بالرغم من أن البطاطس تعتبر واحدة من بين أكثر الأطعمة الرخيصة والمشبعة والغنية بالفوائد الغذائية، وذات طعم يحبه الصغير قبل الكبير، فإنها قد تكون سبباً في التسمم أو الوفاة.
لذلك يجب الانتباه قبل استهلاك البطاطس إلى لونها الخارجي، فإذا تحولت إلى اللون الأخضر فهذا يعني أنه يجب الامتناع عن استهلاكها، أو استئصال المكان مختلف اللون، وذلك بسبب تكوّن مادة سم السولانين بها.
ويتكون هذا السم في البطاطس بعد تعرضها لأشعة الشمس لمدة طويلة، أو عند حفظها في مكان شديد البرودة، إذ إنها تحمي نفسها بهذه الطريقة للدفاع ضد الحشرات.
هذا السم لا يتكون فقط في البطاطس، وإنما في مجموعة خضراوات أخرى، التي تنتمي إلى عائلة الباذنجانيات، وهي الطماطم، والباذنجان، والفلفل.
ما هو السولانين؟
السولانين هو نوع سم ينتمي إلى "جليكوالكالويد"، يمكن أن يحدث بشكل طبيعي في أي جزء من النبات التي تنتج الخضر من عائلة الباذنجانيات، بما في ذلك الأوراق والفاكهة والدرنات، ويمتلك هذا السم خصائص مبيدة للحشرات، لذلك يعتبر أحد وسائل الدفاع الطبيعية للنبات.
وقد تم اكتشاف سم السولانين لأول مرة سنة 1820، بعدما تم استئصاله من نبات الباذنجان الأسود الأوروبي، حيث خضع لاختبارات، وسمي باسمه المتعارف عليه حالياً.
وحسب ما أشارت إليه الدراسات التي أُجريت على الخضراوات التي تحتوي على هذا السم، فإن السولانين يتكاثر في هذه النباتات خلال عملية التمثيل الضوئي، ما يجعل من الخطر تناولها.
طريقة تكوّن سم السولانين في البطاطس
تنتج البطاطس بشكل طبيعي كلاً من السولانين والشاكونين، وهو نوع من جليكوالكالويد ذي صلة، وذلك ليكون آلية دفاع ضد الحشرات والأمراض والحيوانات العاشبة من حولها.
إذ إن هذا النوع من الخضروات يحتوي على نسبة عالية من الجليكوالكالويدات بشكل طبيعي عند الزراعة، خصوصاً في كل من الأوراق والسيقان.
وعند تعرض درنات البطاطس للضوء فإنها تتحول إلى اللون الأخضر، وتزيد من إنتاج هذه المادة السامة المكونة للسولانين.
ويعتبر اللون الأخضر الذي يظهر على البطاطس، والذي يسمى "الكلوروفيل"، غير ضار، ومع ذلك فهو مؤشر على احتمال وجود زيادة في مستوى السولانين الذي يسبب التسمم.
إذ يتطور 30-80% من السولانين داخل الجلد وبالقرب منه، وبعض أصناف البطاطس تحتوي على مستويات عالية من السولانين مقارنة بغيرها.
فيما قد تنتج الدرنات المتضررة أثناء الحصاد أو النقل مستويات متزايدة من الجليكوالكالويدات، وهو رد فعل طبيعي للنبات استجابة للمرض والضرر لحماية نفسها.
جرعة سم السولانين القاتلة
تناول السولانين بكميات معتدلة دفعة واحدة يمكن أن يسبب الوفاة، إذ تشير إحدى الدراسات إلى أن الجرعات التي تتراوح بين 2 إلى 5 ملغم من كل كيلوغرام من وزن جسم الإنسان يمكن أن تسبب أعراضاً سامة.
فيما يمكن أن تكون الجرعات التي تتراوح بين 3 إلى 6 ملغم من كل كيلوغرام من وزن الجسم، يمكن أن تكون قاتلة، وتؤدي إلى الوفاة المحقق.
إذ تظهر الأعراض عادة بعد 8 إلى 12 ساعة من تناول هذا السم، ولكنها قد تحدث بسرعة تصل إلى 10 دقائق بعد تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السولانين.
أعراض التسمم بالسولانين
يعتبر أهم عرض من أعراض التسمم بالسولانين هو اضطرابات الجهاز الهضمي والعصبي، والتي تتمثل في الغثيان والإسهال والتقيؤ وتشنجات المعدة، بالإضافة إلى حرقان الحلق وعدم انتظام ضربات القلب والكوابيس والصداع والدوخة والحكة والأكزيما ومشاكل الغدة الدرقية والتهاب وألم في المفاصل. في الحالات الأكثر شدة يمكن أن يصل الأمر إلى الهلوسة، وفقدان الإحساس، والشلل، والحمى، واليرقان، واتساع حدقة العين، وانخفاض حرارة الجسم، وكل هذه الأعراض تؤدي في النهاية إلى الوفاة.
وذلك لأن هذه المادة الكيميائية تميل إلى التركيز تحت جلد البطاطس إلى جانب الكلوروفيل وأيضاً في البراعم النامية حديثاً، لذلك قد يكون من المستحسن عدم تناول البطاطس الخضراء أو تلك التي بدأت في نمو براعمها.
محتوى السولانين في البطاطس
يختلف محتوى السولانين في الدرنات اعتماداً على عوامل عديدة، إذ تحتوي معظم الأصناف التجارية على أقل من 12 ملغم لكل 100 غرام، إذ تتراوح عادة بين 2 و13 ملغم لكل 100 غرام.
ومن بين العوامل العديدة التي تؤثر على محتوى السولانين في البطاطس نجد كلاً من التنوع والتخضير ودرجة النضج.
فيما يمكن أن يعزى مستوى كبير من التباين في محتوى السولانين في البطاطس إلى الاختلافات في تنوع الدرنات.
وهناك صنف معين قد يزيد أو ينقص في محتوى السولانين مع عملية النضج، ويزيد أو ينقص أو يبقى دون أن يتأثر بالإخصاب، فيما قد تتأثر الأصناف الأخرى بشكل كبير أو طفيف بظروف التخزين.
طرق الوقاية من سم السولانين
يعد الحفاظ على غطاء تربة كافٍ فوق قطعة بذور البطاطس والحفاظ على تلة واسعة بما يكفي لتوسع الدرنات الجديدة تحت الأرض أمراً ضرورياً خلال مرحلة الزراعة.
أما عند الوصول إلى شراء البطاطس فيجب شراء تلك التي لا تحتوي على آثار اللون الاخضر، ومحاولة حفظها في مكان بعيد عن الضوء، أو البرد الشديد، لمنع تكون سم السولانين.
وفي حال تكوّن هذا السم فعلاً يجب الامتناع عن تناول البطاطس، أو إزالة الجزء الأخضر منها، وكل الأطراف القريبة والمحيطة به.
كما يصبح من الضروري غسل البطاطس قبل تقشيرها واستعمالها في الطبخ، وذلك للتأكد من عدم وجود أي مواد كيميائية أخرى قد تؤدي إلى التسمم.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.