختلفة، والتي تتمثل في ما يلي:
- عدم القدرة على المشاركة في أنشطة الحياة.
- عدم القدرة على التعبير عن المشاعر.
- الشعور بالبعد أو الانفصال عن الآخرين.
- الشعور بالسطحية جسدياً وعاطفياً.
- مواجهة صعوبة في تجربة المشاعر الإيجابية مثل السعادة.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كنت تستمتع بها في السابق.
- تفضيل العزلة على التواجد مع الآخرين
قد يستخدم الأشخاص الذين يعانون من التخميد العاطفي استراتيجيات لمقاومة مواجهة عواطفهم، حتى وإن كان ذلك دون وعي منهم، فقد يستخدمون سلوكيات التجنب ويبتعدون عن بعض الأشخاص أو المواقف التي كانت اعتيادية سابقاً.
كما أنهم قد يكونون في حالة إنكار كاملة للحالة التي يعيشونها، وهي آلية دفاع شائعة يستخدمها الناس لتجنب المثيرات العاطفية والمشاعر السلبية.
أسباب التخميد العاطفي
هناك مجموعة متنوعة من الأسباب التي قد تجعلك تشعر بالتخميد العاطفي، غير تلك المتعلقة بالتعرض للأخبار السلبية والصورة المحزنة لفترات طويلة، وتتمثل في:
القلق: إذ يكون التخميد العاطفي عبارة عن رد فعل لمستويات التوتر المرتفعة للغاية أو الخوف أو القلق المفرط.
اضطراب الشخصية الحدية (BPD): إذ قد يعاني الأشخاص المصابون بهذا المرض من فترات من الانفصال العاطفي، وقد يشعرون كما لو أن مشاعرهم لا تعبر عنهم.
الاكتئاب: إذ إن الأشخاص الذين يمرون بنوبات اكتئاب قد يكونون أقل انسجاماً مع مشاعرهم، أو يعانون من تبلد في المشاعر.
تناول بعض الأدوية: يمكن أن تكون لبعض الأدوية خصوصاً تلك التي تعالج الاكتئاب والقلق بعض الآثار الجانبية التي تسبب الشعور بالتخميد العاطفي.
الإجهاد: حيث يمكن أن ينجم التخميد العاطفي عن مستويات عالية من الإجهاد والإرهاق العاطفي والجسدي؛ مما يؤدي للشعور بالانفصال عن المشاعر.
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): يلجأ بعض الأشخاص إلى التخميد العاطفي كوسيلة لإدارة الألم العاطفي والجسدي، من خلال تجنب الأفكار أو المشاعر أو المحادثات المتعلقة بحدث صادم.
طرق العلاج المتاحة
هناك مجموعة متنوعة من خيارات العلاج المتاحة التي يمكن أن تساعد الشخص المصاب بالتخميد العاطفي على تقليل مدى حدة الحالة والتعامل مع الأعراض.
إذ إن الهدف الأساسي للعلاج النفسي بشكل كامل هو تحفيز فهم المشكلة وكشف البدائل القابلة للتطبيق والفعالة لحلها.
فقد يدعم العلاج النفسي التعلم واستخدام أدوات التكيف المنتجة، من خلال تعلم كيفية السماح للمشاعر بالظهور ومعالجتها في بيئة العلاج الآمنة.
أياً كان العلاج الذي يتم اختياره، فإن الحصول على المساعدة يمكن أن يوفر لصاحبه مكاناً آمناً للتعبير عن المشاعر والتعامل معها حتى لا يشعر بالتخميد العاطفي بعد الآن.
ومن بين أبرز طرق العلاج المعروفة في هذه الحالة كل من العلاج السلوكي المعرفي، الذي يساعد على التعبير عن المشاعر وفهمها، وفحص مصادر الاستجابة العاطفية.
ثم العلاج بالقبول والالتزام، وهو شكل آخر من أشكال العلاج السلوكي الذي غالباً ما يستخدم مع اضطراب ما بعد الصدمة وغيره من مشكلات الصحة العقلية التي يكون لها خدر عاطفي.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.